بعد انقضاء موسم حار جدا، عادت الأجواء الخريفية، و عادت نسمات البرد و الأمطار الموسمية التي يشتكي المواطن من نتائجها الكارثية التي تحدث الخسائر المادية و لا سيما في بعض الأحيان تودي بخسائر بشرية، بعد الفيضانات التي جابت بعض المدن الجزائرية مؤخرا و آخرها كان في ولاية قسنطينة و التي عرفت خسائر بالجملة على الطرقات بسبب تحامل مياه الوديان إلى الطريق و هو ما أودى بحياة شخصين لقيا حتفهما من جراء الفيضانات، و بعد هذه الكوارث التي أرعبت الجميع، أصبحت النشريات التي تحذر المواطن من سقوط الأمطار تثير الهلع في نفوسهم خاصة و أن المسالك و المجاري تشهد خللا في ضخها للمياه.
العاصمة تغرق … والمواطنون تحت الصدمة
العاصمة تغرق، هي الكلمة التي عاش على وقعها سكان بلديات العاصمة بسبب الأمطار الأخيرة، والتي اعتبرها البعض القطرة التي أفاضت الكأس وكشفت المستور، ، حيث شهدت العاصمة خلال اليومين الأخيرين تساقط الأمطار بكثافة غير أنها لم تستمر طويلا بين ربع ساعة إلى عشرين دقيقة، مما خلق حالة قلق وهلع في وسط سكان الأحياء التي شملتها الفيضانات و شكلت نقاطا سوداء على مستوى الجزائر العاصمة، و قد نتج عن هذا التساقط انسداد كامل و غلق للطرقات و الشوارع و عدم قدرة المسالك و المجاري على صرف مياه الأمطار التي تساقطت، رغم مشاريع الصرف الصحي التي طرحتها مصالح الولاية.
بلدية حسين داي المتضرر الأكبر
لم تنجو بلدية “حسين داي” من الفيضانات و شهدت حالة الطوارئ، أين غمرت المياه الطرق وارتفع منسوبها مؤديا إلى تسللها إلى بعض المنازل، و نتج عنه أيضا شلل في سير حركة المرور و غلق لشوارع البلدية و محطات الميترو، وحتى المستشفيات لم تستطيع الصمود أمام هذه الحادثة، حيث تعرض ” مستشفى بارني” الواقع بحسين داي للغرق، والذي غمرته المياه في ظل تواجد المرضى ما يجعل الجميع يفكر في احتمالية ما كان سيحدث لو تهاطلت الأمطار لليلة كاملة ؟ و أظهرت إحدى صور التي تداولتها مختلف المواقع الإلكترونية عن الحالة المزرية التي عاشها المرضى و هم في وسط المياه التي تسربت لداخل المستشفى، وتدخل سكان الحي -حسين داي من أجل إجلاء المرضى و فتح المجاري تفاديا لارتفاع منسوب المياه .
رئيس بلدية حسين الداي لـ “الجزائر”:
“عملنا كل ما بوسعنا من أجل السيطرة على الوضع”
وفي تصريح خص به رئيس بلدية حسين داي “عبد القادر بن عبدة” لجريدة الجزائر حول وضعية البلدية و مدى تفاعل أعوان البلدية مع الحالة، قال أن ” سقوط الأمطار هو ظاهرة طبيعة وان مصالح البلدية على كانت الاستعداد بعد النشرة وصلت ليهم إذا تم تجهيز جهزنا كامل الإمكانيات البشرية و المادية ولكن الأمطار كانت أكتر من المتوقع في ظرف قياسي (20 دقيقة).
وأضاف عبده أن كثرة برك المياه وكثافتها كان بسب الأشغال التي شملت محطة الميترو في نقطة حسين داي و التي تركت ورائها بعض النقاط التي غمرتها المياه مؤكدا أن مصالح بلديته قامت بفتح الطرقات في أسرع وقتذ ممكن
كما كشف نفس المتحدث على عدم وجود أي ” خسائر بشرية ولا خسائر مادية كبرى تذكر غير تهدم سقف مسكن على مستوى البلدية وقد باشرت مصالح الولاية بإرسال مقاولين من أجل وضع تقرير حول حالة المسكن و رؤية ما تمكن جبره كضرر”.
القبة والحراش تتحولان إلى مسبح
نفس المشهد تكررفي بلديتا القبة و الحراش،فتساقط الأمطار كشف عن حالة البنى التحتية التي تعاني منها البلديتان و مدى قدرة قنوات الصرف الصحي على بعث المياه بعيدا عن الطرقات و المسالك العمومية، و تناقلت مختلف شبكات التواصل الاجتماعي صورا و فيديوهات حول الحالة التي آلت إليها التجمعات السكنية معلقين على استيائهم من حالة الانسداد و الأشغال التي تقوم بها مديرية الصيانة و الأشغال العمومية، و في ظل الحادثة فقد تم غلق محطة الميترو و التي تربط خط الحراش- باش جراح وهذا لتمكين فرق التدخل من الوصول بسهولة إلى عين المكان و مباشرة مهامهم، و سارع أبناء بلدية الحراش إلى ضخ المياه و سعوا إلى فتح القنوات باستعمال اسلاك معدنية لتسريع مجرى المياه في انتظار وصول السلطات المعنية، هذا ما يفسر تكاثف الجهود بين السلطات المحلية المعنية و المواطن. كما آل نفس الوضع على بلدية القبة أين شكلت الأمطار سيولا جارفة غمرت أغلب شوارع البلدية وأدت إلى تسللها إلى بعض المنازل وبعض المحلات التجارية و سارع السكان المحليون على إخلاء الطريق من المارة و السيارات و محاولة فتح المجاري.
تصريحات الوزير نسيب في مهب الريح
وكان الوزير قد أكد أن “العاصمة محمية من الفيضانات بفضل خاصة الهياكل و المنشآت المائية و تهيئة للعاصمة”. حيث أن “كل الهياكل التي أنجزت في العاصمة خلال السنوات الأخيرة سمحت بضمان تأمين كلي من ظاهرة الفيضانات وبتساقط قطرات من الأمطار لدقائق معدودة، ذهبت وعود الوزير نسيب في لمح البصر بعد أن عاش سكان العاصمة في وقت متأخر م من أول أمس ، حالة من الرعب نتيجة غمر المياه للطرقات، والمنازل، وتوقف وسائل النقل كالميترو والترامواي وحتى الحافلات عن العمل.
ولاية الجزائر تطمئن المواطنين .. وتوضح الأسباب
وفي ظل عمليات التدخل الفوري التي باشرتها مصالح الولاية بالتنسيق مع الأعوان المجندين على مستوى البلديات و كذا مصالح الحماية المدنية و الشرطة و من خلال عمليات التنظيف التي قام بها عمال النظافة أثناء تنظيفهم لمجاري المياه فقد وجدوا الكارثة التي أدت إلى انسداد مجاري الصرف الصحي، والسبب كان جلود الأضاحي التي ألقيت في هذه القنوات بالرغم من الحملة الوطنية التي أطلقت من أجل جمع جلود الأضاحي و كذا رميها في الأماكن المناسبة، وهذا ما يلخص الأمر أن السلطات المحلية القائمة لا يمكن لوحدها أن تحل المشاكل و الأزمات دائما، ففي هذه الحالة كان من الممكن تجاهل رميها في مثل هذه الأماكن و الاستجابة إلى الحملة الوطنية من أجل زرع ثقافة بيئية معاصرة و تفادي كل التصرفات غير اللائقة.
وفي هذا السياق أكدت مصالح ولاية الجزائر على تجنيدها و تسخيرها كل الإمكانيات البشرية و المادية و إن وصل الأمر إلى المناوبة الليلية تحسبا لمثل هذه الكوارث، بالتنسيق مع مصالح الشرطة المحلية و أعوان الحماية المدنية، و بعد التدخلات التي باشرتها مصالح الولاية و على رأسهم والي الولاية و بالعمل مع مختلف رؤساء البلديات التي شهدت فيضانات “جزئية” كما وصفتها الولاية في البيان الذي نشرته على صفحتها لعد نهاية عملية التدخل، فقد وقف كل المسئولون حتى آخر دقيقة ساهرين على إرجاع الأمور إلى مجاريها و فتح الطرقات، كما أظهرته الصور التي جاءت إلى جانب نفس البيان و صرحت أن الجهود جاءت بتدخل الفرق المشتركة لكل من: اسروت، سيال، نات كوم و اكسترانت و الأشغال العمومية و الحماية المدنية، كما أعلمت أن عمليات التدخل تواصلت إلى غاية الساعة الثانية صباحا.
ف. س / ياسين. س