دخلت، أمس، الهدنة المؤقتة، يومها الثالث، بعد أن اكتملت المرحلة الثانية من عملية تبادل الأسرى في سجون الاحتلال ومحتجزين إسرائيليين في قطاع غزة، وذلك بعد تأخير لعدة ساعات بسبب تعمد الاحتلال انتهاك بعض البنود المتعلقة بإدخال شاحنات الإغاثة الإنسانية وعدم التزامه بمعاير الأقدمية في تحرير الأسرى الفلسطينيين الذين شملتهم الصفقة، وبتأخير عدة ساعات، أنجزت الدفعة الثانية من صفقة تبادل الأسرى.
وأفرج الإحتلال الصهيوني ليلة السبت إلى الأحد عن 39 اسيرا فلسطينيا بينهم 6 سيدات و33 طفلا، عند سجن “عوفر” العسكري” في بلدة بيتونيا غرب رام الله، ومن معتقل “المسكوبية” في القدس المحتلة، وذلك ضمن الدفعة الثانية من “صفقة التبادل”.
وحسب ما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”: “نقلت حافلة وسيارات تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر، عددا من المعتقلين المفرج عنهم من سجن عوفر العسكري المقام على أراضي المواطنين في بلدة بيتونيا غرب رام الله إلى بلدية البيرة بالضفة الغربية”.
وأضافت: “في حين تم الإفراج عن المعتقلات المقدسيات وعددهن 5 بجانب طفل واحد، من معتقل المسكوبية في القدس المحتلة، حيث كانت عائلاتهم باستقبالهم”.
والسيدات الستة المفرج عنهم هن: ميسون موسى الجبالي من بيت لحم جنوبي الضفة الغربية، وإسراء جعابيص، وعائشة الأفغاني، وشروق دويات، ونورهان عواد، وفدوى حمادة، وجميعهن من القدس.
شهادات بعض الأسرى المفرج عنهم
واستقبل مئات المواطنين، المعتقلين المفرج عنهم في ساحة بلدية البيرة، مرددين الشعارات المهنئة بالإفراج عنهم، وأخرى داعية إلى الإفراج عن كافة المعتقلين في سجون الاحتلال.
وضع مأساوي في قطاع غزة
من جهته، أكد المتحدث بإسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” كاظم أبو خلف، أمس، أن الوضع الإنساني في قطاع غزة “مأساوي” وأن الهدنة الإنسانية الحالية كشفت الوضع للجميع داخل القطاع.
وقال أبو خلف، في تصريح إعلامي، إن “خروج المستشفيات عن الخدمة الواحد تلو الآخر شكل ضغطا أكبر على باقي المستشفيات وهناك حاجة ماسة لمياه الشرب النظيفة والبطانيات والأغذية والأدوية والمضادات الحيوية والأمصال”.
وأضاف: “نحن رصدنا ارتفاعا ملحوظا في أمراض الجهاز التنفسي وكذلك الأمراض الجلدية نتيجة شح المياه”، مشيرا إلى حاجة قطاع غزة لإدخال قرابة 700 شاحنة يوميا لتلبية احتياجات سكان القطاع.
وأوضح المسؤول، أن فرق “الأونروا” تمكنت من الوصول إلى مناطق شمال قطاع غزة لتوزيع المساعدات الإنسانية، بعدما حال العدوان الدامي الذي استمر 48 يوما دون تواجد فرق الوكالة، حيث أجبروا على النزوح إلى الجنوب، مؤكدا أن هدفهم تقديم الخدمات بكثافة حاليا حتى يتجنب أهل غزة الأوبئة والأمراض.
وصول 61 شاحنة مساعدات إلى شمال غزة
وأعلنت الأمم المتحدة، أمس، عن وصول 61 شاحنة تحمل إمدادات طبية وغذاء وماء أفرغت حمولتها في شمال غزة من أصل 248 شاحنة مساعدات إنسانية وصلت إلى القطاع المحاصر منذ دخول الهدنة بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني حيز التنفيذ.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في بيان أوردته مصادر إعلامية إنه تم تسليم 11 سيارة إسعاف وثلاث حافلات وسرير طبي مسطح لمستشفى الشفاء الذي شهد قصفا عنيفا في الأيام الأخيرة، وذلك “للمساعدة في عمليات الإخلاء”.
وأضاف بيان (أوتشا) أنه “كلما طال أمد الهدنة، تمكنت وكالات الإغاثة الإنسانية من إرسال مزيد من المساعدات إلى غزة”.
لا يمكن التنبؤ بما سيحدث بعد انتهاء الهدنة
وفي هذا السياق، قال هشام البزاز وهو محلل سياسي فلسطيني إنه لا يمكن التنبؤ بما سيحدث بعد انتهاء هذه الهدنة الإنسانية المبرمة خصوصا وأنها المرة الأولى التي يضطر فيها الكيان الصهيوني إلى وقف عدوانه الغاشم على القطاع بعد إخفاقه عسكريا في تحرير جميع الأسرى لدى المقاومة.
واعتبر هشام البزاز خلال تدخله على الإذاعة الجزائرية بأنه يتعين توخي الحذر لأن الكيان الصهيوني لن يتردد في إنهاء هذه الهدنة لو شعر في لحظة ما بأنه قادر على استعادة بقية الأسرى بالقوة العسكرية .
وبالمقابل، تبدي المقاومة الفلسطينية حرصا شديدا على تنفيذ هذه الصفقة وتعلن التزامها بجميع البنود طالما قام العدو بالوفاء بجميع التزاماته وفقا لما تم التوافق عليه بين الجانبين بوساطة قطرية مصرية .
وضمن هذا السياق، أوضح أسامة حمدان القيادي في حركة حماس و ممثلها في لبنان خلال مؤتمر صحفي بأن المقاومة ملتزمة بالهدنة و منخرطة فيها مثلما يبرز ذلك ضمن هذا المقطع الصوتي من الندوة الصحفية التي نشطها أول أمس في بيروت.
ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالجزائر نادر القيسي:
“تمديد الهدنة غير مستبعد والأسرى العسكريون ليسوا معنيين بصفقة التبادل”
ولا يستبعد نادر القيسي ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالجزائر، تمديد الهدنة الحالية وكذا الإعلان عن صفقة جديدة لتبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية وحكومة الاحتلال.
وتحدث القيسي لدى استضافته في الإذاعة الجزائرية عن تسريبات تفيد بأن مصر وقطر تعملان على التواصل مع جميع الأطراف من أجل تمديد الهدنة الحالية.
واعتبر القيسي رضوخ الكيان الصهيوني للتفاوض مع المقاومة وفق الشروط التي وضعتها مؤشرا على انهزامه على كافة المستويات السياسية والعسكرية واسترسل قائلا: “منذ بداية هذا الاعتداء الغاشم وضع الكيان الصهيوني أهداف كبيرة جدا وكان يعتقد أن باستطاعته تحقيقها وفق تصوره لكن تلك الأهداف سقطت الواحدة تلوى الأخرى.. كان يريد القضاء على المقاومة الفلسطينية في غزة وكان يرفض التفاوض مع المقاومة بحجة أنها منظمة إرهابية وهو ذات المنحى الذي اتخذته الولايات المتحدة الامريكية ولكن في النهاية تفاوضوا مع المقاومة وفق شروطها.”
وأوضح نادر القيسي أن صفقة تبادل الأسرى لم ولن تشمل العسكريين وجنود الاحتلال بل هي تشمل المدنيين فقط، لأن بعض الفصائل الفلسطينية على غرار الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية ترفض بأن يتم الحديث عن العسكريين الموجودين لدى المقاومة والفصائل الفلسطينية إلا بصفقة تبادل أسرى تكون شاملة.
وأكد القيسي تراجع التأييد عالميا لهذا الكيان الغاصب وبالمقابل تصاعد تأييد الحق الفلسطيني والاعتراف بمشروعية مقاومته لدى الشعوب العالمية ووصل الأمر إلى تراجع في الخطاب الرسمي للدول الغربية التي كانت تدعم الكيان بعد سقوط الأكاذيب التي روجها العدو الصهيوني إلى الاعلام الغربي.
وعلى الصعيد العسكري -يضيف المتحدث ذاته- “قوة وصلابة المقاومة الفلسطينية أذاقت الكيان الصهيوني الويلات في غزة وهذه الانتصارات الميدانية هي تتمة لما باشرته المقاومة يوم السابع من أكتوبر.. لقد فشل الكيان الصهيوني عسكريا ولم يحقق أي انتصار وهو عاجز عن مواجهة المقاومة الفلسطينية في الميدان وهو ما جعله يبيد ويقتل المدنيين العزل “.
وبتطرقه إلى واقع الحال داخل الكيان الصهيوني، شدد المتحدث على أن تعنت نتنياهو وإمعانه في الإجرام راجع إلى يقينه بأن حياته السياسية قد انتهت خاصة في ظل تصاعد وتيرة المظاهرات داخل دولة الاحتلال الداعية إلى استقالته وإسقاط حكومته.
تم إلزام الاحتلال بتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه
كما أكد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية “حماس” محمود المرداوي، أمس ، انه تم إلزام الكيان الصهيوني بتنفيذ كل بنود اتفاق الهدنة الإنسانية في قطاع غزة، والذي دخل حيز التنفيذ أول أمس الجمعة، مشيرا إلى أن المفاوضات مع الاحتلال عبر الوسطاء “مفتوحة في كل الاتجاهات، لأنه مازال هناك الكثير من أسرى الاحتلال لدى المقاومة”.
وفي تصريح لـ /وأج، أوضح محمود المرداوي أن الاحتلال الصهيوني “حاول خلال اليوم الأول من الهدنة الإنسانية المؤقتة التملص وعدم تنفيذ بنود الاتفاق بحذافيره، معتقدا أن المقاومة الفلسطينية ستمر على ذلك مرور الكرام”، مردفا: “تمت معالجة الأمر بهدوء خلال اليوم الأول من الهدنة لكن في اليوم الثاني، تم إلزام العدو بتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه وفعلا خضع الاحتلال”.
وأضاف: “منذ البداية، أكدنا أن الوسطاء هم الضمانة في أي اتفاق مع الاحتلال، وأننا نعتمد على الوسطاء وعلى أي طرف عربي يتدخل مهما كان حجم التقاطع أو مساحة التوافق بيننا وبينه”، مشيرا إلى أن حركة المقاومة الإسلامية لا تثق كثيرا في الجهات الأجنبية الأخرى لكن تستحضرها وتصر على وجودها.
وفي رده على سؤال بخصوص وجود مفاوضات حول تمديد اتفاق الهدنة الإنسانية، قال المرداوي: “هذه الصفقة كانت مطروحة منذ 3 أسابيع, والعدو كان يناور منذ البداية ويعتقد انه يستطيع بالقوة العسكرية تحرير أسراه لدينا، لكنه فشل وأصبحت كل مناوراته مكشوفة أمام الجميع، ولذلك اضطر للخضوع”.
وتابع يقول: “وارد جدا تمديد الهدنة الإنسانية المؤقتة، والمفاوضات مفتوحة في كل الاتجاهات، لأنه مازال لدينا الكثير من الأسرى للتفاوض بخصوصهم، إما من خلال صفقة واحدة أو من خلال صفقات متعددة”، وبالتالي -يضيف- “المفاوضات مفتوحة والوسطاء توجهوا إلينا وموقفنا واضح، فالأمر يتعلق بالعدو الذي لا يحسن تقدير الموقف، وإذا تعنجه سيجد الأجوبة من الوسطاء”.
فلة. س / واج