انطلق،أمس، في باليرمو عاصمة صقلية الايطالية، المؤتمر الدولي حول مستقبل ليبيا، لمحاولة إخراج البلاد من الأزمة ودعم الخطة الجديدة التي وضعتها الأمم المتحدة، وتشارك في المؤتمر عدة دول منها دول الجوار الليبي ومنها الجزائر التي سيمثلها الوزير الأول احمد أويحيى، غير أن غياب أطراف ذات الأهمية من الجانب الليبي، وكذا غياب رؤساء بعض الدول كفرنسا وألمانيا قد يجعل فرص نجاح هذا المؤتمر ضئيلة، رغم تأكيد ايطاليا البلد المستضيف أن هذا الاجتماع يحظى بدعم قادة دوليين، ومحاولتها إبعاد المؤتمر عن الصراع الظاهر وغير المعلن بينها وبين فرنسا على الملف الليبي، السبب الرئيسي الذي يراه البعض وراء غياب الأطراف المذكورة.
ويرى المتتبعون للشأن الليبي، أن فرص نجاح المؤتمر الدولي بايطاليا ضئيلة، كونه ولد من رغبة ايطاليا في إظهار قيادتها وموازنة نفوذ فرنسا، المنافس الشرس لها في القضية الليبية، وليس بسبب وجود تطورات على الأرض استدعت عقد مؤتمر جديد، أي أن المسالة حسب محللين، مبنية على أساس الصراع الايطالي الفرنسي حول ليبيا و ليس بدافع إيجاد الحلول الحقيقية للازمة التي يعيشها هذا البلاد، وأن هذا المؤتمر يخص ايطاليا بالدرجة الأولى وليس ليبيا، وهو الدافع الذي قد جعل أطرافا هامة من الجانب الليبي وعلى رأسهم المشير خليفة حفتر يغيب عن المؤتمر حسب مصادر إعلامية- في اليوم الأول منه في انتظار إمكانية حضوره خلال اليوم الثاني.
غسان سلامة: “الجميع يريد الإبقاء على الأمر الواقع“
وقد زاد تصريح المبعوث الأممي إلى لبيبا غسان سلامة الذي قال إن جوهر المشكلة الحقيقية التي تواجهنا في ليبيا هي “أن الجميع يريد الإبقاء على الأمر الواقع، لأن الوضع الراهن يتيح للجميع نهب ثروات البلاد، وهناك توافق عميق بين كل الأطراف على إبقاء الوضع على ما هو عليه الذي ينتج مليونيرًا جديدًا كل صباح، بينما يتردى الوضع العام ويزداد سوءًا”، ليؤكد على أن مساعي هذا المؤتمر لن تأتي بجديد، وسيكون مصيرها مشابها لمصير مؤتمر باريس، فتلك التصريحات من المبعوث الاممي لم تعط أملا لنجاح المؤتمر منذ البداية ومن يومه الأول، وتابع سلامة الذي تحدث أمس لوسائل إعلام قائلاً: «لقد بدأنا عملية لملمة الشظايا، وهناك مَن يتصور أنها يمكن أن تتم بين ليلة وضحاها، لكن هؤلاء واهمون لأن حجم التوافق على الأمر الواقع ضخم وكبير، وفي كثير من بلاد العالم يكون الخارج هو مصدر النزاعات الأساسية، أما في ليبيا فإن معظم الصراعات مصدرها الداخل، وباختصار شديد فإن ليبيا تنتحر بأموالها ولابد من وقف هذا النهب أولاً”.
وعاد سلامة ليؤكد على موقفه السابق بخصوص العمل على محاولة أخرى لإجراء انتخابات في شهر جوان القادم بعد أن ألغى خطة لإجرائها في ديسمبر كما كان مزمعا وكما كان قد نص عليه مؤتمر باريس السابق، غير أنه أكد في تصريح إلى وكالة “رويترز” على هامش مؤتمر باليرمو أنه “يتعين على الليبيين أولاً عقد مؤتمر وطني في أوائل العام 2019 لتحديد شكل الانتخابات”.
رئيس الوراء الايطالي: “مؤتمر ليبيا يحظى بدعم قادة دوليين“
من جانبه، قال رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبّي كونتي، إن مؤتمر قمّة باليرمو لأجل ليبيا يحظى بدعم قادة دوليين، وليس مجرد فرصة لالتقاط الصور التذكارية التقليدية، مضيفًا في مقابلة مع جريدة “لا ستامبا” الإيطالية، “لقد تحدثت إلى العديد من القادة الدوليين، ولمست لديهم جميعًا اهتمامًا ودعمًا، بغض النظر عن المشاركات الفردية”، مبينًا أن “تمثيل الدول المشاركة سيكون على مستوى أكثر من كافٍ، بدءًا من روسيا وفرنسا”.
ويأمل رئيس الوزراء الإيطالي في أن يشارك في هذه القمة في يومها الثاني “قادة من أمثال الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون”.
لكن موقع “دويتشه فيله”، أفاد بأن باريس سيمثلها في هذا المؤتمر الدولي وزير الخارجية إيف لو دريان، فيما من المقرر أن يمثل الحكومة الألمانية وزير دولة بوزارة الخارجية، هو نيلز أنين.
هذا وهيمن الملفان الأمني و الاقتصادي على فعاليات اليوم الأول من المؤتمر الدولي حول ليبيا، و استعرضت نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا للشؤون السياسية، ستيفاني ويليامز، الدوافع الاقتصادية للمواجهات التي شهدتها العاصمة طرابلس الشهر الماضي ، الذي شهد انسحاب نائب برلماني من أول جلساته بسبب ما اعتبره أوامر تصدرها البعثة الأممية وصندوق النقد الدولي.
رزيقة.خ