تعكف السلطة منذ أشهر على التفكير في المخرج السياسي الأمثل للازمة السياسية التي دخلت فيها البلاد منذ اندلاع الحراك الشعبي في 22 فبراير ولا يزال الجدل قائما وقد يطول بالنظر إلى تباين المواقف والرؤى بين السلطة والطبقة السياسية. غير أن الغائب الأكبر هو النقاش حول الوضع الاقتصادي لاسيما وأن الدولة مقبلة على دخول اجتماعي مفتوح على كل الاحتمالات بالنظر إلى الركود الذي يعرفه القطاع الاقتصادي والانعكاسات التي يمكن أن تعرفها الجبهة الاجتماعية مع تزايد المخاوف من تسريح عمال الشركات التي تورط أصحابها في تهم الفساد.
ويدق المراقبون لتطور الوضع ناقوس الخطر حول المآلات السلبية للمرحلة التي تجتازها الجزائر من الجانب الاقتصادي والاجتماعي وإذا كان الحراك الشعبي اكتفى بالمسيرات والوقفات للتعبير عن مطالبه إلا أن العديد من المتتبعين يحذرون من تحول موجة المطالب إلى الجبهة الاجتماعية مع عودة الاحتجاجات القطاعية إلى السطح حيث من المنتظر أن تعلن بعض النقابات عن نهاية الهدنة الاجتماعية التي أتاحت المجال لإيصال المطالب السياسية.
ومن بوادر الخطر أن الجبهة الاجتماعية ستزداد احتقانا خاصة وأنها أمام حكومة مرفوضة من قبل الحراك الشعبي مما يجعل الحوار صعبا معها بل قد يفسح المجال للتصعيد التي سيصاحب التصعيد السياسي للضغط على السلطة للاستجابة بشكل أمثل للمطالب السياسية لاسيما مطلب ذهاب الحكومة والتخلص نهائيا من بقايا نظام الرئيس بوتفليقة.
ومن جانب آخر وفي ظل ضرورة إعداد قانون المالية لعام 2020 فإن أطر الحوار الاقتصادي والاجتماعي التي كانت قائمة لم يعد لها وجود قوي وفعال منها المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والثلاثية المكونة للحكومة وأرباب العمل والشريك الاجتماعي الوحيد المقبول وهو الاتحاد العام للعمال الجزائريين.
وتعول السلطة على أنجاح العودة إلى المسار الانتخابي من خلال انتخابات رئاسية تفرز رئيسا وحكومة قادرين على مواجهة الوضع المنذر بالخطر بالنظر إلى جمود الاستثمارات المحلية والأجنبية وضعف الطلب المحلي إضافة إلى علامات الاستفهام العديدة التي تحوم حول مصير المؤسسات الاقتصادية الانتاجية والخدماتية التي يقبع ملاكها في السجون وليس أبعد من ذلك الاحتجاجات التي تعرفها مؤسسات كونيناف والتهدديدات التي تطال مؤسسات حداد وليس مستبعدا أن تعرف مؤسسات ربراب المصير ذاته.
تظل المؤشرات تضيئ باللون الأحمر في انتظار انفراج سياسي تسعى السلطة لأن يكون قريبا في الإطار الدستوري فكيف ستتعامل الدولة مع وضع مثل هذا وكيف توفق في الفصل بين التدابير السياسية والتدابير الاقتصادية لكي لا يتأثر الوضع الاقتصادي بالتقلبات السياسية.
احسن خلاص
في ظل الحوار للخروج من الأزمة السياسية:
الوسومmain_post