بلعيز: أتمنى أن يحفظ الله الجزائر ويقيها والشعب الجزائري الأبي من كل مكروه”
سقطت أمس باء من الباءات التي طالب الشعب برحيلها طيلة مسيراته المليونية عبر ثماني جمعات متتالية، بإعلان رئيس المجلس الدستوري عبد العزيز بلعيز إستقالته بعد أقل من شهرين عن توليه هذا المنصب.
وجاء في برقية لوكالة الأنباء الجزائرية أمس :”قدم رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيزاستقالته لرئيس الدولة عبد القادر بن صالح بعد أقل من شهرين من تعيينه على رأس هذه الهيئة التي تضطلع بالسهرعلى احترام الدستور وصحة الانتخابات.” و أضافت :”وأبلغ بلعيز أعضاء المجلس الدستوري أنه قدم إلى رئيس الدولة استقالته من منصبه كرئيس للمجلس الدستور الذي باشر فيه مهامه بدء من تاريخ أدائه اليمين الدستورية بتاريخ 21 فيفري 2019.”
وفي رسالته إلى السيد رئيس الدولة دعا الطيب بلعيز “أن يحفظ الله الجزائر و يقيها و الشعب الجزائري الأبي من كل مكروه”
وجاء تعيين بلعيز الذي خلف الراحل مراد مدلسي في هذا المنصب طبقا للمادة 183 من دستور 2016 التي تنص على أنه “يعين رئيس الجمهورية رئيس و نائب رئيس المجلس الدستوري لفترة واحدة مدتها ثماني سنوات” ويذكر أن السيد بلعيز سبق له و أن شغل هذا المنصب قبل أن يعين بعدها وزيرا للداخلية و الجماعات المحلية (من 2013 إلى 2015).
بلعيز و هو من مواليد 1948 بمغنية (ولاية تلمسان) قضى اغلب مسيرته المهنية بقطاع العدالة حيث تدرج على مدار أزيد من 25 سنة في عدة وظائف منها رئيسا لمجالس قضاء كل من سعيدة، سيدي بلعباس ووهران وأخيرا رئيسا أولا بالمحكمة العليا أسندت له سنة 2002 حقيبة وزارة التشغيل و التضامن الوطني، وبعدها وزارة العدل (سنة 2003)، ليكون آخر منصب شغله قبل تعيينه رئيسا للمجلس الدستوري، وزير الدولة، مستشارا خاصا لرئيس الجمهورية.
وبخصوص استقالة بلعيز تنص المادة 81 من القانون الداخلي للمجلس إلى أنه “في حالة وفاة رئيس المجلس الدستوري أو استقالته يجتمع المجلس الدستوري برئاسة نائب رئيس المجلس، و يسجل إشهادا بذلك و يبلغ رئيس الجمهورية فورا”.
ويعد المجلس الدستوري هيئة مستقلة، من مهامها السهر على احترام الدستور وصحة الانتخابات، حيث يشير الدستور في مادته 182 إلى أنه “يسهر على صحة عمليات الاستفتاء و انتخاب رئيس الجمهورية والانتخابات التشريعية ويعلن نتائج هذه العمليات” كما أنه “ينظر في جوهر الطعون التي يتلقاها حول النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية ويعلن النتائج النهائية لكل العمليات المنصوص عليها في الفقرة السابقة”.
ويتكون المجلس الدستوري الذي يتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية من 12 عضوا، منهم أربعة يعينهم رئيس الجمهورية من بينهم رئيس و نائب رئيس المجلس وعضوين ينتخبهما المجلس الشعبي الوطني واثنين آخرين منتخبين من طرف مجلس الأمة واثنين تنتخبهم المحكمة العليا واثنين ينتخبان من مجلس الدولة.
ويعين رئيس الجمهورية رئيس المجلس الدستوري ونائبه لفترة واحدة مدتها ثماني سنوات، فيما يضطلع الآخرون بمهامهم مرة واحدة مدتها ثماني سنوات على أن يجدد عدد أعضاء المجلس الدستوري كل أربع سنوات.
وقبل مباشرة مهامهم يؤدي أعضاء المجلس الدستوري اليمين أمام رئيس الجمهورية والذي يلتزمون من خلاله بالتحلي بالنزاهة و الحياد و حفظ سرية المداولات والامتناع عن اتخاذ موقف علني في أي قضية تخضع لاختصاص المجلس الدستوري.
ووضع الدستور جملة من الشروط التي يتعين توفرها في أعضاء هذه الهيئة، المنتخبين منهم و المعنيين، والمتمثلة في بلوغ سن 40 سنة و التمتع بخبرة مهنية مدتها 15 سنة على الأقل في التعليم العالي في العلوم القانونية أو في القضاء أو في مهنة محام لدى المحكمة العليا أو لدى مجلس الدولة أو في وظيفة عليا في الدولة.
وتنص المادة 185 من الدستور على أنه “يتمتع رئيس المجلس الدستوري و نائب الرئيس و أعضاؤه خلال عهدتهم بالحصانة القضائية في المسائل الجزائية”، بحيث “لا يمكن أن يكونوا محل متابعات أو توقيف بسبب ارتكاب جناية أو جنحة إلا بتنازل صريح عن الحصانة من المعني بالأمر أو بترخيص من المجلس الدستوري”.
الخبير في القانون الدستوري خير الدين بوسماحة:
“بلعيز سيعوض بشخصية وطنية.. وهي بداية رحيل الباءات”
أكد الخبير في القانون الدستوري خير الدين بوسماحة إستقالة بلعيز من على رأس المجلس الدستوري هو سيناريو مخطط له في محاولة للتنازل بصفة تدريجية عن الباءات المرفوضة شعبيا بتعيين شخصية وطنية على رأس المجلس الدستوري ستكون خليفة لبن صالح وهو السيناريو الذي تحاول المؤسسة العسكرية فرضه بطريقة تجسد فيه الإرادة الشعبية، مؤكدا أنه السيناريو الأمثل للخروج من حالة الإنسداد الذي تتخبط فيه البلاد سيما. وأشار بالموازاة مع ذلك أنه وإن كان سيناريو أمثل غير أنه سيصطدم مع الإرادة الشعبية الرافضة للإستحقاقات التي ستجرى يوم 4 جويلية المقبل.
وقال بوسماحة في تصريح لـ “الجزائر” أمس: “إستقالة بلعيز هو أمر إيجابي وإستجابة للإرادة الشعبية التي طالبت برحيل الجميع وسيتم تعيين خليفة له من طرف رئيس الدولة عبد القادر بن صالح وهو المخول دستوريا للقيام بذلك غير أن الكفة سترجح لشخصية وطنية ستحل محل بن صالح لتسيير المرحلة الإنتقالية وستستقيل الحكومة، غير أن الأمور لن تقابل بإيجابية من الشعب الرافض لإستحقاقات الرابع جويلية المقبل لكونها لن تعاد الأمور لنصابها.”
الخبيرفي القانون الدستوري محمد كايس الشريف:
“بن صالح مخول لتعيين خليفة بلعيز وأتمنى أن تكون البداية لرحيل الباءات”
ومن جانبه أبرز الخبيرفي القانون الدستوري محمد كايس الشريف أنه وبعد إستقالة رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز لرئيس الدولة عبد القادربن صالح كافة الصلاحيات ما عدا تلك المنصوص عليها في المادة 104 من الدستور تعيين رئيس جديد للمجلس الدستوري وفقا لما ينص عليه تعيين أعضاء المجلس الدستوري والمكون من 12 عضوا 4 أعضاء معينون من السلطة التنفيذية من الرئيس و نوابه الثلاث و4 آخرون من السلطة القضائية و4 أعضاء من السلطة التشريعية و قال في تصريح ل ” الجزائرأمس” بعد إستقالة بلعيزمن على رأس بن صالح وبصفته رئيسا للدولة أن يعين رئيسا للمجلس الدستوري وفقا للشروط المحددة في الدستوروبمجرد وقوع الإختيار عليه يعين بموجب مرسوم رئاسي “وتابع في السياق ذاته:”وما دامت إستقالة بلعيز تأتي في ظرف سياسي إستثنائي وليس عادي له مدلولات سياسية كبيرة”.
غيرأن هذا لم يمنع كايس الشريف من الحديث عن سيناريوهان الأول المتمثل في تعيين خليفة لبلعيز كواجهة فقط وإستكمال تسييرالمرحلة الإنتقالية بصفة عادية رغم الرفض الشعبي المستمر والمطالب لرحيل الجميع وهو الشعار المرفوع لثماني جمعات متتالية أما السيناريو الثاني والمتمثل في إستقالة بن صالح بعد تنصيب الرئيس الجديد للمجلس الدستوري والذي سيحل محله بصفة تلقائية وفقا للمادة 102 من الدستور ورحيل الحكومة معه سيما إذا ما تم تعيين شخصية متوافق عليها و تلق ترحيبا و إجماعا من الشعب لتسير المرحلة الإنتقالية وهو السيناريو الأمثل لخروج آمن من حالة الإنسداد مشيرا إلى أنه من غير الممكن تعيين خليفة بلعيز من أعضاء مجلس الأمة عكي ما تم الترويج له.
عبد اللطيف عبد المجيد:
“المرحلة الحساسة للبلاد تقتضي تجاوز الدستور واستكمال تجسيد المطالب برحيل كافة الباءات”
ومن جهته اعتبرالخبيرفي القانون الدستوري عبد اللطيف عبد المجيد أن إستقالة الطيب بلعيزمن رئاسة المجلس الدستوري تقتضي أن يتولى نائبة الرئاسة مادام للرئيس نواب واعتبر أن المرحلة التي تمربها الجزائر والتي توصف بإستثنائية تقتضي الإستماع للإرادة الشعبية حفاظا على أمن وإستقرارالبلاد ومؤسساتها و ضمان الخروج الآمن من حالة الإنسداد التي تقبع فيها البلاد وقال في تصريح ل ” الجزائر” أمس” فيه أعمال دستورية وقانونية وأعمال سياسية في الوقت نفسه ولكن في الحالات الإستثنائية التي تمر بها البلاد تجعل من الأمورالسياسية أولوية على الدستورية تجسيدا للإرادة الشعبية وخروجا من حالة الإنسداد بما فيها رحيل الباءات الأربع التي طالب بها الشعب.
كما أكد في السياق ذاته أنه يحق لرئيس الدولة حاليا عبد القادر بن صالح أن يعين رئيسا للمجلس الدستوري وفقا للصلاحيات المخولة له.
زينب بن عزوز