حذرت الدكتورة داليا غانم، في العلوم السياسية، بمعهد كارنيجي للسلام الدولي؛ من “هوس فرنسا الخطير بالإسلاميين في الجزائر”.وأشارت الباحثة أنه منذ بدء الحراك الشعبي ضد العهدة الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة أخذت الطبقة السياسية في فرنسا تحذر مما وصفته بفخ الإسلاميين وصعودهم إلى القمة بواسطة ركوب موجة الحراك الشعبي .
وتتقدم مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف و لوران فوكييه، رئيس حزب “الجمهوريين” اليميني المحافظ مقدمة هؤلاء السياسيين.
وفِي وقت سابق، حذر الإعلامي الفرنسي المخضرم المختص بالقضايا الإستراتيجية والعسكرية جان دومينيك، في مقال بصحيفة “لوبينيون” الفرنسية من مخاطر استسلام فرنسا لشبح تهديد الإسلاميين ، الذي هو فقط شماعة للإبقاء على نظام جزائري يلفظ أنفاسه الأخيرة .
واعتبر جان دومينيك، أن الموقف الصحيح والسياسة الجديدة التي يجب أن تنتهجها فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى المؤثرة مثل ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، هي مساعدة الجزائر على الخروج من هذا المأزق والنظر إلى نجاح الديمقراطية في تونس أو نجاح الشركات المغربية. لذلك على هذه الدول أن تراهن على أن الجزائر قادرة هي الأخرى على القطيعة مع النظام الحالي والنجاح على الصعيدين السياسي والاقتصادي مع نظام جديد
واعتبرت الكاتبة، في مقال نشرته بصحيفة “لوفيغارو”، أن هذا الرأي الفرنسي نابع من عدم إلمام بالتغيرات الاجتماعية-السياسية في الجزائر؛ ولا سيما تركة العشرية السوداء والصدمة التي خلفتها، وتغير الحركة الإسلامية الجزائرية.
و أضافت الكاتبة أن الجزائريين ينزلون كل جمعة بعشرات الآلاف من بشكل سلمي إلى الشوارع، مرددين شعارات مفادها أن السيادة : “من الشعب وإلى الشعب”.
وأشارت الكاتبة أن أحزاب المعارضة، بما فيها الإسلاميين، لم تلعب أي دور في هذه تعبئة الشارع وإدارة الحراك الشعبي.بل أن الأحزاب الإسلامية نفسها قد انضمت إلى الحراك في وقت متأخر
وانتشرت دعوات الجزائريين إلى اليقظة ضد الالتفاف السياسي، وركوب موجة الحراك الشعبي وأوضحت صاحبة المقال أن مسار الحركات الإسلامية في الجزائر وصعوده إلى القمة ثم نزوعه نحو العنف في التسعينيات لا يزال راسخا بعمق في أذهان المواطنين، لذلك فقد تطعم الجزائريون بشكل تلقائي من كل الحركات التي تستغل الدين والهوية من أجل بلوغ الهدف .
وكانت السلطات الفرنسية قد توقعت في وقت سابق انحراف حراك الجزائر سريعا نحو العنف وانطلاق موجات من اللاجئين باتجاه الضفة الشمالية للبحر المتوسط.
ووضعت باريس التي تراقب الأوضاع عن قرب، سيناريو لتطور الأوضاع في الجزائر بعد أيام من انطلاق الحراك المعارض لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة..
وذكرت إذاعة “فرانس إنفو” أن السيناريو كان يتوقع الأسوأ بعد انطلاق الحراك، وأظهر تخوف الحكومة الفرنسية من تعرض المحتجين لقمع واندلاع أعمال عنف واسعة تؤثر بشكل مباشر على فرنسا..
وتحدث السيناريو عن احتمال انطلاق موجات من اللاجئين عبر البحر المتوسط باتجاه فرنسا، وهو ما دفع السلطات إلى التفكير في تخصيص ثلاث مناطق لاستقبال اللاجئين وتجهيزها بالوسائل الطبية اللازمة.
وقالت الإذاعة إن الحكومة الفرنسية تراجعت عن توقعاتها وباتت مقتنعة الآن بأن الحراك لن يتحول إلى شكل عنيف، وذلك بعد السلمية التي طبعت المظاهرات التي خرجت خلال الأسابيع الماضية ولم تشهد أي أعمال عنف.
رفيقة معريش