دخلت الأزمة الحادة بالمجلس الشعبي الوطني أسبوعها الثاني بسبب تعنت الجانبين، نواب الأغلبية البرلمانية ورئيس البرلمان التابع لهم السعيد بوحجة، وتمسك كل طرف بموقفه، وامتدت شرارة هذا الصراع الذي يخفي وراءه حسابات سياسية لتصل إلى الرأس الأول في الحكومة الوزير الأول أحمد أويحيى الذي وجه إليه رئيس المجلس اتهامات خطيرة كونه أحد الفاعلين الرئيسيين في عملية “الانقلاب الأبيض” عليه وفق بوحجة، ما يؤكد وجود أزمة حقيقية بين الجهاز التنفيذي ومؤسسة البرلمان.
رغم أن الأزمة الحاصلة داخل قبة زيغود يوسف انطلقت في البداية كشأن داخلي للبرلمان أو بين قطب الموالاة كما علقت المعارضة على ذلك، إلا أن نهايتها لا يبدو أنها ستتوقف عند مكتب قصر المجلس الشعبي الوطني المطل على الواجهة البحرية للعاصمة، سيما عقب تصريحات الوزير الأول أحمد أويحيى أول أمس، التي دعا من خلالها سعيد بوحجة إلى “الاستقالة” بهدوء بعيدا عن السيناريوهات غير المرغوبة وقول أويحيى كأمين عام للتجمع الوطني الديمقراطي إن شرعية الأمر الواقع أقوى من شرعية الدستور، بمعنى أن رفض غالبية النواب، حوالي 351 نائبا، التعامل مع السعيد بوحجة سبب مقنع لاستقالة هذا الأخير بما أن الدستور في مادته 131 لا يسمح بتنحي رئيس المجلس الشعبي الوطني إلا عبر الوفاة أو العجز أو حالة التنافي، وهو الأمر الذي لا يطرح في هذه الحالة.
ولم يستطع كلام الوزير الأول أحمد أويحيى بقبعة الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي إضافة إلى ما أدلى به الأمين العام لجبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس من بشار، زعزعة السعيد بوحجة من كرسيه على رأس المجلس، الذي يظل متمسك بقوانين الجمهورية التي تسمح له بالبقاء في منصبه إلى غاية نهاية عهدته، ويبدو أن بوحجة تجاوز فكرة اتصال من الرئاسة يدعوه لترك المنصب، لأن رئاسة الجمهورية لا يبدو أنها تريد الدخول في صراع ينبئ بوجود تداخل مؤسساتي في البلاد على مقربة من الانتخابات الرئاسية لسنة 2019.
وقد أطلق رئيس المجلس الشعبي الوطني السعيد بوحجة تصريحات وصفت من طرف العديد من المتابعين بـ “الخطيرة” ضد الوزير الأول أحمد أويحيى، حيث اتهمه في حوارات مع عدة وسائل إعلام وطنية بتدبير عملية شغور سياسي في الجزائر، معتبرا ما صدر عن أويحيي يتناغم مع ما صرح به السفير الفرنسي ومدير جهاز الاستعلامات الخارجية الفرنسية الأسبق برنارد باجولي الذي رافع لرحيل جيل الثورة عن الحكم لتحسين العلاقات الجزائرية-الفرنسية. ويؤكد هجوم الرجل الثالث في الدولة على الوزير الأول أحمد أويحيى عمق الهوة التي أصبحت تشكل المشهد المؤسساتي للدولة وكذلك مستوى الصراعات داخل أحزاب الحكم قبل كل موعد انتخابي مهم، كما أن موقف بوحجة من أويحيى يفند ما ذهب إليه الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان محجوب بدة من أن مهمة دائرته الوزارية هي تنسيق العمل بين الحكومة والبرلمان بغرفتيه لتحقيق استقرار المؤسسات وأن الحكومة تتابع عن “كثب” تطورات الوضع في المجلس الشعبي الوطني.
ويضع المحلل السياسي محمد هناد ما يحدث من تجاذب بين قائد الجهاز التنفيذي والرجل الثالث في الدولة سعيد بوحجة في خانة ارتدادات ما يوصف في العلوم السياسية بآخر مراحل “تفسخ الدولة”، محذرا في نفس الوقت من تحويل الدولة بهذه الصراعات إلى “دولة فاشلة”.
وقال المحلل السياسي البروفسور محمد هناد في تصريح لـ “الجزائر” أنه “حقيقة، المتتبع للأوضاع السياسية في بلادنا يجد صعوبة في فهم هذا التجاذب، من المفترض أن يبقى الشأن شأن المجلس الشعبي الوطني وحده”. وأضاف أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر محمد هناد “هذا المجلس له قانون داخلي يضبط مثل هذه الأمور، من بينها كيفية تعيين رئيسه أو إقالته، ما دخل رئيس الوزراء في الأمر إذاً؟ يبدو لي أن هذه الأمور صارت عادية بسبب غياب رئيس الجمهورية المستمر، غياب يتيح التلاعب بمؤسسات الدولة بحسب رغبات الأشخاص والعصب لا بحسب منطق الدولة”، من جانب آخر، اعتبر محمد هناد ما يقوم به أحمد أويحيى، في إطار “مناورة في سياق الانتخابات الرئاسية المقبلة”.
من جهة أخرى، وبعدما نقلت العديد من المصادر أن رئيس المجلس الشعبي الوطني السعيد بوحجة سيقوم بتقديم استقالته خلال الساعات المقبلة، خرج السعيد بوحجة في تصريح إعلامي قائلا “نعم أعتزم الخروج من البرلمان”، ملقيا باللوم على جمال ولد عباس وأحمد أويحيى بتدبير عملية إبعاده من المجلس الشعبي الوطني.
إسلام كعبش
الرئيسية / الوطني / تصريحات بوحجة ضد الوزير الأول تكشف عمق الخلاف:
الصراع داخل البرلمان ينتهي بأزمة مع الحكومة
الصراع داخل البرلمان ينتهي بأزمة مع الحكومة
تصريحات بوحجة ضد الوزير الأول تكشف عمق الخلاف:
الوسومmain_post