تحظى المناجم باهتمام كبير من السلطات العليا في البلاد، إذ تم وضع هذا القطاع من بين الميادين ذات الأولوية، ومحور استراتيجية تنويع الاقتصاد الوطني، وعملت الحكومة على تسريع تجسيد هذه المشاريع على أرض الواقع، وجعلتها رهانها بعيدا عن المحروقات.
سطرت الحكومة في السنوات الأخيرة، مخططات عمل تهدف إلى إعادة تنشيط قطاع المناجم، والسماح له بأن يقدم مساهمة أكبر في نمو الاقتصاد الوطني، حيث شرع في البحث عن المعادن الأساسية، والنحاس والحديد والباريوم والكبريت الأصلي والفحم والأملاح البوتاسية والذهب والمعادن المرتبطة، فضلا عن العناصر الأرضية النادرة، كما تم تحديث الخارطة المنجمية وتجسيد كبريات المشاريع الصناعية المهيكلة، وكذا تطوير رأس المال البشري.
واتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات من أجل تسهيل الاستثمار في هذا المجال، سيما عبر تسهيل الإجراءات المتعلقة بتراخيص الاستكشاف واستغلال الموارد المنجمية، وكذا إقرار تحفيزات مالية وجبائية جذابة لفائدة المستثمرين سواء كانوا جزائريين أو أجانب.
كما قامت الحكومة بإطلاق مشاريع مهيكلة كبرى على غرار مشروع استغلال منجم الحديد بغار جبيلات بتندوف، ومشروع استغلال الرصاص والزنك بواد اميزور ببجاية، وكذا مشروع الفوسفات ببلاد الحدبة بتبسة.
وقد تم الشروع في استغلال منجم غار جبيلات منذ شهر جويلية 2022، إذ ينتظر أن يستجيب لاحتياجات الصناعة الوطنية للحديد والصلب، والاستغناء عن استيراد المواد الأولية، إضافة تصدير كميات كبيرة، فضلا عن توفير حوالي 3000 منصب شغل.
أما مشروع الزنك والرصاص تالة حمزة-واد أميزور، ببجاية، والمندرج ضمن المشاريع الهيكلية الواعدة في البلاد، على مساحة 4ر23 هكتارا، ويحوز على أحد أكبر الاحتياطيات العالمية في المجال.
وبغض النظر عن انعكاساته الايجابية المتعددة، تكمن ميزة هذا المشروع في بعده العالمي وأهميته الاقتصادية القصوى، التي من شأنها أن “تمكن الجزائر من التموقع في السوق الدولية”، كما أن المنجم سيساعد على تعزيز ورفع القدرات المنجمية للبلاد وخلق قيمة مضافة لدعم تنويع الاقتصاد الوطني”.
وبخصوص منجم الفوسفات المدمج، ببلاد الحدبة بولاية تبسة، والذي تم الأسبوع الماضي، افتتاحه في إطار تجسيد مشروع الفوسفات المدمج، والذي يعتبر مشروع محوريًا لتوفير المادة الأولية اللازمة لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية في الجزائر، والتي ستستخدم في دعم وتطوير القطاع الفلاحي الوطني، بحيث سيتم استخراج وتخصيب الفوسفات الخام من هذا المنجم، حيث تقدر احتياطيات الحوض الفوسفاتي بشرق البلاد بأكثر من 3 مليارات طن، ومليار و200 ألف طن بحوض بلاد الحدبة وحدها، وبطاقة استخراج تصل إلى 10.5 مليون طن سنويًا من الفوسفات الخام، وتوفير 6 ملايين طن من الفوسفات المخصب و القابل للتسويق، لتلبية احتياجات التحويل الصناعي.
ويعد هذا المشروع من بين أهم المشاريع المنجمية التي تعول عليها الجزائر لتنويع اقتادها بشكل كبير، سيما انه ينتظر ان يحدث طفرة، ليس فقط في مجال الصناعة، إنما أيضا في المجال الفلاحي.
الخبير الطاقوي، أحمد طرطار:
استحداث منصب كاتب دولة مكلف بالمناجم يعكس مدى الاهتمام بهذا القطاع
قال الخبير الطاقوي أحمد طرطار، إنه ومنذ 2020، وجهت الجزائر بوصلتها نحو المناجم، وعملت على إعادة بعث عددا من هذه المشاريع، ومنها منجم الحديد بغار جبيلات بتندوف، ومنجم الزنك والرصاص بولاد اميزور ببجاية، ومنجم الفوسفات ببلاد الحذبة ببئر العاتر بتبسة والمشاريع المرتبطة بهذا المنجم، إضافة إلى مشاريع إعادة تحصيل معدن الذهب بولاية تامنغست، حيث برزت مجهودات الدولة في إعادة الحياة لهذه المناجم.
وأضاف طرطار، في تصريح لـ “الجزائر، إن الدولة وفي إطار خطتها هذه المتعلقة بإعادة بعث المشاريع المنجمية، دخلت في شراكات مختلفة مع عدد من الشركات الأجنبية الرائدة في هذا المجال، منها صينية وتركية، وأوروبية، وهذا لإنتاج و تطوير الموارد المنجمية التي تدخل في العديد من الصناعات.
ويرى الخبير الطاقوي، أن اهتمام السلطات بقطاع المناجم في تزايد نظرا لإدراكها بأهميتها البالغة في المرحلة القادة، خصوصا مع السياسية الاقتصادية المنتهجة حاليا، وأشار في هذا الصدد إلى استحداث منصب كاتب دولة لدى وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، مكلف بالمناجم، خلال التعديل الحكومي الأخير.
مشروع الفوسفات المدمج بتبسة بؤرة نشاط للمنطقة الشرقية للوطن
اعتبر الخبير الطاقوي، أحمد طرطار، أن مشروع الفوسفات المدمج بلاد الحدبة بولاية تبسة، يمثل أحد المشاريع المدمجة الكبيرة التي سيكون لها أثر إيجابي كبير على حياة المواطنين في المنطقة، وعلى عملية تنويع الاقتصاد في سياق استبدال الريوع البترولية بالريوع الأخرى، سيما المتأتية من المناجم.
وأكد طرطار أن هذا المشروع مشروع جد متميز جاء في إطار شراكة بين الجزائر و الصين انطلقت من فترة لا بأس بها، وتم التقدم به في شكل واضح في الفترة الأخيرة، مما أدى إلى البدء في تنفيذ الاتفاقيات، والآن تأتي مرحلة الاستفادة مما تحقق من هذا الإنجاز الكبير، وأشار إلى زيارة وزير الطاقة والمناجم للمنطقة في 16 نوفمبر المنصرم، للوقوف على الخط الرابط بين بلاد الحدبة وبئر العاتر وعنابة التي هي ميناء التصدير، والوقوف على انجاز المشروع ببلاد الحذية، وبالتالي الشروع في الإنتاج قريبا، والتحول على بعد حوالي 70 كيلومتر بسوق أهراس، حيث يتم الشروع في انجاز الأمونيا المشتق من الفوسفات، و أكد أن استكمال هذه الحلقة يؤذي إلى تحقيق مشاريع كبرى، إضافة إلى ما سيحقق من تنمية في كل من تبسة وسوق أهراس وعنابة.
واعتبر المتحدث ذاته، أن تحريك هذه المشاريع من شأنه تحريك مشاريع أخرى، كخطوط النقل بالسكك الحديدية لنقل الفوسفات أو لنقل المسافرين، والذي يشمل عدة ولايات، تبسة، سوق أهراس جزء من قالمة، وأيضا عنابة.
وأكد طرطار أن مشروع بلاد الحدبة سيوفر من 3 آلاف إلى 5 الاف منصب شغل مستقرة، إضافة إلى مناصب شغل تكميلية مما سيوفره المشروع من نشاط لشركات المناولة وعمليات المتاجرة أو الإيواء، أو الإطعام أو النقل، وهذا في حد ذاته-يقول طرطار- سيحرك عدة نشاطات بالمنطقة، أي أنه سيكون بؤرة للنشاط والتنمية.
وأكد الخبير الطاقوي، أن هذا المشروع واعد، يوفر العملة الصعبة، وسيحرك عجلة التنمية في جزء معتبر من المنطقة الشرقية بالوطن، إضافة إلى أنه دعم للاقتصاد الوطني.
رزيقة. خ