تتوالى التطورات داخل حزب جبهة التحرير الوطني، فبعد “استقالة” مفاجئة للأمين العام السابق جمال ولد عباس بحجة “العطلة المرضية طويلة الأمد” ثم إعلان بعض الأطراف عن عودته لاسترجاع مفاتيح مقاليد الحزب فور استرجاع أنفاسه.. جاءت التحركات المضادة داخل الحزب العتيد بوتيرة أسرع لتقلب الطاولة على ولد عباس ومن معه وتفرض قيادة جماعية مصغرة برئاسة معاذ بوشارب.
تم أمس الأحد، بعد الظهر بمقر الحزب في حيدرة، تنصيب الهيئة المسيرة لحزب جبهة التحرير الوطني بإشراف رئيس الغرفة السفلى للبرلمان معاذ بوشارب كمنسق للهيئة الموحدة، وتتكون هذه الهيئة من أعضاء من المكتب السياسي ونواب وهم ليلى الطيب ومحمود قمامة وسعيدة بوناب وسعيد لخضاري ومصطفى كريم رحيال إضافة إلى سميرة بوراس كركوش، وبالتالي تم فتح المجال لحل المكتب السياسي السابق الذي عينه جمال ولد عباس، وتسلمت مهامه هذه الهيئة التنفيذية الجديدة.
مالت كفة ميزان الصراع داخل الحزب، الذي دام عشرة أيام فقط، بصفة نهائية إلى جهة رئيس المجلس الشعبي الوطني معاذ بوشارب الذي صعدت قيمة اسمه في البورصة السياسية بطريقة محيرة، بعدما كان مجرد نائب ومناضل غير مرغوب فيه خلال عهدة الأمين العام الأسبق عمار سعداني.
قرر “الأفالان” طي صفحة جمال ولد عباس نهائيا من سجل الحزب، بعدما أعلن عن صيغة سياسية جديدة تقوم بتسيير “الحزب-الجهاز” والتحكم في زمامه في فترة سياسية حساسة، وإلغاء الأمانة العامة للحزب مؤقتا إلى غاية تنظيم مؤتمر استثنائي ستوكل له مهمة اختيار قيادة جديدة، وسيشرف رئيس الغرفة السفلى للبرلمان معاذ بوشارب على تسيير هذه الهيئة خلال الأشهر المتبقية عن موعد الانتخابات الرئاسية بطريقة حذرة تتحاشى التهور السياسي الذي كان عليه ولد عباس خلال قيادته للأمانة العامة للحزب لمدة سنتين كاملتين.
وبمجرد التقاط اسم هذه الهيئة الجديدة التي يقودها بوشارب، والمسماة بـ “القيادة الجماعية” فإن العارف لتاريخ الحزب خلال فترة الحزب الواحد أو ما بعد التعددية سيتأكد للوهلة الأولى بأنها صيغة “مبتدعة” في حزب كـ”الأفالان” معروف بمركزية ووحدة قراره، حيث لم تكن هذه الطريقة محفوظة في الذكر كما يقولون، ولم يتم الوصول إليها في عز الأزمات التي عصفت بالحزب في السنوات الماضية وتتمثل هذه الصيغة في هيئة قيادية جماعية تتكون من مجموعة مصغرة من الأعضاء، على شكل نواة، حاولت الجهة التي عينتهم مراعاة بعض المقاييس المهمة في عمل هذا النوع من الهيئات، من بينها التوازن الجهوي إضافة إلى أمور أخرى، من بينها مبدأ التناصف بين الجنسين (3 رجال و3 نساء) امتثالا لنص الدستور كما قال بوشارب، ولكن في الحقيقة للحفاظ على التوازنات التكتيكية داخل الجبهة.
وبغض النظر، على أن الصيغة الجديدة المستحدثة وهي “القيادة الجماعية” غير منصوص عليها في لوائح وقوانين حزب جبهة التحرير الوطني فإن تسليم قيادتها لمعاذ بوشارب يطرح أكثر من علامة استفهام (اسمه كان متداول في أروقة الحزب لتسيير المرحلة المقبلة) لكون الرجل لا ينتمي للجنة المركزية للحزب وليس عضوا بالمكتب السياسي فضلا على أنه ليس الرجل الأكبر سنا من بينهم، وهو صاحب الـ47 ربيعا، وبالتالي فإن معيار النضال أسقط نهائيا من سوق الأسهم في حزب جبهة التحرير الوطني الذي مزقته الصراعات بين مختلف الأقطاب لعشريات متتالية.
وخلال الفترات السابقة التي عرف فيها “الأفالان” تصدعات وأزمات حادة، انعكس فيها الصراع في السلطة على الحزب فإنه لم يتم التوجه نحو تبني قيادة جماعية مهما كان شكلها، وكانت التصحيحيات تقود دائما إلى وضع أمين عام جديد على رأس الحزب وإسقاط الرأس السابق من الحلبة، رغم أن ارتدادات المعركة كانت تبقى مشتعلة إلا أنها لم تؤثر على مجريات الأمور المتحكم فيها دوما من وراء الستار بأيدي تعرف نسج خيوط اللعبة جيدا.
إسلام كعبش
الرئيسية / الوطني / بوشارب يقلب الطاولة على ولد عباس:
القيادة الجماعية المؤقتة “البدعة” الجديدة في “الأفالان” !!
القيادة الجماعية المؤقتة “البدعة” الجديدة في “الأفالان” !!