أصبحت الجزائر محط اهتمام قوى دولية لتعزيز التعاون معها في الميدان الأمني والعسكري، وتبادل الآراء والنقاش حول الأوضاع في المنطقة التي تعرف أزمات أمنية في مالي وليبيا، ولم تقتصر الزيارات على الأمريكيين والفرنسيين والروس، فقد بعث حلف الأطلسي ” الناتو ” أمينه العام المساعد لمنظمة حلف شمال الأطلسي المكلف بالشؤون السياسية والسياسة الأمنية أليخاندرو ألفار غونزاليس إلى الجزائر في زيارة عمل تدوم يومين.
قام الأمين العام المساعد لمنظمة حلف شمال الأطلسي المكلف بالشؤون السياسية والسياسة الأمنية الإسباني أليخاندرو ألفار غونزاليس بزيارة عمل إلى الجزائر، من 19 إلى 21 مارس 2018، حسبما أفاد به أمس الأول، بيان لوزارة الشؤون الخارجية وتندرج هذه الزيارة في إطار ” المشاورات الثنائية في سياق الحوار المتوسطي لمنظمة حلف شمال الأطلسي التي انضمت لها الجزائر في مارس 2000 “، حسبما أوضحه ذات المصدر. واستقبل مسؤول حلف شمال الأطلسي من قبل وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل وأجرى معه محادثات مع إطارات سامية مكلفة بالحوار المتوسطي مع هذه المنظمة “، حسبما أضاف ذات البيان.
وتعرف الجزائر في الآونة الأخيرة توافد مسؤوليين عسكريين كبار من الدول المنخرطة في ” الناتو ” أو خارجه للتباحث حول التعاون الأمني والعسكري بين الجانبين، وهو ما يعكس، الأهمية التي أصبحت عليها الجزائر باعتبارها مفتاح جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة نظرا للتجربة الكبيرة التي تمتلكها في هذا الميدان، خاصة بعد تفاقم نشاط المجموعات الإرهابية المسلحة في منطقة الساحل والصحراء وقرب دخول قوة مجموعة جي5 الإفريقية للعمل في المنطقة بدعم من فرنسا التي تخوض حربها منذ 2012 ضد الإرهابيين في شمال مالي. إضافة إلى الأوضاع في الجارة الشرقية ليبيا التي لم تستقر بها الحالة السياسية والأمنية رغم كل المجهودات الدبلوماسية الدولية التي تبحث مع الليبيين من فرقاء الأزمة على خطة طريق تعيد الإستقرار لهذا البلد.
وزار الجزائر بداية فيفري الماضي، كل من آلان باترسون نائب وزير الدفاع الأمريكي المكلف بالشؤون الإفريقية، وإلينا رومانوفسكي مساعدة المنسق المكلف بمكافحة الإرهاب في الخارجية الأمريكية وتشكلت المحادثات الأمريكية الجزائرية بشكل خاص حول تعزيز الحوار الأمني والعسكري، عبر تبادل المعلومات والتجارب في مجال مكافحة الإرهاب بين البلدين. ويصرح المسؤولون الأمريكيون بعد لقاءهم بالمسؤولين الجزائريين أن للجزائر مكانة مهمة ودورا رياديا في محاربة الإرهاب، كما أعلنت واشنطن والجزائر أنهما سيذهبان معا نحو عقد الدورة الخامسة للحوار الاستراتيجي المشترك حول قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب بالجزائر في جوان المقبل، كما وقع البلدان اتفاقا في مجال مكافحة الإرهاب لم يتم الكشف عن فحواه.
ورغم أن الجزائر ترتبط بحوار مفتوح مع منظمة الحلف الأطلسي إلا أنها تتعامل بحساسية مع نواياه في وضع قواعد عسكرية وتدخلاته في المنطقة، حيث سبق لها أن انتقدته بشدة عند تدخله العسكري في ليبيا سنة 2011 بإرادة من الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بحجة إسقاط نظام العقيد معمر القذافي الذي كان في مواجهة مع جزء من شعبه، ودوره في أحداث الربيع العربي، وتم كشف معلومات في الآونة الأخيرة قدمتها وزارة الدفاع التونسية عن رفض تونس المطلق لطلب من حلف شمال الأطلسي ” الناتو ” بتوفير خبراته أو مساعدة قارة لمشروع بعث قاعة عمليات مشتركة بين الجيوش الثلاثة للتخطيط وقيادة العمليات المشتركة، في إطار هبة يمنحها الاتحاد الأوروبي لتونس في حدود 3 ملايين أورو، شرط أن يكون المشروع في ولاية قابس، هذه المعلومات تثير حساسية جارتها الجزائر التي تتبنى مواقف تقليدية من تواجد القواعد العسكرية الأجنبية على مقربة من حدودها.
وفي ذات السياق، أمضت الجزائر مع حلف شمال الأطلسي ” الناتو ” على مبادرة الحوار المتوسطي في مارس 2000، وهي المبادرة التي أطلقتها سنة 1994، وقال المسؤولون آنذاك أن الجزائر انضمت إلى الحوار المتوسطي لحلف شمال الأطلسي بهدف ” إرساء أسس للأمن الجماعي الإقليمي قائمة على وحدة الأمن في المتوسط “، وتحولت الجزائر منذ دخولها في الحوار إحدى دول الحوار الأكثر نشاطا ومشاركة في البرامج العسكرية والمدنية لهذه المنظمة، كما تعد من بين الدول الأولى التي طالبت بإطار دائم للشراكة واقترحت في أول اجتماع لوزراء الشؤون الخارجية للحوار المتوسطي إنشاء مجلس متوسطي على المستوى الوزاري للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف.
وظلت الجزائر تؤكد على تمسكها بتطوير حوار ” مسؤول ومثمر ” مع منظمة معاهدة حلف شمال الأطلسي، لا سيما فيما يخص المسائل الإقليمية المرتبطة بالأمن والإستقرار في المنطقة، خاصة أن هذه المنطقة تواجه تحديات متعددة تتطلب تركيزا وانسجاما كبيرين في إطار مسعى شامل وتعاوني. وكذلك تعمل السلطات الجزائرية على توطيد الحوار البرلماني مع حلف شمال الأطلسي باعتباره عنصرا مهما من شأنه المساهمة في ترقية قيم السلم والأمن في الفضاء الأورو ـ متوسطي، وتقديم تصورها ومساهمتها الفعلية في الحفاظ على الأمن والإستقرار في المنطقة بفضل قيادتها للوساطة الدولية في مالي ومرافقتها كبلد جار للجهود الأممية الرامية إلى تسوية الأزمة الليبية وكذا مشاركتها في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف وتقديم تجربتها المعترف بها للدول الشريكة.
إسلام كعبش
الرئيسية / الحدث / بعد توالي زيارات مسؤوليين عسكريين غربيين:
“الناتو” يفتح نافذة الحوار المتوسطي مع الجزائر
“الناتو” يفتح نافذة الحوار المتوسطي مع الجزائر
بعد توالي زيارات مسؤوليين عسكريين غربيين:
الوسومmain_post