تعتبر الصحة المدرسية من المكاسب الهامة التي يحظى بها قطاع التربية الوطنية، إذ تعمل الدولة على تكريسها بتسخير الوسائل المادية والبشرية للحفاظ على الصحة العامة، وتمكين التلاميذ لاسيما الذين يواجهون ظروفا اجتماعية صعبة من الوصول إلى العلاج.
ويستفيد الطفل الذي يواجه مشاكل صحية من المتابعة المستمرة من قبل مصالح الطب المدرسي، ويتم توجيهه إلى المصالح المختصة على مستوى المستشفيات العمومية لتلقي العلاج اللازم، بعد أن يتم كشف حالته من قبل الفرق الطبية للصحة المدرسية.
وفي هذا السياق، سطرت وزارة الصحة برنامجا يهدف إلى حماية وترقية الصحة في الوسط المدرسي الذي يتكفل بصحة التلاميذ ومستخدمي قطاع التربية بصفة عامة، إضافة إلى وجود تعليمة وزارية مشتركة بين وزارة الصحة ووزارة الداخلية ووزارة التربية الوطنية تذكر بمدى أهمية الصحة المدرسية من خلال التشخيص المبكر للتلاميذ، وكذلك التلقيحات والنظافة والتحسيس حيث سيتم فتح وحدات جديدة للكشف والمتابعة.
وتعتبر الجزائر بلدا رائدا فيما يخص الصحة المدرسية، بالنظر إلى عدد الوحدات الصحية المدرسية التي بلغ عددها 2000 وحدة تضم أطقما طبية وشبه طبية للكشف والمتابعة، مضيفا في السياق ذاته، أن “90 بالمئة من التلاميذ يخضعون للتشخيص المبكر للصحة الجسدية وصحة الأسنان والصحة العقلية”.
وتوفر وزارة الصحة الوسائل والإمكانيات لتنفيذ البرنامج الخاص بترقية الصحة المدرسية، على غرار بعض الأدوية المضادة لأمراض المتنقلة، وكذا التلقيحات التي تجري كل سنة مجانا، وتخص تلاميذ الطورين الابتدائي والمتوسط، أي فئة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 .و14 سنة.
وتنظم الهيئة ذاتها بالتنسيق مع قطاع التربية الوطنية مراقبة دورية لصحة التلميذ تشرف عليها فرق طبية مختصة في المجال، هدفها الحفاظ على صحة المتمدرسين، والكشف المبكر عن الأمراض قصد ضمان المتابعة الصحية اللازمة للوقاية من المضاعفات التي قد يتعرض لها التلميذ.
ضرورة ترسيخ تربية وثقافة صحية للتلاميذ
في هذا السياق، شدد أخصائيون وتربويين على وجوب ترسيخ تربية وثقافة صحية للتلاميذ، داعين إلى تكثيف الجهود مع كل القطاعات وتوفير الإمكانيات للتمكن من تشخيص الأمراض المتنقلة في الوسط المدرسي مبكرا والوقاية منها ومكافحتها.
وأبرز في هذا الصدد، عبد الهادي معمر وهو عضو وطني مكلف بالدراسات والأبحاث النقابة الوطنية لمديري المدارس الابتدائية، أنه “استنادا للمنشور الوزاري المشترك رقم 495 /83 والمتعلق بالصحة في الوسط المدرسي ومدى أهميتها على المتعلمين ووقايتهم من مختلف الأمراض وكذا الإخطار التي يمكن أن تصيبهم جراء ارتيادهم للمدرسة حيث تلعب دورا حاسما في تحسين المستوى التعليمي المتعلمين وتحسين وجودة التعليم وذلك بتعزيز التحضير للتعلم بمساعدة الزملاء الأصحاء على التركيز وتحقيق أداء أفضل وبخفض معدل الغيابات والتأخرات حيث تؤدي إصابتهم بالمرض إلى غيابهم الدائم وغير المبرر أحيانا ومنه يؤثر سلبا على الجانب التعليمي”.
وأوضح المتحدث في تصريح لـ” الجزائر” أنه “يمكن تعزيز الصحة في الوسط المدرسي باتخاذ جملة من التدابير والإجراءات والتي يمكن حصرها في النظافة الدائمة للمرافق الصحية كالمغاسل والمراحيض ومراقبة تطهير المياه بشكل دوري وإبعاد كل أنواع القمامة والفضلات وصرف المياه الراكدة وتنظيف القنوات المخصصة للصرف مع تنظيف وتعقيم قاعات الدروس، المختبرات، والورشات والمراقد إن توفرت وتنظيف الأفرشة والأغطية وتعزيز ذلك بتدعيم وتطوير تجهيزات مصالح الصحة المدرسية بإضافة أطباء متخصصين في مختلف الأمراض لتشخيصها ومتابعتها”.
من جانبه، أكد رئيس الاتحاد الوطني لأولياء التلاميذ، عبد الحميد سعدي، أن “الصحة المدرسية مهمة جدا لتهيئة المناخ الملائم لضمان تمدرس ناجح لجميع التلاميذ”.
وأشار سعدي لـ “الجزائر” أنه “توجد في المؤسسات التربوية وحدات مرجعية متخصصة للكشف والمتابعة الطبية للتلاميذ التي تهدف إلى لتكفل الأنجع بالصحة المدرسية”، مشيرا إلى أن “الدولة وفرت إمكانيات من أجل تطوير الصحة المدرسية وجعلها ركيزة أساسية في كل مؤسسة تربوية”.
ودعا المتحدث قطاعي التربية والصحة إلى العمل أكثر من أجل المساهمة في تشخيص المشاكل الصحية والنفسية التي قد يعاني منها التلميذ وتؤدي إلى التأثير على المسار الدراسي للطفل.
صحة وقائية بالدرجة الأولى
كما اعتبر رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، مصطفى خياطي، أن “الصحة المدرسية هي صحة وقائية بالدرجة الأولى موجهة لمعرفة الأمراض التي تواجه المتعلمين”، فيما يبرز تحسين مستوى الصحة المدرسية من خلال تكثيف الجهود مع كل القطاعات وتوفير الإمكانيات للتمكن من تشخيص الأمراض المتنقلة في الوسط المدرسي مبكرا والوقاية منها ومكافحتها.
وأشار خياطي في تصريح لـ”الجزائر” أن “الطب المدرسي يسمح بمراقبة دورية لصحة التلميذ التي تشرف عليها فرق طبية مختصة في المجال، هدفها الحفاظ على صحة المتمدرسين والكشف المبكر عن الأمراض قصد ضمان المتابعة الصحية اللازمة للوقاية من المضاعفات التي قد يتعرض لها التلميذ”.
فلة. س