لم تمر قضية اقتناء أصول المجمع النفطي الأمريكي أناداركو بالجزائر من قبل مجمع توتال مرور الكرام على الكثير من المتتبعين للشأن السياسي والاقتصادي، سيما بعد الاجتماع الذي عقده مدير سونطراك محمد عرقاب مع نظيره من توتال دون ان يكشف عن مصير اناداركو لحد كتابة هذه الأسطر، الأمر الذي زاد من حجم التأويلات، حول مستقبل 23% من إجمالي الإنتاج الوطني من المحروقات الذي تنتجه اناداركو بالشراكة مع سوناطراك.
ولم تكد تمضي أيام قليلة عن إعلان شركة “توتال” يوم 5 ماي الماضي بأنها وقعت على اتفاق ملزم مع شركة أوكسيدانتال من أجل اقتناء أصول المجمع النفطي الأمريكي أناداركو بالجزائر، غينيا، الموزمبيق وجنوب إفريقيا، بقيمة مالية تقدر بـ 8ر8 مليار دولار حتى سارع الكثير من المتتبعين في الجزائر للتحذير من الخطوة التي سيقدم عليها المجمع الفرنسي المتزامنة مع الوضع المترهل وحالة من الانسداد السياسي تعيشه الجزائر منذ 22 فيفري.
الفرنسيون سيمتلكون أكثر من 35 بالمائة من إجمالي الإنتاج الوطني من المحروقات !
وبلغة الحسابات، نجد أن شركة أناداركو تتصدر ريادة المستثمرين الأجانب في الجزائر وأقدمهم باستثمار فاق 2 مليار دولار منذ أن وقعت أول عقد لها في عهد حكومة مولود حمروش عام 1989، وتنشط في الكتلتين 404 و 208 بمساهمة تقدر بـ 23 بالمائة في حوض بركين (حقول حاسي بركين و أورهود و المرك) حيث تملك شركة توتال 25ر12 بالمائة منه، حيث بلغ إنتاج هذه الحقول خلال سنة 2018 ما يقارب 320.000 برميل معادل نفط.
و من هذا المنطلق، يعتبر كثيرون منح الجزائر موافقتها على إتمام صفقة أناداركو للجانب الفرنسي هو بمثابة منح صفقة على طبق للفرنسيين للاستحواذ على نسبة كبيرة من الاستثمار في حقول النفط في الجزائر تصل نسبتها أو تفوق 35 بالمائة، فبعد أن تتمكن توتال من خلافة النسبة التي كانت تنتجها أنادركو بالجزائر والمقدرة بربع مليون برميل بالشراكة مع سوناطراك ما يمثل 23% من إجمالي الإنتاج الوطني من المحروقات، سيرتفع انتاج الفرنسيين كثيرا على اعتبار ان المجموعة الفرنسية توتال هي في الأصل مستثمرة في الحقل المعني بالبيع في حاسي بركين، وتحوز منذ 2018 على 12% من أسهمه، وهو ما يعني انه وفي حال حدوث الصفقة ستتمكن توتال من حيازة نسية كبيرة من أصول الحقل الجزائري والذي ستبقى أغلبيته 51% دوما في يد سوناطراك، ما يمكنها من أن تعتلي ريادة المستثمرين الأجانب في الجزائر.
سوناطراك بين سندان الحل الودي ومطرقة حق الشفعة
وإذا كانت الإجراءات القانونية هي من تفصل في النزاعات القائمة، يبدو ان الجزائر تتحاشى الدخول في نزاع قانوني مع شركة توتال، حيث أظهرت خرجة عرقاب الأخيرة أن مصالحه تعول كثيرا على الحل الودي بدل اللجوء للتحكيم الدولي الذي دائما ما يعطي الأولوية للشركات البترولية، وبالتالي فان اللجوء لحق لتوقيف الشراء قد يكبد الجزائر خسائر مالية معتبرة.
عمر حمادي