يتحدث الروائي سعيد الهاشمي عن روايته الموسومة “الصمود” والصادرة عن دار الهدى للنشر والتوزيع، والتي تتناول واقع المناضلين والمدنيين إبان الثورة التحريرية.
الروائي وعلى هامش حلوله ضيفا على فضاء “بشير منتوري” التابع لمؤسسة فنون وثقافة، قال لــ “الجزائر” أن ماقدم حول الثورة التحريرية في الأعمال الروائية ضئيل جدا، معرجا على مختلف القضايا التي تتعلق بهذا الجنس الأدبي.
يذكر إنه وفي رصيد روايات ”عاشق النور” و”الاحتراق” و”العهد” وكذا مجموعة قصصية ”يوم حزن الملك” ومؤلف حول الحكايات الشعبية، كما إنه تحصل على جائزة الهاشمي سعيداني لجمعية”الجاحظية”.
رواية “الصمود” ترصد نضال المجاهدين ومعاناة المدنيين إبان الثورة التحريرية
رواية “الصمود” الصادرة عن دار الهدى للنشر والتوزيع، جاءت في 495 صفحة، تتناول مرحلة من مراحل الثورة التحريرية، وترصد يوميات الشعب من نضال المجاهدين، وكذا معاناة المدنيين في القرى والمداشر، وهي تتمة لرواية “عشق النور” ورواية “الاحتراق”، أي أنها ثلاثية، تطرقت خلالها لمرحلة قبل الثورة التحريرية، ثم انطلاق الثورة إلى أواخر سنوات 1957.
الكتابات الروائية عن الثورة التحريرية ضئيلة جدا ورواية “اللاز” للطاهر وطار صنعت الاستثناء:
وقال الهاشمي في سياق آخر، أن الكتابات الروائية على الثورة الجزائرية ضئيلة، لأن الثورة التحريرية، نضال، أمانة، معاناة، أحداث… إلخ، وماقرأته سوى لمحات عن هذه الثورة، إلا رواية “اللاز” للطاهر وطار هي التي صنعت الاستثناء.
الروائي لم يزاحم يوما المؤرخ في كتابة التاريخ:
وبخصوص مهمة الروائي، الذي يكتب عن التاريخ، وإمكانية تقاطعه مع دور المؤرخ، قال سعيد الهاشمي، يقوم الروائي، باستخدام التخييل وإعادة بناء المرحلة التاريخية التي يتخذها موضوعا له، بعملية تركيب جديدة للوقائع والأحداث والظرف التاريخي والشخصيات المذكورة، يرمي بأحاسيسه وبكل ثقله ويقدمها بطريقة فنية، مضيفا إليها شخصيات متخيلة تساعده في تأثيث المكان واستعادة حرارة اللحظات الإنسانية والأزمنة الراحلة لشخصياته الحقيقية والمتخيلة.
أما المؤرخ فمادته جافة، وعمله يستند على وقائع تاريخية حاصلة يوثقها فيجعلها متاحة للباحثين، والكتابة التاريخية، تنطوي على الكثير من إعادة بناء الوقائع وتركيب الأحداث لكي تستطيع تأويل المادة التاريخية التي تعمل عليها. وهي بذلك تتقاطع مع الكتابة الروائية وتستعير بعض أدواتها وأساليبها في رسم الشخصيات وتحديد معالم الأمكنة وتأطير المراحل الزمنية التي تدور فيها أحداثها.
تحويل عمل روائي إلى فيلم سينمائي يزيد من عمق الرواية:
وحول علاقة الروائية بالسينما والأعمال الروائية، وإلى أي مدى تخدم الأخيرة عملا روائيا ما، قال الهاشمي، تعمل الرواية والسينما منذ نشأتهما على اختزال الحالات والرؤى والمواقف التي تعبر عن حياة الفرد والمجتمع كل على طريقته، من خلال العمل على تحريك عجلة المشهد الثقافي والمضي به تلقائيا لتغير مثالي في كينونة المجتمع الفكرية ومن ثم الاجتماعية، وكلا من الرواية والسينما ما هما إلا لونين تعبيريين، يغوصان في محاور المضمون ليقدما رؤية عن المجتمع وتداعياته، قد يختلفان في الشكل الخارجي لطريقة توصيل الخطاب، إلا أنهما يلتقيان في توصيل الغاية وتجسيدها.
فالرواية هي ذاك الفن الأدبي الذي يتيح للقارئ الارتحال بذهنه وخياله عبر مجموعة من الجمل والكلمات السردية التي تحتويها، والتي تتضمن حكاية ما، والفن السينمائي هو الفن الذي يستخدم الصور المرئية بشكل متتال وبصيغة احترافية وبشكل متواصل وراء بعضها البعض على شكل شريط بصري يعرض للمتلقي الحكاية ويترجمها من صورة كانت مقروءة ومكتوبة سابقًا فوق صفحات الورق إلى مشهد حي مرئي.
نحن بحاجة إلى حفاظ تراثنا:
بعيدا عن الرواية، قال ذات المتحدث أن تجربة ”حكايات من التراث” الصادر عن دار ”الهدى”، تجربة فريدة، مضيفا أن الحكايات الشعبية هي جزء لا يتجزأ من تاريخنا ومرتبطة ارتباطا وثيقا بشخصيتنا وكذا بعقليتنا وهمومنا، لها نفس أهمية الرواية والمسرحية والأفلام وغيرها، أما عن طريقة عمله فقال إنه يبحث في ”المداشر” والقرى عن الحكايات الشعبية ويصطدم أحيانا بأشخاص يعتقدون أن عصر الحكايات قد ولى ولم يعد له مكان في وقتنا الحالي، إلا أنه يحاول أن يقنعهم بأهميتها في إضفاء الكثير من الدروس والوعي على الفكر والثقافة، كما أنها كانت في الماضي مصدرا لا يستهان به في تقوية الجانب التربوي للأطفال.
وأكد أننا مازلنا بعيدين كثيرا للحفاظ على تراثنا، الذي يعكس جانبا من الثقافة الجزائرية والتراث والمفروض يلقى عناية الكاملة إذا ضيعنا جزء من الثقافة. أمر ضروري لحد الساعة لايوجد مهتمين كثير قلة قليلة المهتمين به.
شاركت في جائزة “كاتارا” سنة 2017 وهذه هي نصيحتي للسياسيين:
وبالحديث عن الجوائز الأدبية، اعترف الروائي انه شارك في جائزة “كاتارا” سنة 2017، أين لم يتم ترشيح ولا اسم من المغرب العربي، داعيا في سياق آخر، السياسيين للاهتمام بالمجال الثقافي لأنه أساس تطور الشعوب، وهو نقطة ضعف يدفع الوطن للتأخر والتخلف أو التطور والازدهار.
صبرينة كركوبة