شرعت الجزائر منذ أسابيع بإعادة تقييم مختلف اتفاقيات الشراكة التي عقدتها في السابق مع الدول والتكتلات الاقتصادية، ويسعى كل قطاع من القطاعات الاقتصادية، بتقديم مقترحاته حول التعديلات التي يجب أن تجرى على هذه الشراكات بعد أن كانت تصب في أغلبها في مصلحة الشريك الأجنبي وليس الجزائر، وتعديلها وفق ما يسمح بخلق شراكة حقيقية مبنية على مبدأ “رابح-رابح” وسيتم عرض تلك المقترحات على الحكومة قريبا للنظر فيها.
شرعت مختلف القطاعات في تقييم اتفاقيات الشراكة التي أبرمتها الجزائر مع عدد من الدول والتكتلات الاقتصادية منذ فترة، بعد أن أثبتت عدم نجاعتها، وبعد أن أثبتت السنوات أنها كانت اتفاقيات تصب في مصلحة الشريك وليس الجزائر، فعدد من تلك الاتفاقيات قد أبرم في وقت لم تكن الجزائر فيه قادرة على التفاوض من منطلق قوة نتيجة الظروف السياسية والأمنية التي عاشتها سابقا خاصة في العشرية السوداء وبعدها بسنوات، غير أنه اليوم وحسب الخبراء فالجزائر تمتلك القدرة للتفاوض ومن منطلق قوة بعد تغير الأوضاع في الجزائر نحو الإيجابي، سواء من الناحية الأمنية أو السياسية وفي مختلف المجالات الأخرى، إضافة إلى وجود إرادة حقيقة لدى السلطات العليا في البلاد في إحداث القطيعة مع الممارسات السابقة سواء ما تعلق بالمسائل الداخلية أو في علاقات الجزائر مع الخارج سيما منها علاقات الشراكة، خصوصا مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد دعا إليه رئيس الجمهورية في تصريحات سابقة، وهو ما يجعل المفاوض الجزائري يمتلك القدرة على التفاوض من منطلق قوة ويحصل على امتيازات أكثر من غيره، ويجعل من هذه الشراكة التي سوف تكون “شراكة حقيقة ومربحة فعلا”.
الخبير الإقتصادي، أحمد طرطار:
“الجزائر تخلصت من الظروف التي كانت تجعلها تقدم تنازلات أثناء الإتفاقيات”
وقد أكد خبراء اقتصاد أن توجه الجزائر نحو إعادة النظر في هذه الاتفاقيات في الفترة الحالية “قرار صائب”، حيث أكد في هذا الصدد الخبير الاقتصادي، أحمد طرطار في تصريحات سابقة لـ”الجزائر” أن “توجه الحكومة إلى إعادة النظر في علاقات الشراكة الجهوية والثنائية في الفترة حاليا قرار صائب”، خصوصا ما تعلق بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وقال إن “الجزائر تخلصت من الأوضاع والضغوط التي كانت تجعلها ترضخ وتتنازل عن امتيازات ضمن هذه الشراكة، وهي اليوم في موقف قوة للتفاوض والحصول على امتيازات أكثر من غيرها”.
وأوضح الخبير ذاته، أن “ظروف الشراكة مع بعض الأطراف خاصة منها الاتحاد الأوروبي كانت استثنائية، في سنة 2005، حيث كانت الحكومة وكأنها مجبرة على إبرام اتفاق الشراكة، وكانت تركز على أن عقد ذلك الاتفاق سوف يتم فتح آفاق كبيرة مع الاتحاد الأوروبي، لكنه في الحقيقة كان اتفاقا جد مجحف في حق الجزائر، والحصة التي كانت تأخذها الجزائر كان يتم توزيعها نهاية جانفي بداية فيفري، وكانت هنالك لوبيات تحتكر السلع وترفع من أسعارها، ما كان يتسبب في النهاية في ارتفاع أسعارها بالجزائر إلى أضعاف سعرها الحقيقي، كما أن حجم المبادلات كان محددا، وأغلب السلع كانت تنفد بعد ثلاثة إلى أربعة أشهر”.
وقال الخبير الاقتصادي ذاته، إن “كل الممارسات التي كانت ضمن هذا الاتفاق والتي كانت تضر كثيرا بالجزائر، تفطنت إليها السلطات اليوم، أضف إلى ذلك تغير الأوضاع في الجزائر نحو الإيجابي، سواء من الناحية الأمنية أو السياسية وفي مختلف المجالات الأخرى، وهو ما يجعل المفاوض الجزائري يمتلك القدرة على التفاوض من منطلق قوة ويحصل على امتيازات أكثر من غيره، ويجعل من هذه الشراكة مربحة فعلا”.
وأشار طرطار إلى أن العديد من الشراكات التي كانت موجودة كانت تسيطر عليها لوبيات تتحكم في السوق وهي لوبيات كانت مرتبطة بـ”العصابة”، غير أنه اليوم وبتغير الظروف التي كانت تجعل الجزائر في موقف ضعف وتجعلها تحت ضغوط تقيد من مجال التفاوض لديها، أصبحت أكثر قوة، وهو ما جعل السلطات تفكر في إعادة النظر في مختلف الشراكات اليوم، وجعلها شراكات إيجابية تخضع لمنطق “رابح-رابح”.
وتجدر الإشارة إلى أن وزير التجارة، كمال رزيق، قد أكد أول أمس، خلال لجة استماع بلجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية بالمجلس الشعبي الوطني لعرض مشروع القانون المتضمن الموافقة على الاتفاق المؤسس لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية الموقع بكيجالي –روندا- في مارس 2018، أن قطاع التجارة قام بعمليات تدقيق وتقييم تجاري للاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد الأوروبي، وينتظر أن تقوم عدة قطاعات أخرى باستكمال عملية التقييم للاتفاقيات المذكورة وإبداء مقترحاتها ليتم رفعها أمام الحكومة للنظر فيها.
وتم إعداد تقييمين للاتفاقيات، يتعلق الأول بتبادل منتجات خارج قطاع المحروقات واعد الثاني على أساس تبادل منتجات تتضمن المحروقات التي ستساعد على ترجيح الميزان التجاري لصالح الجزائر.
رزيقة.خ