تميز المشهد الثقافي الجزائري عام 2021، بالانتعاش الطفيف في القطاع، حيث حاول المشرفون على القطاع، العودة إلى الحياة الثقافية الطبيعية بعد عام من وباء “كورونا”، حتم على مختلف المؤسسات الثقافية والفنية إلى نقل النشاطات من ندوات ومعارض ومحاضرات على الواقع الافتراضي، ليكون عام 2021، بداية العودة التدريجية للنشاط على أرض الواقع، ورغم أنها كانت محتشمة نوعا ما، إلا أن السلطات العمومية أبدت نيتها في إعادة الروح للقطاع، ولعل ابرز هذه النشاطات يكمن في تنظيم أول منتدى للاقتصاد الثقافي.
ملتقى لنوادي وفعاليات القراءة:
في مبادرة هي الأولى من نوعها ونظرا لنشاط نوادي القراءة عبر مختلف ولايات الوطن، نظمت وزارة الثقافة والفنون، الملتقى الوطني لنوادي وفعاليات القراءة بمشاركة نوادي وجمعيات قراءة وكتاب ومثقفين من مختلف الولايات، وذلك بعدما استطاع روّاد القراءة من نوادي وفعاليات، أن يثبتوا نجاح خيارهم، وعملت صفحاتهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي على مواصلة التّرويج لفعل القراءة والتنبيه لضرورته في اتّزان الأحلام وقراءة الواقع وصناعة المفاهيم وعلى رأسها المواطنة.
ودشنت وزيرة الثقافة والفنون السابقة مليكة بن دودة، هذه التظاهرة، بمشاركة نوادي وجمعيات قراءة وكتاب ومثقفين من مختلف الولايات، والذي عرف تنظيم منصات تفاعلية لعدد من الروائيين كأمين الزاوي ومحمد ساري الذين قدموا تجاربهم في مجال الكتابة مبرزين تأثير القراءة والمطالعة في تشكيل شخصياتهم الأدبية، كما تم تكريم عدد من الكتاب والباحثين والناشطين الثقافيين كالكاتبة والوزيرة السابقة زهور ونيسي والباحثة في التراث زبيدة معمرية والروائي جيلالي خلاص بالإضافة إلى الناشط الثقافي أحمد تيسة (صاحب مبادرات قراءة).
مهرجان ايمدغاسن السينمائي بباتنة:
شهد عام 2021 أيضا تنظيم المهرجانات أيضا، وحيث تم تنظيم فعاليات الطبعة الأولى لمهرجان إيمدغاسن السينمائي في قاعة “سينماتك الاوراس” بباتنة، والذي عرف منافسة 26 فيلما روائيا قصيرا منها 12 فيلما يمثلون تسع ولايات من الوطن، وشهد حضور نخبة من الفنانين الجزائريين من بينهم صالح أوقروت، كمال بوعكاز، ، والسلطات الولائية، وقد تحدت محافظة المهرجان، الظروف الصحية والإمكانيات الشحيحة، لتنظيم مهرجانا ناجحا، شهد برنامجا منوعا طيلة عمر التظاهرة، كما تخلل الحدث عدة مسابقات هادفة ونوعية على غرار تنظيم مسابقة دولية وأخرى وطنية للمخرجين الوطنيين، وثالثة محلية تشجيعية لشباب المنطقة، علاوة على فتح ورشات تكوين في مهن السينما، وندوات فنية مع مختصين في المجال لفائدة الشباب، كما كان المشاركون في المهرجان وضيوفه على موعد مع عدة جولات ميدانية سياحية لكل المناطق السياحة بالأوراس، كزيارة الضريح إيمدغاسن وتيمقاد وشرفات غوفي.
أول منتدى للاقتصاد الثقافي:
لعل الحدث الأبرز خلال 2021، يكمن في تنظيم أول منتدى للاقتصاد الثقافي والذي جمع عدة وزارات وهيئات رسمية وممثلين عن هيئات دولية وأصحاب مشاريع ثقافية وكذا مؤسسات استثمارية وبنوك وخبراء جزائريين ودوليين في الاقتصاد والثقافة ومنتجين وغيرهم وهذا بهدف جعل الثقافة قطاعا خلاقا للثروة ومناصب الشغل، حيث خرج المنتدى بعدة قرارات في مجال السينما لا تزال إلى اليوم تنتظر التجسيد أهمها إطلاق مشروع المدينة السينمائية بولاية تيميمون وافتتاح مركبين سينمائيين بكل من وهران والعاصمة وإنشاء مدرسة للتكوين السينمائي بقسنطينة وأكاديمية فنون سينمائية بتيزي وزو ومنصة رقمية لتوزيع الإنتاج السينمائي، كما أبدت السلطات العمومية اهتماما بارزا بالصناعة السينماتوغرافية خصوصا مع إصدار مرسوم رئاسي في الجريدة الرسمية يتضمن إنشاء “مركز وطني للصناعة السينماتوغرافية” ومرسوما آخر يتضمن إنشاء المؤسسة العمومية “الجزائري لإنتاج وتوزيع واستغلال فيلم سينمائي عن الأمير عبد القادر” والتي ستتكلف بإنتاج وتوزيع واستغلال فيلم سينمائي عن هذه الشخصية التاريخية.
وزيرة جديدة على رأس وزارة الثقافة والفنون:
بعد أكثر من سنة ونصف على رأس وزارة الثقافة والفنون، شهدت سنة 2021 مغادرة الدكتورة مليكة بن دودة الوزارة، ليتم تنصيب الدكتورة وفاء شعلال –وهي مناضلة في صفوف حزب التجمع الديموقراطي “الأرندي”-، والتي استلمت مهامها الجديدة جويلية 2021.
الوزيرة السابقة مليكة بن دودة ورغم تحركاتها ومجهوداتها الكبيرة، أشرفت على عديد القرارات والمراسيم، وعالجت مختلف الملفات، واجتهدت وتابعت بصفة يومية القطاع المركب ومعقد، كما وأشرفت على تنظيم التظاهرات الثقافية والفنية وقامت بزيارة بعض ولايات الوطن، تركت المنصب لخليفتها ابنة مدينة السوقر بولاية تيارت وفاء شعلال.
وفاء شعلال تفتتح الموسم الثقافي:
أطلقت وزيرة الثقافة والفنون وفاء شعلال الموسم الثقافي 2021-2022، تحت شعار “قوتنا في تلاحمنا، وتميزنا في تنوع ثقافتنا”، بحضور عدد من الوزراء، حيث عرف الحدث زيارة معرض الإنتاجات المسرحية تحت إشراف المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي والمسارح الجهوية الأخرى، ومعرض للتراث من تنظيم متحف باردو ومتحف الآثار القديمة والفنون الإسلامية، متحف المنمنمات والزخرفة والخط العربي، ، ومعرض الفن التشكيلي الذي ضمّ أعمالا لـ 15 فنانا، حضروا من مختلف مناطق الوطن من بينهم شقران نور الدين، صحراوي بوبكر، عيادي سليمة، وغيرها من المعارض.
أيام المونودرام الافريقية بالأغواط:
تنظم هذه الأيام الطبعة السادسة من أيام المونودراما الافريقية بمدينة الاغواط، بمشاركة خمسة عروض في المنافسة من عدة بلدان على غرار الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، مصر وتونس والبنين وليبيا، فضلا عن ثلاثة أعمال مونودرامية جزائرية، وقد تم تكريم عدة وجوه فنية بارزة في الفن الرابع، على غرار الممثلة وهيبة بعلي، السينمائي والمسرحي محمد الطاهر زاوي، المؤلف والموسيقي لمين سوفاري بالإضافة إلى تكريم ابن المنطقة واحد الأعضاء المؤسسين لجمعية “الدرب الاصيل” للفنون الدرامية الراحل المرحوم سماحي مرفوعة (1960-2019)، كما يتضمن الحدث الذي سيختتم يوم 29 ديسمبر الجاري، تنظيم ورشات للتأليف الدرامي، وإعداد الممثل من تأطير كل من فتحي كافي، فخر الدين لونيس على التوالي، وكذا تقديم محاضرات على علاقة بالفن الرابع ومجموعة من معارض للصور الفوتوغرافية على علاقة بتاريخ العمل المسرحي المحلي والوطني ولوحات فنية لجميع الفنانين التشكيلين للمنطقة.
صبرينة ك