تعرف العلاقات الجزائرية الفرنسية في الأشهر الأخيرة، مرحلة من الجمود لم تشهدها خلال الفترة السابقة التي كان يتولى من خلالها الرئاسة فرونسوا هولاند، حيث أن الزيارات الرسمية انقطعت منذ مدة ولم تتفق الدولتان على زيارة رئاسية لإيمانويل ماكرون إلى الجزائر بسبب مرض الرئيس بوتفليقة، هذه كلها عوامل جعلت البعض يتساءل عن مستقبل العلاقات بين باريس والجزائر خلال حقبة ماكرون.
لا تزال الزيارة التي من المفترض أن يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر لم ترسم بعد، وهي التي تحدث الجدل لما يتم الحديث عن واقع العلاقات الجزائرية الفرنسية لأنه لم يسبق لرئيس جمهورية فرنسي خلال سنوات حكم الرئيس بوتفليقة ” شيراك، ساركوزي، هولاند ” أن قفز على زيارة الجزائر خلال رحلاته الأولى خارج فرنسا، وهذا ما لم يحدث مع إيمانويل ماكرون الذي لقي دعما غير مباشر من السلطات الجزائرية خلال حملته الانتخابية التي فاز من خلالها برئاسة الجمهورية الفرنسية متغلبا على زعيمة اليمين المتطرف ” مارين لوبان ” في الدورة الثانية، ولم تشهد الجزائر أو فرنسا حصول زيارات وزارية بين الحكومتين في انتظار الدورة الرابعة للجنة الحكومية رفيعة المستوى المرتقبة في باريس شهر ديسمبر المقبل التي ينتظر أن تحرك المياه الباردة في ملفات التعاون الجزائري الفرنسي، ومنذ اللقاء الشهير بين الوزير الأول الأسبق المقال عبد المجيد تبون مع نظيره الفرنسي إدوارد فيليب خلال عطلته بفرنسا الصيف الفارط، وما حدث بعدها من ” غضبة ” الرئيس بوتفليقة عليه وإقالته واستبداله بأحمد أويحيى علامة على برودة حبل العلاقات بين باريس والجزائر، علاقات تنتظر دفعة من أعلى المستوى لتحسينها في المرحلة المقبلة.
وكتب المحلل السياسي الفرنسي بيار لوي ريمون حول العلاقات بين باريس والجزائر خلال الأشهر الأولى من تولي ماكرون لسدة الرئاسة بالقول أنه ” أراد ماكرون فتح الطريق فعلا أمام عهد جديد من العلاقات كان سيدشنه في حال وصوله إلى سدة الرئاسة، أصبحت الصحافة الفرنسية تردد في شبه إجماع أن ماكرون، بعد انتخابه رئيسا أدار ظهره للجزائر وسط سلسلة متعاقبة من الزيارات المبرمجة عربيا هذا الشهر إلى المغرب وتونس ودول الخليج “، مضيفا أنه ” كان الرهان قائما على ما يمكن أن يجنيه الطرفان من أرباح مشتركة، منها، فضلا عن تكثيف الشراكات الاقتصادية، تعزيز التعاون الأمني لمكافحة الإرهاب وأيضا رسم استراتيجيه مشتركة لضبط الهجرة. كان الرهان مبنيا على سيناريو طبيعي كلاسيكي يعتمد على نقاط قوة سياسية خارجية يراد لها أن تكون فاعلة. سيناريو بدا محكما إذن غاية الأحكام “.، واعتبر المحلل السياسي الفرنسي ما يحصل حاليا من جفاء في العلاقات بين الجهتين ” دوامة من المزايدات الكلامية لا أول لها ولا آخر “. مستطردا في ذات الوقت ” لم يعد السؤال كيف الخروج منها بقدر ما أصبح كيف نؤسس مقاربة عملية لشراكة جزائرية فرنسية تواكب عصرها، إذن، تعيد تاريخا مضى إلى ماضيه وتكتب لتاريخ المستقبل مستقبله. لتأسيس هذا التاريخ الجديد نملك كلمة سحرية، وقد ذكرناها في هذا المقال، إنها الجيل الجديد، وهي كلمة المرور إلى بناء التقارب الفرنسي الجزائري المنتظر في القرن الحادي والعشرين. انه تقارب لا بد أن يصبح تنفيذه من أبرز ركائز سياسة ماكرون الخارجية إذا أراد لها فعلا أن تكون سياسة جديدة ترمي بالاسطوانات المشروخة إلى مزبلة التاريخ “.
إسلام كعبش