لا تزال أحزاب المعارضة غارقة في حالة التيهان والتشتت وإنقسام الصفوف، في الوقت الذي تميز وحدة “الموقف” أحزاب الموالاة والتي حسمت موقفها مبكرا فيما يتعلق برئاسيات 2019 بإطلاق نداء الإستمرارية وتشكيل الجبهة الشعبية الصلبة وتجنيد الداعمين والمساندين للرئيس والترويج للأمر في كل خرجاتهم الإعلامية، فيما يبقى التردد سيد الموقف بالنسبة للمعارضة.
تحمل ردّة حركة الإصلاح الوطني عن خطها المعارض وإعلانها صراحة دعمها لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في إطار ما وصفته بـ”مسيرة الاستقرار والتنمية في المرحلة الرئاسية المقبلة”، عديد علامات الإستفهام عن السر الكامن وراء هذا التحول المفاجئ، وهي التي أعلنت مساندها لعلي بن فليس في رئاسيات 2014. سياسة “قلب الفيستة” لم يسر على نهجها فيلالي غويني فقط بل سبقه لها رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي بطلبه ضرورة تمديد عهدة الرئيس، وهو الذي كان من أشد المعارضين له ولبرنامجه، وقابلت سياسة قلب “الفيستة” إمكانية تنازل من قبل حركة مجتمع السلم والتي قالت “إن حمس مستعدة للتنازل عن مرشحها لرئاسيات 2019 إذا ما تم التوافق على شخصية وطنية”، في تراجع واضح عما كان قد صرح به سابقا في أن حمس غير معنية بالمرشح التوافقي وسيكون لها مرشحها لهذه الإستحقاقات.
سياسة “التراجع “و”قلب الفيستة” صاحبها تردد من قبل بعض أحزاب المعارضة التي انتقدت أحزاب الموالاة لحسم موقفها بدعم إستمرارية الرئيس، من ذلك جاب الله الذي فضل التريث في إعلان موقف حزبه من إستحقاقات 2019 ووصف الداعمين بأصحاب المصالح، وجبهة القوى الإشتراكية التي ترد قيادتها على موقفها من الرئاسيات بالقول إن الأمر سابق لأوانه غير أن ذلك لم يمنع سكرتيرها الأول محمد الحاج جيلاني من التأكيد أن رئاسيات 2019 سوف لن تكون نزيهة.
ومن جهتهم أجمع المحللون السياسيون في تصريحاتهم لـ “الجزائر” أمس أنه لا وجود لمعارضة حقيقية في الجزائر والتي رضخت للأمر الواقع حملت إسم “المعارضة” ولكن في باطنها لجان مساندة وباحثة عن تموقع ومصالح ضيقة، وهو الأمر الذي يفسر حالة التيهان والتخبط التي توجد فيها.
المحلل السياسي أرزقي فراد:
“ظاهرها معارضة وباطنها جمعيات مساندة”
عبرالمحلل السياسي عن أسفه للحالة التي آلت إليها أحزاب المعارضة وهي التي كانت سابقا متخندقة في تكتل واحد وصف حينها بالإنجازالتاريخي بإنضواء عديد الأحزاب بمختلف المشارب والتوجهات تحت لواء تنسيقية الإنتقال الديمقراطي و التي كان لها هدف وحيد هو الوصول لإنتقال ديمقراطي سلس و سلمي غير أن الأمور سارت عكس التيار عندما طفت المصالح الضيقة على السطح و اصطدمت بالإستحقاقات الإنتخابية والتي جمّدتها و شلتها و أردتها لنقطة الصفر نقطة التخبط و التيهان و المستمرة في التعمق يوما بعد يوم لدرجة تحول الكثير للجان مساندة وذكر فراد في تصريح ل “الجزائر أمس :” الطبقة السياسية عندنا بسلطتها و معارضتها تعاني من الفقر السياسي لذاك لم تعد السياسة في خدمة الوطن و الصالح العام بل تحولت لسجل تجاري فالأصل في أن الحزب يؤسس من أجل الوصول للسلطة غير أن المفارقة الموجودة في الجزائر أن الأحزاب السياسية تتنافس في مساندة مترشح واحد أبعقل أن تتنازل هذه الأخيرة علن برامجها و مشاريعها – إن وجد أصلا- و هذا منطق سياسي مقلوب ” وتابع :” فالسياسية لم تعد لخدمة الوطن بل سجل تجاري لكسب الغنائم فلا وجود لطبقة سياسية و لا ثقافة سياسية ولا معارضة ولا سلطة ” وأردف في السياق ذاته:” لدينا تشكيلات في ظاهرها أحزاب سياسية و باطنها جمعيات مساندة ينطبق عليها المثل ” لا يستقيم الظل والعود أعوج”
المحلل السياسي عبد الرحمن شريط:
“المعارضة فقدت البوصلة وتحولها للجان مساندة أمر متوقع لبحثها عن مصالحها الضيقة”
وأدرج المحلل السياسي عبد الرحمن شريط تصريحات رئيس حركة الإصلاح الوطني فيلالي غويني الداعمة لإستمرارية الرئيس على سدة الحكم وإستكمال و ما صحابها من تراجع رئيس حركة مجتمع السلم عن تصريحاته السابقة بتقديم مرشح لها لرئاسيات 2019 والقول إنه مستعد للتنازل عن ترشح احد إطارات الحزب مقابل الإتفاق على مرشح توافقي في خانة الأمر المتوقع وليس بالمفاجئة سيما بعد أن سبقهم في ذلك رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي بمطالبته بتمديد عهدة الرئيس بعدما كان من أشد معارضيه لسياساتها و برنامجه و أشار في السياق ذاته إلى الأمر لدليل على إستمرارتخبط المعارضة و فشلها في لملمة شتاتها و استقطاب الشارع لها وتحولها لباحثة عن مصالح ضيقة وراغبة في التموقع و قال شريط في تصريح ل ” الجزائر ” أمس :” المعارضة فقدت البوصلة و غرقت في حالة تيهان بالنظر لحالة الغموض التي تطبع البلاد و صارت لها تصريحات متضاربة و متناقضة في الكثير من الأحيان في محاولة منها لمسايرة التيار و الظفر بموقع لها فنحن نعيش الرداء السياسية فالأصل أن المعارضة هي جزء من النظام كما هو الحال في الدول الديمقراطية غير مسماها في الجزائر لا ينطبق عليها بالنظر لغياب برنامج لها ولا مواقف ما عدا ردات فعل لما تقوم به السلطة دون تقديم بديل و يضاف لها فشلها في إستقطاب الشعب لها “.
المحلل السياسي عبد العالي رزاقي:
“ليس لدينا معارضة في الأصل”
اعتبر المحلل السياسي عبد العالي رزاقي أنه لا وجود أصلا للمعارضة في الجزائر إذا ما تمت مقارنتها بأبجديات المعارضة في الدول المتقدمة التي تحمل برنامجا ومشروعا خادما للوطن و ليس بحثا عن مصالح ضيقة تفضح كل مرة عشية الإستحقاقات المصيرية و قال في تصريح ل ” الجزائر ” أمس :” لا تخبط للمعارضة و لاهم يحزنون فلا وجود لها أصلا لم تستطع حتى تجنيد الشارع حول برنامجها و مشروعها السياسي إن كان لديها في الأصل ” و تابع:” لو نرجع لأبجديات المعارضة في الدول المتقدمة و نقارنها بالأحزاب الموجودة في الجزائر فلا وجود لها مجرد أرقام تتحرك في الساحة السياسية بحثا عن مصالح ضيقة و مغانم و تموقع و فقط هذا هو دورها في بلادنا “.
زينب بن عزوز