أكد الناقد والكاتب لونيس بن علي بأنه قارئ للأدب، ويدرّس النقد الأدبي، ويدعي أنه يساهم في تهذيب الأذواق، وفي بناء الوعي من خلال الأدب الإنساني، ومن حين إلى حين يناقش الكُتب التي أقرأها، ويحاول أن يشرك غيره وليمة القراءة، مضيفا أن خوضه في السياسة لا يعدو أن يكون أكثر من تنفيس عن غضب داخلي من الأوضاع التي آلت إليها البلاد والعباد، من خلال فهمي البسيط لبعض آليات التفكير السياسي. فأصدرتُ كتابا كان ثمرة لهذا التطفل الخجول.
وأوضح لونيس بن علي قائلا: لقد قرأتُ منذ أيّام كتابا مهما للراحل عمار بلحسن حول الأنتلجنسيا في الجزائر، فعثرتُ على الجملة التالية: المثقف ليس معلقا في الفراغ، قلبتُ الجملة على جميع أوجهها أبحث عن معانيها، فأدركتُ أنّه كان يقصدني، ذلك إنه يدعوني إلى أن أقحم نفسي في دائرة السياسة، وألا أكتفي بالأدب ولا بقراءة الروايات. وهو الذي جعلني أطرح عديد التساؤلات، فما معنى أن أكون معلقا في الفراغ؟ مازالت الجملة ترنّ داخلي. ما الذي كان يقصده أصلا بالفراغ؟ أم أنّه كان يقصد التعالي؟ هل الذي ينشغل بالأدب مثل الناسك في محرابه، يردد الصلوات دون أن يعرف شكل العالم خارجاً؟ فيحدّث الناس عن العمل وهو لا يعمل. ويحدّث الناس عن الخير وهو لم يفعل خيرا. ويحدّث الناس عن الحق وهو لم يمارس الحق، لأنه لم يغادر محرابه، لأخلص أنه يريد أن يقول لي، بأن الفهم الحقيقي للأدب الذي تقرأه يتحدد من خلال المسافة التي تفصلك عن السياسة، فكرتُ أكثر في هذه الجملة، وتساءلتُ: هل الأدب هو الذي يخلق هذه المسافة؟ أم هي السياسة التي تنفّر كل من يحاول اقترافها؟
صبرينة ك