يبدو أن المشهد الليبي يتجه هذه الأيام نحو التعقيد والتصعيد بدلا من الإنفراج الذي كان ينتظره الليبيون، فبعدما كانت قد تعالت العديد من الأصوات الدولية في الشهر الماضي، مطالبة بضرورة وقف إطلاق النار والتوجه نحو الحوار بين الأطراف الليبية المتصارعة، وأعلنت رفضها لاستمرار التدخلات الأجنبية، اليوم تدور رحى المعارك على أرض الميدان، ولا لغة تعلو فوق لغة السلاح، ما يجعل الطريق أمام تحقيق المبادرات التي أطلقت سابقا ومؤخرا، من أجل إيجاد حل للأزمة الليبية صعبا للغاية.
عاد الطيران الحربي “المجهول” في ليبيا إلى قصف بعض المواقع المحددة وذات الأهمية، دون أن يتم تحديد هويتيه، ليبدا طرفا الصراع في ليبيا والقوى الأجنبية المدعومة لكلاهما، بتبادل الاتهامات حول الجهة المسؤولة عن التصعيد، وتوعد كل طرف الطرف الآخر بـ”رد قاس”، وهو ما ينبئ بتصعيد خطير قد تشهده ليبيا الأيام القادمة، خصوصا مع امتداد الصراع الى آبار النفط والقواعد الاقتصادية الحيوية بهذا البلد بعد القواعد العسكرية.
وقد قصف طيران حربي “مجهول” القاعدة الرئيسية “الوطية” في غرب البلاد، والتي أصبحت خاضعة لسيطرة حكومة الوفاق الوطني منذ منتصف ماي الماضي، بعدما كانت تحت سيطرة قوات ما يسمى بـ”الجيش الوطني” بقيادة خليفة حفتر.
وقد نددت حكومة الوفاق أول أمس، بتعرض هذه القاعدة لقصف “طيران أجنبي”، حيث قال نائب وزير الدفاع في حكومة الوفاق الوطني صالح النمروش إن “القصف الذي تعرضت له مساء السبت، قاعدة الوطية الواقعة 140 كلم جنوب غرب العاصمة طرابلس نفذه طيران أجنبي”، وتعهد في بيان بـ”رد رادع في المكان والوقت المناسبين”، كما اعتبرت حكومة الوفاق أن هذا “القصف يظهر بشكل جلي الإرادة عند حفتر وداعميه من القوى الخارجية، بالحفاظ على حالة عدم الاستقرار في ليبيا”، وإن “مواصلة هذه الاعتداءات ودعم الانقلابي حفتر بشكل علني، سيغذي حالة الفوضى والإشتباكات”.
في حين اعتبر “الجيش” التابع لحفتر أنّ “هذا القصف قد حقق 90 بالمائة من نتائجه، وألحق أضرارا كبيرا بالقوات التركية المتمركزة بهذه القاعدة”.
غير أن الصراع في ليبيا لم يكن هدفه ضرب مواقع عسكرية أو السيطرة على مناطق محددة بقدر ما كان هدفه السيطرة على آبار النفط، وهو ما غذى الصراع بين الأطراف الليبية فيما بينها وبين القوى الأجنبية الداعمة لكل طرف والباحثة عن حصة لها في هذه الآبار، و قد أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا على لسان رئيسها أول أمس، مصطفى صنع الله إن قوات أجنبية دخلت ميناء السدرة النفطي شرقي البلاد أول أمس الأحد، وبأن القوات الأجنبية -لم يحدد هويتها- التي دخلت ميناء السدرة تعمل على عسكرته، وميناء السدرة هو أحد الموانئ الرئيسية لتصدير النفط الليبي، ويبعد مسافة 180 كلم شرق سرت الخاضعة لسيطرة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وأشارت مصادر محلية أن هذه القوات الجنبية هي “مرتزقة”، وهو ما دفع على ما يبدو بريطانيا إلى التدخل، وإعلان رفضها لـ”عسكرة قطاع الطاقة في ليبيا”، حيث اعتبرت إنه “أمر غير مقبول ويهدد بالمزيد من الضرر”، وشددت السفارة البريطانية في طرابلس في بيان لها على ضرورة عدم توظيف قطاع الطاقة كورقة مساومة سياسية، مشيرة إلى وجود مرتزقة أجانب في حقل الشرارة، وجددت بريطانيا دعمها للمؤسسة الوطنية للنفط، “باعتبارها المؤسسة المستقلة والوحيدة في ليبيا المكلفة بإدارة موارد الطاقة”.
رزيقة.خ
الرئيسية / الحدث / بعد قصف قاعدة "الوطية" ودخول ميناء "السدرة" النفطي:
الوضع في ليبيا يتأزم ومخاوف من قطع الطريق أمام “الحل السياسي”
الوضع في ليبيا يتأزم ومخاوف من قطع الطريق أمام “الحل السياسي”