صنفت اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي” التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، فن “قناوة” على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي المغربي غير المادي للإنسانية، حيث احتكرت المغرب هذا الطابع الفني الذي تشتهر به الجزائر أيضا، في ظل تجاهل جزائري رسمي واضح.
وقد اعتبرت وزارة الثقافة المغربية هذا التصنيف، إنجازا كبيرا، له انعكاسات إيجابية متمثلة في دعم السياحة الثقافية بالمغرب وترويجها، وإخراج فن قناوة من نطاق المحلية إلى العالمية.
وصدمت الساحة الثقافية الجزائرية، بهذا التصنيف، متسائلين عن كيفية تمرير المغرب هذا الملف، دون علم المسؤولين على الثقافة وحماية التراث بشقيه في بلانا، على غرار مديرية حماية التراث على مستوى وزارة الثقافة، وحتى الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة “لوندا”، مستغربين عن سبب احتكار المغرب لهذا الفن الصحراوي الذائع الصيت بالجزائر أيضا والتي تشكل منطقة الصحراء حوالي 90 بالمئة من المساحة الإجمالية، وسبب الاستغراب راجع بالدرجة الأولى في أن المغرب أقامت الدنيا وأقعدتها بخصوص طبق الكسكسي وطابع الراي الغنائي، وهو مادفع الجهات الرسمية في الجزائر إلى تغليب صوت الحكمة وايداع ملف مغاربي، لتصنيف طبق الكسكي كتراث لامغاربي، خاصة في ظل تضارب المراجع في تحديد هويته الفعلية.
وموسيقى القناوة الجزائرية هي في الواقع موسيقى ديوان قناوة- ومصطلح الديوان هو لفظ عربي في الأصل.
ويستخدم لفظ الموسيقى الديواني للدلالة على الموسيقى القناوية ويوجد هذا النوع من الموسيقى في تونس ومصر (وربما أيضا في ليبيا)، تحت اسم خاص يعرف به في بلد أو آخر، ولموسيقى الديواني الجزائرية ما يشابهها في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث تُمارس في بعض الطقوس الروحانية، وتتحدد شهرتها شأنها في ذلك شأن موسيقى “قناوة” في كل من المغرب وتونس وليبيا ومصر بحجم الشريحة السكانية التي تمارسها.
والموسيقى القناوية في كل هذه البلدان أو المناطق، ليست لها نفس القوة أو التأثير على الساحة الثقافية في تلك البلدان والمناطق.
وفي عام 2006، أعلنت السلطات الثقافية الجزائرية عن جزائرية هذا النوع من الموسيقى ضمن مشروع بناء الأمة وذلك في محاولة لتكرار النجاح الذي لقيته موسيقى القناوي في الجزائر والمغرب. وتم تنظيم فعاليات لمدة عامين، على غرار مهرجان موسيقى قناوة في مدينة الصويرة بالمغرب. أسوة بغيرها من مختلف البلدان المغاربية، وقد احتاجت موسيقى الديواني بالجزائر في حاجة – وعلى الصعيد الوطني- إلى إعادة نظر في مسار رحلتها الطويلة عبر الصحراء، سعياً لإيجاد خصوصيتها التي يمكن العمل على إثرائها وتعزيز وجودها.
قبول وجود هذا النوع ينطوي على اعتراف بالثقافة الأفريقية، وظاهرة الرق التي حدثت في الماضي مع جميع ما تحيط به من أمور تعتبر من المحرمات التي لا يمكن الخوض فيها.
صبرينة كركوبة