عقدت قوى المعارضة المنضوية تحت لواء “فعاليات قوى التغيير من أجل نصرة خيار الشعب” اجتماعها الذي أبدت من خلاله استعدادها القبول بدعوة السلطة القائمة للحوار الشامل للخروج من وضعية الانسداد التي تعيشها البلاد منذ استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في 2 أفريل الفارط.
بعد يوم واحد من مسيرات ضخمة عرفتها الجزائر في إطار الجمعة الـ20 من الحراك الشعبي المتزامن هذه المرة مع ذكرى عيدي الاستقلال والشباب، اختارت بعض قوى المعارضة والمجتمع المدني تشكيل ما سمي بـ”المنتدى الوطني للحوار” الذي كلف بهيئة تنسيقه الوزير والدبلوماسي السابق عبد العزيز رحابي، وهو الإطار الذي يتكلم باسم مجموعة كبيرة من أحزاب المعارضة أغلبها من التيارين الوطني والإسلامي، وشهد اللقاء الذي احتضنته مدرسة الفندقة بعين البينيان، حضور أكثر من 600 مدعو، أكدوا في لقائهم استعدادهم للدخول في مسار الحوار الشامل الذي دعا إليه رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح في خطابه الأخير، منوهين بموقف الجيش من الأزمة وتلاحمه العضوي مع الشعب.
وفي هذا الصدد، أكد منسق هيئة تسيير “المنتدى الوطني للحوار” عبد العزيز رحابي في كلمته الافتتاحية ضرورة فتح حوار شامل هدفه الخروج من الوضع الحالي بأساليب سلمية وتوافقية.
وثمن رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس، الخطاب الأخير لرئيس الدولة عبد القادر بن صالح، داعيا إلى “حوار وطني هادئ ومنظم وذي مصداقية يتم تحت إشراف شخصيات وطنية تحظى بالقبول ودعا بن فليس إلى “إحداث سلطة وطنية تشرف على المسار الانتخابي وتعديل النظام الانتخابي من أجل تنظيم الانتخابات الرئاسية في آجال مقبولة لاختيار رئيس جمهورية شرعي باستطاعته إنجاح التغيير المنشود”.
من جهته، اعتبر رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري أنه “آن الأوان لبلورة رؤية مشتركة تجسد الانتقال الديمقراطي الناجح”، مضيفا أن “أغلب الفاعلين اقتنعوا أن تجذير الديمقراطية وتحقيق الإصلاحات الدستورية العميقة سيكون بعد الانتخابات الرئاسية ضمن آجال معقولة غير بعيدة”، وقال مقري أن الحديث عن مجلس تأسيسي معين لإعادة بناء الدولة قول “غير معقول ولا ديمقراطي”، وأن المراحل الانتقالية الطويلة “أدت في الغالب إلى الفوضى”، مشيدا بدعوة رئيس الدولة إلى الحوار وكذا “عدم تحديد تاريخ مفروض للانتخابات الرئاسية”.
من جانبه، رأى رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله أن “الشباب هم قوة الأمة وأمل مستقبلها”، داعيا إياهم إلى “الاستمرار في حراكهم الشعبي حتى تتحقق مطالبهم”، وأكد على ضرورة الاجتماع على “رؤية واحدة لتحقيق مطالب الشعب الجزائري المشروعة”، مطالبا بإجراءات لبعث “الثقة والتهدئة من خلال إطلاق سراح معتقلي الرأي” على حد قوله.
من جانبه، قال رئيس حزب “جيل جديد” جيلالي سفيان أن الجزائر بـ”حاجة إلى إصلاحات سياسية عميقة والى حوار جاد بين السلطة السياسية والمجتمع”، يتم خلاله الاتفاق على “خارطة طريق” للخروج من الأزمة، داعيا إلى “إطلاق سراح الأشخاص الذين تم توقيفهم خلال المسيرات الشعبية أو بسبب تصريحاتهم”، وطالب بـ”تغيير الحكومة الحالية ورحيل كل رموز النظام السابق والتوافق على موعد الانتخابات الرئاسية ثم التشاور حول مسار تأسيسي للدولة الجزائرية”.
من أجل إنجاح الحوار، من الضروري تقديم تعهدات بحسن نية، والاتفاق على خريطة طريق والمضي بحزم نحو تشكيل الضمانات المتفاوض عليها.
واعتبر جيلالي سفيان أنه إذا كانت السلطة الحالية صادقة في رغبتها في مساعدة التغيير الذي يطالب به الجزائريون، مثلما تعهدت بذلك، “فعليها إطلاق سراح جميع سجناء الرأي، لا يمكن الحوار في الوقت الذي يقبع فيه شباب ومجاهدون السجن لمجرد مشاركتهم في المسيرات أو حمل الشارة الأمازيغية أو حتى انتقاد السلطة”، مؤكدا أنه بمثل هذه الخطوة هي بمثابة “شرط أساسي سيساعد في رسم معالم الحوار الجاد”.
بدوره، دعا رئيس اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية نور الدين بحبوح المشاركين في المنتدى إلى “الاتفاق على خارطة طريق واضحة تؤسس لتحول ديمقراطي حقيقي يمر عبر إصلاح عميق ويساهم فيه الجميع”، وأكد أن هذا اللقاء “سيتبع بلقاءات أخرى تهدف لوضع أسس دولة ديمقراطية واجتماعية أصيلة والذهاب للشرعية الشعبية عبر تكريس انتخابات رئاسية حرة ونزيهة”.
وفي نفس السياق، رافع رئيس حركة البناء عبد القادر بن قرينة من أجل “انتقال آمن وسلمي” للسلطة مع ضرورة الحرص على الوحدة الوطنية وتعميق التلاحم بين الشعب والجيش كما دعا إلى “الاحتكام لإرادة الشعب” في انتخابات رئاسية حرة ونزيهة تجسد القطيعة مع النظام السابق، مشيرا إلى ضرورة “تفادي الفراغ في مؤسسات الدولة”.
وفي ذات السياق، دعا ممثل فعاليات المجتمع المدني، النقابي صادق دزيري، إلى عقد “منتدى وطني جامع” يجسد الوحدة الوطنية ويفضي إلى بناء “جزائر ديمقراطية اجتماعية تعددية مدنية يحكمها القانون ضمن مبادئ بيان أول نوفمبر 54″، وأبرز أن “فعاليات المجتمع المدني تستنكر التضييق على حرية التعبير وتطالب بإطلاق سراح معتقلي الرأي وشباب الحراك مع رفع التضييق عن الإعلام العمومي وتؤكد حتمية اتخاذ إجراءات تهدئة للحرص على الحوار الجاد”.
وفي مداخلة له، دعا ممثل منتدى حراك المثقفين، عمار جيدل، إلى حوار “غير إقصائي يكرس الوحدة الوطنية والتنوع بين الجزائريين”.
• غياب شخصيات وطنية بارزة عن لقاء المعارضة
ومن الواضح في اجتماع أمس، لقوى التغيير ونصرة خيار الشعب المعارضة غياب أسماء وشخصيات وطنية ثقيلة سبق العمل على الترويج لحضورها، من طرف أوساط قريبة من هذه المعارضة من قبيل رئيسا الحكومة السابقين مولود حمروش وأحمد بن بيتور ووزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي والمحامي الناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي ورئيس القوى الديمقراطية الاجتماعية كريم طابو إضافة إلى المجاهدة الرمز جميلة بوحيرد إضافة إلى مقاطعة أحزاب البديل الديمقراطي لأشغال اللقاء وهي التي تشكل قطبا آخر للمعارضة يدعو إلى تثبيت معالم مرحلة انتقالية من دون رموز النظام الحالي وهناك من يطالب بمجلس تأسيسي يضع أسس وقواعد الجمهورية الثانية كحزب العمال.
إسلام كعبش