الجمعة , نوفمبر 22 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / المحلي / عيد الأضحى بقصبة الجزائر: :
الفرحة تختلط بالفوضى وعدم احترام خصوصية المكان

عيد الأضحى بقصبة الجزائر: :
الفرحة تختلط بالفوضى وعدم احترام خصوصية المكان

واجهت مؤسسة النظافة لولاية الجزائر نات كوم ضغط يوم عيد الاضحى بتسخير 52 حمارا لحمل النفايات خارج أسوار القصبة و 125 عون نظافة و 5 شاحنات مختلفة الأحجام (16 طن و 12 طن) عملوا منذ الساعة الخامسة صباحا دون توقف في كامل أرجاء بلدية القصبة قصد “التصدي” للنفايات التي لا تتحملها الأزقة و الممرات الضيقة.
تتغير ملامح أزقة و دروب المدينة القديمة بالجزائر العاصمة “القصبة” باقتراب عيد الأضحى المبارك بتعلق الكبار و الصغار بأضاحي العيد التي باتت تنافس المارة و المتجولين, في مشاهد اختلطت فيها الفرحة بالفوضى و عدم احترام الخصوصيات العمرانية للمكان التاريخي، حيث تزاحم الخرفان مداخل المنازل دون حرج من أصحابها و تتخذ من مقابض الأبواب الخشبية العتيقة, مربطا آمنا يحفظها من الضياع وهذا أمام مرأى شباب و أطفال الحي الذين يحيطون الأضحية بكثير من الفضول و التعاليق عند مدخل حي سوق الجمعة بالقصبة السفلى.
و يزداد حماس السكان المقبلين على ما يطلق عليه في العاصمة ب “العيد الكبير” حيث شوهدت الساحات المربعة الشكل التي تتوسط الشوارع وقد تحولت إلى إسطبلات صغيرة تجمعت فيها أضاحي الجيران, بعدما كانت قبل حلول هذه المناسبة مكانا مفضلا ووحيدا لصبيان القصبة للعب كرة القدم. وفي تلك المساحة الصغيرة تكدست الأعلاف و تراكمت الأوساخ في انتظار أن يتطوع أحدهم لجمعها.
وقد ابدت سيدة في الخمسين من عمرها استيائها من تواجد الكباش مدة طويلة في ازقة القصبة معتبرة ذلك سلوكا “غير مناسب” لضيق المساحة. فيما عبر شاب آخر عن تقبله لهذه الظروف. و يرى الحاج زوبير مولوج (75 سنة) بصفته مقيم قديم بالقصبة, أن هذه الأخيرة تعيش ايام العيد وحتى بعده حالة “فوضى” لا يتحملها كبار السن و الاوائل ممن عرفوا “العصر الذهبي” للمدينة. ويقول إن القصبة معروفة بضيق مساحتها و المقيمين فيها تبنوا سلوكا اجتماعيا يقوم على التعاون و التعايش و المشاركة في كل الامور المتصلة بالحياة الجماعية, في إشارة منه إلى مسألة النظافة و تقسيم المهام و احترام السياق العام للمكان.
و يضيف عمي زوبير أن القصبة زمان لم تكن “تعج” بالكباش في كل مكان, مع أن الأطفال كانوا يفرحون بالكبش و يزهون به مع الجيران, إلا أنها ضمن ساعات معينة و بمعية الكبار الذين كانوا يقتنون الأضحية يومين قبل الموعد و ليس أسبوع أو اثنين كما هو حال اليوم.
ويضيف شارحا أن العائلات كانت تضع كبشها في وسط الدار أو في بيت الصابون و هي غرفة كانت مخصصة لغسل الملابس تتداول عليها النسوة.
و يتذكر الحاج زوبير بكثير من الحنين تفاصيل يوم النحر, و يستغرب كيف أصبحت بطانة الخروف (الهيدورة) تلقى في المزابل بعدما كانت تشكل ثروة حقيقية لربات البيوت و كمادة أولية (الصوف) لصناعة الوسائد و الأفرشة.
و تقول الحرفية شناز ابراهيمي أن أجواء العيد في القصبة اليوم لا تختلف عن ما هو سائد في كامل المجتمع الجزائري و أن المقيمين في المدينة القديمة لا يعيرون اهتماما لخصوصيتها سواء من حيث الحفاظ على العادات الحميدة في التعامل مع الأضحية و توخي النظافة التي أصبحت عنصرا “يستصغره الجيل الجديد”, مشيرة إلى انسداد المجاري المائية جراء إلقاء كل أنواع الفضلات بما فيها البطانات و عدم احترام ساعات رمي النفايات في النقاط المحددة قبل مرور عمال النظافة. كما نبهت المتحدثة إلى أهمية وجود مصادر الماء في القصبة أو الأعين المشهورة عند كل درب أو تقاطع الشوارع كعين بئر جباح و عين بئر شبالة و عين سيدي امحمد الشريف” و غيرها من منابع القصبة التي كان دورها مزدوجا إما سقاية المارة أو تنظيف المحيط عقب عملية النحر.

أعوان النظافة: “فرسان” يرافعون من أجل قصبة أنظف دائما

قافلة “فرسان القصبة” هم أعوان النظافة التابعين لمؤسسة نات كوم المسخرين على مدار العام لتنظيف أرجاء المدينة باستعمال وسائل عمل (مكانس و “الشواري” أي سلال الحمير) تكاد تكون بدائية لكنها تناسب الهيئة العمرانية لهذا المكان و تعدادهم 18 كناسا و 25 فارسا و 36 حمارا موزعين على 11 منطقة وفق خنفوسي عبد الله رئيس فرقة الكناسين .
كانت “النظافة سيدة أهل القصبة” يقول خنفوسي الذي كان متواجدا رفقة فرقته بالقصر العتيق “خداوج العمية”، بينما اليوم تتسع رقعة النفايات باقتراب العيد وبعد العيد يتضاعف ريتم العمل إلى 4 جولات تنظيف في اليوم الواحد.
وعن الإرهاق الذي يصيب الدواب كما الإنسان أكد ميلودي مراد وهو رئيس فرقة الدواب (الحمير) أنه أحيانا من شدة ثقل “الشواري” تخور قوى الدابة الواحدة و تسقط أرضا رافضة السير مجددا ما قد يدفع بالعامل إلى إفراغ الحمولة من على ظهرها.
و يقوم ميلودي و زملائه بدوريات تصل إلى 15 مرة و يفرغونها دواليك في شاحنة من 20 طن تملئ عن آخرها. و رغم وسائل الوقاية الموفرة لهم من قفازات و كمامات لتفادي الروائح الكريهة إلا أن المواطنين “لا يحترمون المواقيت” على حد قوله.
أما العون العيد خليفي فيؤكد بدوره أن عدد البطانات المرمية عند مدخل المنازل و في الحاويات تزايد في السنوات الأخيرة, وهي تزيد من تعب المهمة.
و تدعم الأرقام التي أعلنت عنها نسيمة يعقوبي المكلفة بالإعلام لدى مؤسسة النظافة لولاية الجزائر نات كوم, ما قاله أعوان النظافة وأوضحت أنه في الأيام العادية تفرز قصبة الجزائر 30 طن يوميا من النفايات بينما في عيد الأضحى المنصرم فقد تم جمع 200 طن خلال يومين وهو يدل على خصوصية هذه المدينة و حجم ما يخلفه المقيمين بها.
جدير بالذكر ان مدينة الجزائر القديمة الواقعة في الجهة الغربية من المدينة الحديثة و المشهورة ب “القصبة” هي تجمع سكني يظهر في شكل مدرج من الأعلى وصولا إلى الأسفل عند مشارف البحر الأبيض المتوسط و هي مدينة تمتد على مساحة 105 هكتار يقطنها 60 ألف نسمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super