مع تصاعد جرائم الكيان الصهيوني عبر استهدافه لمنازل المدنيين بغزة، يكثف الصحفيون والمصورون الموجودون بغزة، جهدهم لتوثيق الأحداث المأساوية التي يمر بها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر الجاري.
ويحاول الصحفيون هناك أن يكونوا بمستوى الحدث لنقل الكلمة الصادقة المعبرة عن تطلعات الشعب الفلسطيني وليكونوا عين الحقيقة المجردة أمام العالم، وهذا التحدي المفروض يجعلهم عرضه يومية لاستهداف الكيان الصهيوني وتعرض حياتهم للمخاطر.
ولم تثن تهديدات الكيان الصهيوني الصحفيين واستهداف عائلاتهم وتخريب مقرات مؤسساتهم، أحدا منهم في المضي قدما لكشف الحقيقة أمام العالم تحت قصف متواصل، ومن ناقلين للخبر تحولوا إلى خبر أو جزء منه، ليصبحوا عناوين لمجازر المحتل الغاشم.
وهناك من قدرت له الحياة إلى اليوم لنقل تفاصيل مقتل أفراد من عائلته مثلما فعل المراسل وائل الدحدوح الذي صور وهو ينقل جثامين أفراد عائلته بسترة الصحافة.
فمنذ الوهلة الأولى لخبر استشهاد عدد من أفراد عائلة مراسل قناة الجزيرة القطرية في غزة، وائل الدحدوح، امتلأت واجهات منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك بصوره وهو يقف بشموخ أمام جثامين زوجته وفلذات كبده، وتداعت المنشورات من مختلف أنحاء العالم ، في مواساة الدحدوح في مصيبته، وصارت كلمة “معلش” التي قالها في سياق حديثه عن الحادثة من أكثر الكلمات رواجا على منصات التواصل الاجتماعي.
كما استطاع الصحفي والمنتج، معتز عزايزة، توثيق كل ما يتعرض له المدنيون في القطاع، بما في ذلك أسرته، التي استشهدت على يد الكيان الصهيوني.
ومعتز عزايزة هو من الصحفيين المعروفين في قطاع غزة، لكن زادت شهرته مع توثيقه للجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني في حق المدنيين والأطفال بغزة، وفي الوقت الحالي تصدر”ترند “، بعد استمراره في تغطية الأحداث رغم فقدانه 15 فردا من أسرته بسبب قصف الاحتلال لمنزله.
ويواصل الكيان الصهيوني خرق كل الاتفاقيات الدولية التي تضمن حقوق الصحفيين أثناء تأدية مهامهم خلال الحروب كاتفاقية جنيف، ورغم كل البيانات التنديدية من مختلف التنظيمات الصحفية الدولية والعربية، إلا أن الصحفيين مستهدفون في قطاع غزة، ضمن دائرة العدوان الإسرائيلي وسياسة القتل الممنهج لعين الحقيقة، بعد أن تمكن هؤلاء من إسقاط إدعاءات المحتل الغاشم أمام العالم، وتقديم روايات تخالف ما تقدمه شبكات إعلامية دولية تقف إلى جانب المحتل لطمس الحقيقة.
وقد أكدت مختلف الهجمات الكيان الصهيوني التي استهدفت بيوت الصحفيين ومقرات عملهم، أنهم يشكلون اليوم وأكثر من أي وقت سابق خطرا على السياسة العامة لعدو يسعى لارتكاب أبشع وأكبر الجرائم في مقابل تعتيم إعلامي وطمس للحقائق، ويبدو أن صحفيي فلسطين قد أعلنوا الحرب هم أيضا ضد العدو، عندما أقسموا بنقل الحقيقة مهما كانت الظروف، واقع وثقته الكثير من مقاطع الفيديو والنقل المباشر للكثير منهم وهم يركضون هربا من القصف، أو يمشون لمسافات طويلة على الأقدام لتصوير الخراب وظروف العيش القاسية.
وقد حذرت نقابة الصحفيين الفلسطينيين من ارتكاب قوات الاحتلال الصهيوني مجازر بحق الصحفيين في قطاع غزة، في ظل انقطاع الاتصالات وشبكة الانترنت، وتوسيع عمليات القصف الجوي والمدفعي.
وشددت النقابة في بيان أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أن الاحتلال الذي قتل حتى الآن أكثر من 24 صحفيا في غزة وعشرات من عائلاتهم، ودمر عشرات المؤسسات الإعلامية، وقصف عشرات المنازل لصحفيين، إنما تم ضمن سياسة ممنهجة بقرار رسمي لكي يرهب الصحفيين لمنع نقل جرائمه للعالم.
وناشدت كل المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة “لأخذ خطورة التبرير المسبق لجيش الاحتلال للمجازر ضد الصحفيين بأقصى درجات الجدية”، وأن “لا تنتظر لكي ترسل التعازي بفقدان شهود الحقيقة بل أن تتحرك فورا ودون أي مواربة، ونقول لهم كفى للمواقف الخجولة التي تكيل بمكيالين وتساوي بين الضحية والجلاد”.
الإعلام له دور جوهري في إدارة الحرب
أكد أستاذ علوم الإعلام والاتصال، بجامعة الجزائر3، العيد زغلامي، أن للإعلام دور جوهري في إدارة الحرب والمعروف أن الحقيقة هي الضحية الأولى في الحروب.
وأوضح زغلامي في تصريح لـ”الجزائر” أن “الكيان الصهيوني يقوم بانتقاء كل الصور التي تخدمه ولا تظهر حقيقة جرائمه البشعة في مقابل يقوم الإعلامي الفلسطيني والعربي بمجهودات جبارة من أجل إظهار الصورة الحقيقة لتفادي المغالطات وهو ما يشكل عاملا مهما في نشر الوعي وإطلاع الجمهور على جرائم الكيان الصهيوني وتعمده قتل النساء والأطفال”.
وأضاف المتحدث أن “التضليل الإعلامي موجود بعدة وسائل وعدة طرق منها الشبكات الاجتماعية، أو عن طريق تكنولوجيات الإعلام والاتصال، من خلال بث السموم ونشر أخبار غير حقيقية غير أنه يمكن مواجهة ذلك بحضور وسائل الإعلام وتوثيق الصور بشكل مستمر ودائم”، مشيرا إلى أن “الكيان الصهيوني أصبح يراوغ فيه لتضليل الرأي العام”.
وأبرز أن “الإعلام الغربي يقوم بشيطنة المقاومة وكل من يحمل العلم الفلسطيني أو يؤيد فلسطين أو يدعو إلى عدم إبادة الفلسطينيين، ولذلك على الإعلام العربي تحصين الجبهة والإلتزام بالإعلام الهادف التقدمي ضد كل هيمنة واستعمار لتحقيق ما يعرف بالأمن الإعلامي”.
فلة. س