– قريبا.. أصدر خامس ديوان شعري بعنوان “خطى على الملح حافية”
يتحدث الشاعر أحمد بن مهدي في حوار مع جريدة “الجزائر”، عن بدايته في مجال الشعر وكيف ساهم القرآن الكريم والزاوية في صقل موهبته وكيف كان للبيئة الصحراوية دور في تنمية شغفه بالأدب والشعر على وجه الخصوص وهو الأمر الذي جعله يتوج هذا الشغف بأربعة دواوين شعرية، خامسهم سيأتي في الطريق.
في سياق آخر، لفت ابن الجنوب الجزائري، إلى حالة الضياع التي تعيشها مدينة أدرار (توات) –مسقط رأسه- وهي التي تتمتع بتراث زاخر، فبالإضافة إلى الأهليل، والبارود… وغيرها، تحتوي أدرار على خزائن من المخطوطات… لكنها تبقى مهملة، وتحتاج إلى من يعيد لها الروح، مشيرا في سياق آخر أن مبدعو وفنانو الجنوب ليسوا أفضلا حالا، ذلك أنهم آخر اهتمامات المسؤولين على الثقافة، مشددا على أنه ينتفض للإنسان أينما كان… فيما يلي نص الحوار:
بداية… من هو أحمد بن مهدي؟
أحمد بن مهدي انسان بسيط بساطة الارض في تواضعها، صاغته من تربة (توات) الأقدار، عصامي التكوين، قرة عينه كتاب، أو بسمة طفل بريئة..
في توات درجت كأترابي الى المدرسة القرآنية، وختمت القرآن مرتين، تربى ذهني على الحكايا الشعبية، وطقوس التراث الادبي و الفني الغنية به بلدتي.. تلقيت في بداياتي الثناء والتشجيع لمنجزي الأدبي من أساتذتي، ثم من قامات أدبية جزائرية معروفة كالدكتور علي ملاحي، والاستاذ الطاهر يحياوي، و الاديب الطاهر وطار رحمه الله.
أسست ناديا أدبيا بأوقروت وفرقة مسرحية في التسعينات، ثم رأست نادي الإبداع الادبي دار الثقافة ادرار، و اختارني زملائي رئيسا للمكتب الولائي لاتحاد الكتاب الجزائريين بأدرار سنة 2015.
ماذا عن الإصدارات؟
أصدرت سنة 2010 ديواني الشعري الأول “أدم ينحت حزنه” على حسابي الخاص، بعد طول تماطل من أحد مسؤولي قطاع الثقافة بأدرار في طبعه، ثم أردفته سنة 2012 بديواني الثاني “تعاشيق الذي رأى” على حسابي الخاص أيضا، كتثبيت قدم، ثم ديواني الثالث “أسارير دمي” سنة 2014، و قد استبعدت نهائيا من ذهني فكرة استجداء أي كان لطبع أعمالي، وفي سنة 2016 أصدرت طبعة ثانية من “تعاشيق الذي رأى” بعد نفاذه من السوق، و في الافق بحول الله ديوان شعري موسوم “خطى على الملح حافية”…
من أشعاري “توات عدت”: أقول فيه:
توات عدت بلا ألق عدا شغفي… لألأته فغدا ربان معتكف
ظمآن يشربني راحا على سغب… حماه تفتك بي، تلتذ بالوكف
لولاه نور رؤى قد صاح بي: أفق… قد آن للوهج التحليق، لا تخف
و اخلع بوادينا نعليك، خذ قبسا… من جذوة برؤاها النور في رهف
توات عدت..وبعض الخطو أغبطه… جذلان يستبق الأشواق في لهف
عدت و بعض الخطو يغبطني… سكران أخطو بلا صحو و لا رشف!!
الملاحظ في أهل الجنوب الجزائري، تفوقهم في الشعر والأدب وفصاحة اللسان… ما سر ذلك؟
ينشأ ابن الصحراء ومنذ الصغر على قراءة القرآن وحفظه، وعلوم اللغة و الفقه بالمحاضر (المدارس القرانية)، والزوايا، لذلك يكسب تلك فصاحة اللسان، ويكبر على صقل ملكته الأدبية، دون اغفال الشغف الكبير في فضائنا الصحراوي المفتوح على كل التجليات بالكتاب، إذ لا يخلو بيت من مكتبة، كل هذا أكسبنا ما أسميته تميزا في لغة منجزنا الأدبي، و الفكرية.
تتميز ولاية ادرار بثقافة وتراث زاخر… برأيك كيف يتم المحافظة عليه وتبيانه؟
أدرار (توات) فضاء متعدد الاثنيات والثقافات، زاخرة بتراثها المادي، وغير المادي، غير أنها أهملت للأسف، فلا يكاد يعرف عنها غير “الأهليل”، والبارود، وكونها محتوية كثيرا من خزائن المخطوطات، دون اهتمام حقيقي بدا الموروث بأوجهه العديدة، حتى أن إنشاء المركز الوطني للمخطوطات، لم يقدم الاضافة المستهدفة من إنشائه، لجملة من الاسباب.
نحن اليوم، بحاجة إلى مشروع وطني للنهوض بثقافتنا، وإعادة النظر في كيفية التعامل معها، لا يمكن النهوض بمجتمع يفتقد ثقافة، أو يستهين بها، المثقف عقل المجتمع، وإهماله اجتماعيا، وسياسيا، وماديا لن يؤدي إلا إلى تكريس سطحية التفكير، والرداءة في المجتمع، وهذا طبعا لن يسمح بتقدم البلد.
.
يعاني الفنان والمبدع في الجزائر من التهميش واللامبالاة، بما فيهم مبدعو وفنانو الجنوب، ونراك تنتفض في كل مرة على اسم فني قدم الكثير للفن في الجنوب الجزائري… ماهي كلمتك لوزيرة الثقافة؟
أنا انتفض للإنسان في كل مكان، ربما لاني ابن أدرار أي الجنوب الجزائري، وتواصلي مع فناني و مثقفي الجنوب، ومعرفتي الشخصية بهم وبما قدموا من تضحيات في أغلب الأحيان مجانا، وكذا بعدهم عن وسائل الاعلام، ومصادر القرار جعلني أمارس انسانيتي و أحاول لفت الأنظار إلى وضعهم المزري، دون التفاتة من أحد، على غرار محمد جلولي الذي أفنى سنين حياته خدمة للثقافة والفن بالولاية، وابن تمنراست صالح دقدوقة……
أتمنى من وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة أن تتكفل بهم، وهذا بعض من واجبها الذي استوزرت لأجله، شخصيا لست جهويا.. لكن هؤلاء أراهم عن قرب و أعرفهم، وإنقاذهم هو إنقاذ لفكر و ثقافة لا نريدها أن تضيع.
كلمة أخيرة؟
بدء اشكر لك هذه الفسحة، متمنيا لكم السداد و التوفيق، وأوجه جزيل شكري لأولئك الذين دأبوا على السؤال عن منجزي، و أثني على كل السواعد الساهرة على بناء هذا الوطن المتخذ من قلوبنا سكنا له، قبل سكنى اجسادنا له، و طبعا سنظل دوما أبناءه البررة الذين هاجسهم نموه، و تقدمه و ازدهاره.
صبرينة ك