تعرف المشاريع المنجمية التي أطلقتها الجزائر السنتين الأخيرتين، تقدما ملحوظا، وهي المشاريع التي تعول عليها الجزائر كثيرا لتنويع صادراتها خارج المحروقات.
تركز الجزائر ضمن المشاريع الضخمة التي تطلقها، على قطاع المناجم باعتباره موردا هاما للثروة ومعززا للصناعة، وقد وضعت لأجل هذه الغاية استراتيجية وطنية تهدف إلى تسريع استغلال المناجم الموجودة وخلق مؤسسات وشراكات للتنقيب عن الثروات المعدنية.
ومع مطلع 2020، وجهت الجزائر البوصلة نحو المناجم، إذ يعرف هذا القطاع اليوم، حركية كبيرة، وتم بمقتضاها بعث الكثير من المشاريع والأنشطة على غرار غار جبيلات، ومشروع منجم الزنك والرصاص بوادي أميزور بولاية بجاية، حيث سجل تقدم في تجسيد هذا المشروع وفق المراحل الزمنية المحددة -حسبما أكده اجتماع الحكومة المنعقد في 21 أوت الجاري-وتثمين منجمي الونزة وبوخضرة بولاية تبسة، وغيرها من المناجم، وذلك لتطوير العمل المنجمي وتثمين الموارد المنجمية.
وقد كان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد أكد خلال ترأسه اجتماع لمجلس الوزراء في 10 مارس الماضي، على ضرورة الدفع أكثر بالمشاريع المنجمية المهيكلة واحترام آجال إنجازها، حيث “أمر باتخاذ كل الإجراءات التي من شأنها الدفع أكثر بهذه المشاريع الإستراتيجية، واحترام آجال إنجازها”.
وقد وقعت الجزائر، منذ اعتمادها هذا التوجه، العديد من الاتفاقيات مع شركات أجنبية من شأنها تنشيط القطاع وإعطائه دفعا على كل المستويات، بدءا من المنطقة الغربية للبلاد، من غار جبيلات، وصولا إلى المنطقة الشرقية بتبسة، وهذا يساعد على استحداث شركات لتحويل المادة الخام، ما من شأنه أن يضفي مسحة إيجابية إضافية على كل منطقة يوجد بها، وخلق ثروة ويعطي قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وللتنمية وخلق مناصب شغل.
ويرى المتتبعون أن الاهتمام بتطوير قطاع المناجم، جاء بعد العديد من المعطيات، منها الرغبة في تنويع الاقتصاد الوطني، من خلال الرغبة في الاستثمار في كل المجالات الممكنة والمنتجة للثروة والخلاقة لمناصب الشغل وذات القيمة المضافة، وبما أن الجزائر تمتلك مناطق غنية بالمعادن، فكان التوجه نحو هذا الاتجاه من أوليات الحكومة خلال الفترة الأخيرة.
كما أن ارتفاع أسعار المنتجات المنجمية على المستوى العالمي، أعاد الاهتمام بهذا القطاع، واليوم ترى فيه الحكومة ركيزة أساسية لتحقيق التنويع الاقتصادي، وعن طريقه يمكن تطوير العديد من الصناعات من خلال دوره في تحقيق مشاريع ضخمة مستقبلا.
ويؤكد خبراء أن اهتمام الحكومة بهذا القطاع ينعكس في الإستراتيجية الوطنية التي وضعتها لتطويره وتثمين الثروات الباطنية، من حديد، زنك، فوسفات، أورانيوم، ذهب وغيرها، باعتبارها مورد للخزينة العمومية، و أحد روافد الإنتاج الوطني الذي يساهم في رفع الدخل الوطني، كون هذه الثروات مطلوبة و بشدة في مختلف الصناعات سواء في داخل البلاد أو في الخارج.
مراد كواشي: قطاع المناجم يعول عليه كثيرا في خلق الثروة ومناصب الشغل
وفي هذا الصدد يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة أم البواقي البروفيسور مراد كواشي، إن الجزائر تتوفر على العديد من المعادن، وقطاع المناجم حاليا أصبح مهما جدا بالنسبة للصناعة في الجزائر، واعتبر أن منجم غار جبيلات لوحده يعد مشروعا استراتيجيا ضخما، باعتباره من بين أكبر المناجم ويحتوي على أكبر احتياطات الحديد على المستوى العالمي، ومن شأنه أن يساهم بشكل كبير في تطوير صناعة الحديد والصلب.
وشدد كواشي في تصريح لـ “الجزائر”، على ضرورة العمل على إرساء صناعة تحويلية لتحويل المواد الخام المنجمية محليا، كون القيمة المضافة لهذه المعادن تبرز عند تحويلها وليس تصديرها كمادة خام، وأعطى مثالا عن مادة الفوسفات، والتي قال انه بعد تحويلها يمكن أن يستخرج منها أزيد من 7 مواد منها ما يستعمل في الفلاحة كأسمدة وغيرها.
وأضاف كواشي، إن من مثل هذه المشاريع من شأنها أن تدر إرادات كبيرة على خزينة الدولة، وتوفر آلاف مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة، كما أشار إلى أن مثل هذه المشاريع ستساهم في إخراج المناطق النائية من العزلة و خلق تنمية محلية على مستواها، وخلق ديناميكية.
وقال الخبير الاقتصادي، عن الجزائر تمتلك بعض الثروات المنجمية الأخرى التي قد لا تمتلك التكنولوجيات لتحويلها أو استغلالها، ومن ّأجل استغلالها من الضروري الدخول في شراكات حتى تستفيد من هذه الثروات.
رزيقة. خ