سنة “سوداء” هي أقل وصف يمكن أن نطلقه على 12 شهرا كاملا عايشت فيه الرياضة الجزائرية واحدة من أسوء فتراتها، فبين انتكاسات في جميع التخصصات سواء فردية كانت أو جماعية وبين العديد من الصراعات الشخصية التي طفت إلى السطح ظلت الرياضة الجزائرية تتخبط في مستنقع السقطات.
استقبل الجمهور الرياضي الجزائري سنة 2017 بصدمة قوية، كان عنوانها إخفاق المنتخب الوطني في البروز بالغابون، ضمن منافسة كأس أمم إفريقيا، وهو الذي كان المرشح الأبرز لحصد اللقب القاري، قبل أن يغادر رفقاء محرز المنافسة من دورها الأول دون تحقيق أي انتصار، ليتوعد بعدها الوزير الأول آنذاك عبد المالك سلال بمحاسبة روراوة، الذي طالته مقصلة الإبعاد بتزكية من وزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي، وتلتها نتائج مخيبة ومتواضعة للبعثة الجزائرية في ألعاب لندن ليفتح وقتها االمسؤول الأول على الرياضة ولد علي، صراعا جديدا مع رئيس اللجنة الأولمبية مصطفى بيراف، غير أن هذا الأخير صمد في وجه الوزير عكس روراوة، وزادت متاعب المنظومة الرياضية بعد فضيحة تجميد نشاط الكاراتيه من طرف الاتحادية الدولية للعبة، ناهيك عن الصراعات في كرة اليد وحتى كرة السلة، واختتمت السنة الكئيبة بفشل “الخضر” للمحلين في بلوغ “الشان” والمنتخب الأول في التأهل إلى كأس العالم بعد مشاركتين متتاليتين، وفي الوقت الذي كانت فيه سنة 2017 تلفظ أنفاسها الأخيرة تجدد الصراع بين رئيس “الفاف” خير الدين زطشي ورئيس الرابطة محفوظ قرباج وهما اللذان دخلا في صراعات متعددة منذ خلافة رئيس أتليتيك بارادو لمحمد روراوة مارس الماضي، واجتمعت كل هذه الصراعات بين الواقفين على الرياضة الجزائرية لتلقي بهذه الأخيرة إلى الهاوية، على أمل تصحيح المسار مع مطلع السنة الجديد وإعادة الهيبة المفقودة للرياضة الجزائرية بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص.
زطشي لم يغيّر شيئا و3 مدربين على رأس “الخضر” للتراجع من المركز 18 إلى 58 عالميا
نال المنتخب الوطني، حصة الأسد في خيبات الرياضة الجزائرية سنة 2017، وتحول الخضر من فريق مرعب للمنافسين، الى فريق متواضع يعجز حتى عن الفوز بالمباريات التي يستقبل فيها على أرضية ميدانه، والأكثر من ذلك فشل المنتخب الجزائري، في تخطي المنتخبات التي أنهكت بلادها الحروب الأهلية، حيث لعب “الخضر” احدى عشرة مباراة منها ثلاث لقاءات في كأس أمم افريقيا مطلع جانفي بالغابون، أين خسر في اثنان وتعادل في واحدة، وخمسة في التصفيات الافريقية المؤهلة الى كأس العالم 2018 بروسيا، أين اكتفى المنتخب الوطني بنقطة أمام نيجيريا في اللقاء الختامي الشكلي، مقابل أربع انهزامات، كما لعب منتخب المحليين مبارتين أمام الجار الليبي، و خاض “محاربوا الصحراء” مباراة واحدة في تصفيات كأس أمم افريقيا 2019 المزمع اقامتها بالمغرب، أمام الطوغو، والتي صنع فيها رفقاء الحارس وهاب مبولحي الاستثناء بالفوز الوحيد سنة 2017، والأغرب من ذلك أن هذه النتائج أتت تحت اشراف ثلاث مدربين لـ”الخضر” وهم جورج ليكانس ولوكاس ألكاراز والناخب الوطني الحالي رابح ماجر، لتواصل الكرة الجزائرية سقوطها الحر الى الهاوية، رغم رحيل رئيس الاتحادية السابق محمد روراوة، الذي خلفه خير الدين زطشي على رأس “الفاف” والذي لم يغير شيء منذ توليه رئاسة أعلى هيئة كروية في الجزائر، ليكون المنتخب الوطني بدون استحقاقات في السنة المقبلة، والتي كاد أن ينهي سابقتها في المركز 64 عالميا بعدما كان في المركز 18 في التصنيف الدولي لـ”الفيفا” وانتظر “الخضر” رحمة من “الفيفا” التي منحته نقطتان بعد اشراك المنتخب النيجيري للاعب معاقب في المباراة الأخير من تصفيات المونديال، والفوز في المباراة الودية أمام افريقيا الوسطى، للعودة الى العشر أوائل في افريقيا والمركز 58 عالميا.
رغم الظلم..”العميد” و”سوسطارة” يحفظان ماء وجه الكرة الجزائرية
وعكس المنتخب الوطني، حافظ عميد الأندية الجزائرية، مولودية الجزائر، وأبناء “سوسطارة” اتحاد العاصمة، ماء وجه الكرة الجزائرية، بالتألق في المحافل القارية، حيث وصل الأول لربع نهائي كأس الكونفيدرالية الافريقية “الكاف” والتي غادرها على يد النادي الإفريقي التونسي، بعدما تعرض للظلم من طرف التحكيم الذي حرمه آنذاك من ضربتي جزاء، وكدا الاعتداءات التي تعرضها فيها لاعبو “العميد” من طرف اللاعبين التونسيين، والتي لم يسلم منها حتى أنصار “الشناوة” حينما اعتدوا عليهم أنصار الافريقي عقب نهاية مباراة الإياب بتونس، فيما وصل الثاني الى نصف نهائي رابطة أبطال افريقيا، والتي خرج من مربعها الذهبي على يد نادي الوداد المغربي، الفائز بالتاج الافريقي، وبالعودة الى الظلم الذي تعرضت له الفرق الجزائرية في المحافل القارية، على غرار مولودية الجزائر، يرجع السبب الى فقدان الجزائر الى وزنها في هيئة الملغاشي أحمد أحمد، بعد رحيل الرئيس السابق للاتحادية الجزائرية لكرة القدم، محمد روراوة، الذي كانت له يد عليا في “الكاف” والتي كان يضمن من خلالها عدم تأثر الفرق الجزائرية، بما يسمى “الكولسة” في المنافسات الافريقية، على غرار وفاق سطيف المتوج برابطة أبطال افريقيا في عهدته سنة 2014، ووصول فريق شبيبة بجاية الى نهائي “الكاف” سنة 2016، وكدا اقتراب فريق اتحاد العاصمة بالتتويج بكأس رابطة أبطال افريقيا، التي خسر نهائي المنافسة على يد نادي “تي بي مازيمبي” الكونغولي سنة 2015.
الأزمة المالية تعصف بالأندية وغيليزان يشتكي “الحقرة”
عاشت عدة أندية في البطولة المحترفة، بقسميها الأول والثاني، أزمة مالية خانقة سنة 2017، بسبب تفاقم أزماتها المالية بدليل عدم تمكنها من الايفاء بالتزاماتها تجاه لاعبيها الذين شنوا حركات احتجاجية، وبعضهم لجأوا إلى اضراب محدود دون أن يتحرك المسيرون لحل المشاكل العالقة، فعلى سبيل المثال، لم يجد لاعبو شباب بلوزداد من حل سوى تحرير رسالة موجهة للأنصار، يحيطون إياهم علما بوضعيتهم المالية الصعبة، والتي عصفت بالفريق الى الدخول في سلسلة نتائج سلبية منذ الجولة الرابعة من الموسم الكروي الجاري، وتشمل هذه الوضعية أيضا الأغلبية الساحقة لأندية الرابطة الأولى سواء منها المعنية باللقب أو تلك التي تصارع من أجل ضمان البقاء، كاتحاد الحراش، الذي وصل بلاعبي “الصفراء” بالتهديد بالرحيل، وشبيبة القبائل التي سحب مسيرو النادي الحالي الثقة من الرئيس محند شريف حناشي، وصنع سريع غليزان الحدث الصائفة الماضية، بعدما لجأ الفريق إلى المحكمة الدولية الرياضية “التاس” بعد رفضه البقاء في المحترف الثاني، بعد خصم الرابطة لـ6 نقاط من رصيده والتي كانت كفيلة بصعوده إلى دوري الأضواء، غير أن “التاس” ردت على إدارة الرئيس محمد حمري، بالسلب، ما جعل السريع يخسر قضيته رسميا في المحكمة الرياضية بسويسرا وبتالي بقي في الرابطة المحترفة الثانية “موبيليس”
عين مليلة تصل العالمية بـ”تيفو” مساندة “القضية الفلسطينية”
خطف أنصار جمعية عين مليلة، الناشط في الرابطة المحترفة الثانية “موبيليس” الأضواء من الفريق، حيث صنع “الأسام” الحدث مؤخرا، بعد أن رسموا “تيفو” بصورة مزدوجة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملك السعودي آل سلمان، والتي وجه بها أبناء “أم البواقي” رسالة معبرين فيها عن سخطهم الكبير، بعد قرار إعلان القدس عاصمة إسرائيل، والتي أثارت الرأي العام، وروّج لها بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا “فايسبوك” كما تحدث الكثير من الوسائل العالمية وحتى الأمريكية، عن خرجة “الأسام” بل ووصل الأمر إلى تحرك السفارة السعودية بالجزائر، والذي سارع الوزير الأول أحمد أويحيى، لامتصاص غضب السعودية، بالاعتذار إلى رئيس مجلس الشورى السعودي، كما كان للاعبي الفريق جزءا من حدث المحترف الثاني، حيث شهدت هذه الأخيرة، سابقة في كرة القدم الجزائرية، والتي تمثلت في إنهاء الوجه الجديد فريق جمعية عين مليلة، لمرحلة ذهاب الموسم الكروي، في صدارة الترتيب، والتتويج باللقب الشتوي برصيد 31 نقطة، والتي صنع به أشبال المدرب بن عمور عمار، الحدث ما جعله يستحق لقب “الحصان الأسود” بعدما لم يكن في الحسبان، وهو الذي خطف ورقة الصعود الموسم المنصرم في الجولة الأخيرة، التي جمعته بنجم مقرة من بطولة القسم الثاني هواة للجهة الشرقية، ليعلن أنصار الجمعية الأفراح التي طال انتظارها، في انتظار الفرحة الأكبر والتي ستتمثل في الصعود الى دوري الأضواء الموسم المقبل، إذا ما أكمل رفقاء الهداف شعيب دبيح، في نفس المستوي خلال الشطر الثاني.
“نهاية إمبراطور” حناشي بعد ربع قرن على رأس “الكناري”
لا يمكن الحديث عن سنة 2017 الرياضية، بدون ذكر حادثة لم تكن في الحسبان، والتي تمثلت في سحب البساط من رئيس شبيبة القبائل، محند شريف حناشي، ليكون إسدال الستار على عهدة دامت ربع قرن لـ”إمبراطور” الكرة في منطقة القبائل، وانتهاء حقبة سادس رئيس لـ”الكناري” عمّر 24 عاما، والتي حقق فيها الفريق تحت قيادته 10 ألقاب، منها 4 كؤوس إفريقية و4 بطولات وطنية ولقبان لكأس الجزائر، وجاءت سحب الثقة من محند شريف حناشي، بعد رفض هذا الأخير التنحي طواعية بعد مطالبات عديدة من عدد كبير من محبي الفريق ولاعبيه القدامى، الذين أدمى قلوبهم الحال الذي صار عليه وضع الفريق، حيث تشكلت ضده جبهة معارضة قوية والتي قامت بعدد من المسيرات في تيزي وزو للمطالبة برحيله، وبذهاب حناشي، تزول “أسطورة” رئيس فريق استهلك 50 مدربا على مدار 24 عاما، وفي سياق الإقالة، فمثل كل موسم يكون المدرب في البطولة الجزائرية كبش فداء، يلجأ رؤساء الأندية إلى تنحيته من منصبه عندما يحقق الفريق نتائج سلبية في مبارياته، لكن الشيء المميز في الموسم الكروي لسنة 2017، هو أن مسلسل إقالة المدربين انطلق مبكرا، حيث لم ينتظر رئيس نادي الطاهر قرعيش، انطلاق الموسم الكروي الحالي، لاقالة ثلاث مدربين، وهم عمر بلعطوي، وعبد الرحمن مهداوي وكما مواسة، ليعود الدفاع الى الاستنجاد بالأول بلعطوي لقيادة الفريق، وعلى مستوى المحترف الثاني، قرر كل من يوسف بوزيدي وعبد الغني جابري ومجدي كردي رمي المنشفة ومغادرة أندية سريع غليزان وأمل بوسعادة وغالي معسكر على التوالي.
ذوو الاحتياجات الخاصة ينقذون الجزائر في ألعاب لندن
خرجت بعثة الجزائر، في الطبعة السادسة عشرة لبطولة العالم لألعاب القوى، والتي جرت وقائعها بالعاصمة البريطانية لندن، صيف 2017، خالية الوفاض من الميداليات، حيث شارك العداء العربي بورعدة في المحفل العالمي في منافسات العشاري، والذي أثرت الإصابة على مستواه خلال الدورة، بددت آماله في احتلال مركز متقدم، وهو الذي كان قد احتل قبلها المركز الخامس في أولمبياد البرازيل في العاصمة ريو دي جينيرو، كما شهدت بطول العالم لألعاب القوى، غياب أمل الجزائر، البطل الأولمبي توفيق مخلوفي، بسبب الإصابة والذي لطالما شرف البلاد، كفوزه بذهبية سباق 1500 متر في أولمبياد لندن 2012، وفضيتي 800 و1500 متر في أولمبياد ريو سنة 2016، وفي وقت عجز بورعدة والبقية في تحقيق ولو ميدالية، حفظ المنتخب الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة، ماء وجه الجزائر في مونديال ذوي الاحتياجات الخاصة بلندن، محرزا المركز السابع عالميا برصيد 19 ميدالية، والتي وضعت زملاء التوأم بقة، في المركز الثاني عربيا وافريقيا، وتوزعت 19 ميدالية التي تحصل عيلها الرياضيين الجزائريين على النحو التالي: 9 ذهبيات و4 فضيات و6 برونزيات، وبهذا تكون المديرية التقنية الوطنية، قد حطمت الرقم القياسي لحصيلة مونديال الطبعة الأخيرة قطر 2015، والتي عادت البعثة الوطنية لذوي الاحتياجات الخاصة بـ11 ميدالية.
عبد النور صحراوي