عبرت الفنانة “حفيظة بن ضياف” عن غضبها من حال الفنانين في الجزائر مناشدة المعنيين بالاهتمام بالفنان الجزائري أسوة بباقي البلدان، موجهة كلامها للمسئولين عن الفنانين بكافة مجالاتهم الفنية داعية إلى أن نتعلم من الدول المجاورة كيف يقدرون فنانيهم لكي لا يكونوا سببا في هجره كل مبدع إلى الخارج “.
وعن حياتها الشخصية والمهني جمعنا معها الحوار التالي:
حاورتها: أحلام بن علال
– بداية حدثينا عن أهم اللحظات التي واكبت بداية تجربتك الفنية في المسرح والتلفزيون؟
أولا وقبل كل شيء أرحب بكم في منزلي، ثانيا أنا حفيظة قمبور زوجة سيد علي بن ضياف الذي كان إطارا في التلفزيون، أنا من مواليد ديسمبر 1954 بالجزائر العاصمة أم لثلاث أطفال بنتين وولد و جدة لثلاثة أحفاد، تزوجت سنة 1975 وللإشارة أنه في الماضي لم تكن هناك علاقات حب كالتي يشهدها مجتمعنا اليوم فزواجي كان عن طريق صديقتي دليلة التي كانت تعمل سكرتيرة عند زوجي طلب منها أن تأخذ رأيي في الزواج وافقت وكل شيء مر بسرعة كبيرة ففي 6 أشهر خطبنا وعقدنا وتزوجنا، وأنجبت ابني البكر المولود في 1977 الذي تزوج منذ 9 سنوات ولديه طفلين أحبهما كثيرا وأعامل زوجته بحب كبير كبناتي، والحمد لله لم أواجه معها أي مشاكل فهي بنت خلوقة جدا، وبعدها بنتي الوسطى مريم سنة1983 لديها بنت أموره أحبها جدا، وآخر العنقود سارة في 1988 .
أحب عائلتي كثيرا وأحرص على راحتها وسعادتها فهي أهم ما أملك، وأهم شيء في حياتي، أما الفن فأنا أعتبره الأكسجين الذي أتنفسه لأنني خطوت أول خطواتي الأولى فيه في سن صغيرة جدا إذ كان عمري آنذاك 13 سنة في عام 1967 فأنا أعشق التمثيل منذ طفولتي، وأحب الدراما والوقوف أمام الكاميرا، وعندما أتتني الفرصة المناسبة لإشباع هوايتي، انطلقت مع المجموعة الصبيانية في حصة جنة الأطفال للأستاذ عبد اللطيف و قمت بتجسيد أدوار صبيانية، رغم معارضة والداي لذلك لكن خالي الذي كان يشتغل آنذاك بشركة حمود بوعلام قام بتشجيعي وفي سنة 1969 التحقت بالمجموعة الصوتية الوطنية وكنت من الفائزين بعدة جوائز، وبعدها انتقلت إلى المسرح الإذاعي والذي اكتشف موهبتي هو المخرج بوراس بأول عمل لي في الثمانينات ومن ذلك الوقت وأنا أقدم كل ما عندي من طاقة في مسرح أعتبره محرري وهو تجربة فنية ثرية مهمة جداً في حياة ومسيرة الفنان وطموحه، وبالطبع أحب الوقوف على الخشبة لكني كنت حريصة دائما على البقاء بجانب أطفالي الذين كرست لهم كل حياتي، واكتفيت بتجسيد أدوار في الأفلام والمسلسلات بعد تقاعدي بعد 32 سنة عمل2004 ، بأكثر من 50 مسلسل وفيلم تقريبا، وقدوتي في التمثيل كانت السيدة كلثوم التي تمنيت الوقوف بجانبها على خشبة التمثيل وللأسف ماتت رحمها الله.
– تنوعت أدوارك بين الدراما والفكاهة كيف، استطعت التوفيق بين الاثنين وأين تجدين نفسك أكثر ؟
أنا من عشاق المسرح فهو أب الفنون ورغم ذلك ابتعدت عنه قليلا لأنه من الفنون التي يجب التفرغ الكامل لها، وأنا كأم لدي مسؤولية تجاه أولادي وغيورة على مصلحتهم لا أستطيع وللأسف، فاكتفيت بالأفلام والمسلسلات التي جسدت من خلالها أدوار مهمة مع أهم المخرجين وأكبر الفنانين الذين تعلمنا منهم كثيرا، ووصلت إلى الجمهور الذي أصبح يحبني ويسأل عني متتبعا لأخباري دائما، وهذا يشرفني، فمحبة الجمهور لي ورضاه عني تكفيني، أما عن الدراما والفكاهة فأنا أفضل الدراما لأنها تعكس الواقع وتجسده أكثر من الفكاهة، وأقرب دور إلى قلبي أديته كان دور زهية في مسلسل الوصية، بالإضافة إلى أعمال فنية أخرى ك”ليلى والأخرين” لسيد علي مازيف، “عايلة كي الناس” ، مسلسل “المحكمة” لعبد القادر لعزيزي رحمه الله، يد للساحرة مع الممثلة بيونة، “البذرة”، “الغزالة”، “المشوار”.. وغيرها، كما أحب الأعمال الكوميدية لأرسم بسمة على وجوه الناس، ومعظم أدواري مختارة ضمن هذه الشروط والتي إذا ما حققت السوية الجيدة فإنها ستنعكس على العمل الفني والفنان، فشروط العمل الجيدة تفرش الطريق السهل نحو النجاح والتميز في الأداء في حال امتلاك الفنان الموهبة، في هذا السياق تلعب ثقافة الفنان دورها المهم كونها تصوغ رؤيته وآراءه وموقفه من العمل الفني ومسؤوليته في الحياة، من جهة أخرى لا يمكن إغفال أهمية الدراما والإعلام في وقتنا الحاضر، فالمطلوب من الدراما طرح ومعالجة هم المواطن الاجتماعي والسياسي والوطني.
– يرتبط نجاح الفنان بعوامل عديدة من الموهبة والنتاج المتواصل، إلى الخيارات الفنية الجيدة، وكل ذلك يسير به نحو الاستمرار والتميز، لكن برأيك كيف ترتبط تلك العوامل مع بعضها البعض؟
برأيي نجاح الفنان يرتكز على إمكانياته وموهبته ووجهة نظره في الحياة التي ترتبط بالشكل المباشر مع شروط العمل الفني ومقومات نجاحه، من هنا تأتي أهمية الخيار الفني الذي يتناسب مع رؤية الفنان ومشروعه الفني ومن وجهة نظري إن مضمون العمل يلعب دوراً كبيراً في هذا الإطار، كما وأسعى للمشاركة في أعمال تحقق الشروط الجيدة كسوية الدور وسوية العمل، بما يؤكد موهبة الفنان وحبه للمهنة، إذ يمكن عبر دور بسيط أن يصنع الفنان الموهوب نجاحاً باهراً، والأمثلة أكثر من أن تحصى، وإذا كانت شروط العمل الفني متكاملة من نص إلى إخراج وغيره فالموهبة هي الأهم، والفرص لا تصنع فناناً، والموهبة أولاً وثانياً وثالثاً طبعاً المشروطة بالصقل والبحث والمعرفة، ومن المحتمل أن تمنح الأعمال الجيدة فرصة للفنان، لكن الاستمرار يحتاج الموهبة، والاختيار الصحيح وإن كنت في بعض الأحيان قد اضطر للتنازل لأدوار لا تروق لي، لكنني أحاول أن أنوع في تجاربي، ولابد من القول إن العملية الفنية مشروع جماعي، إذا توافرت السوية الجيدة لكل عنصر من الكاتب إلى المخرج والممثل والإنتاج، ذلك يكون حلماً لأي فنان، وتلعب الشروط الفنية للعمل دورها في نجاح الفنان، ويأتي مضمون العمل الذي يهم كافة شرائح المجتمع بالدرجة الأولى، بابتعاده عن المجانية في أهدافه وماذا يقول أو يقدم من أفكار، لذلك أثره مهم في صنع المكانة المتميزة للفنان المشارك بهكذا أعمال، وقد أصبح جمهورنا واعياً ومثقفاًن لذلك أتت الخيارات للجهات الإنتاجية متميزة وحققت بالفعل شروطاً صعبة على أساس تكامل العناصر الفنية.
– كيف يتم اختيارك لدور ما .. هل لإجادتك شخصية ما أو لملامح الوجه أو لماذا؟
عوامل كثيرة : كإتقان اللهجة المطلوبة والشكل المطلوب للدور، قرب الشخصية من الشكل و غير ذلك، وهذا يعتمد على نظرة المخرج وهو الذي يقود الفنان للنجاح في الدور أو الفشل فيه وأي فنان يسعى إلى المشاركة في العمل المهم والمتكامل الذي يحقق الشروط النموذجية، وإن كان تحقيقه صعباً على أرض الواقع، لكن مطلوب منا كممثلين التدقيق في تجاربه التي تكسبه الخبرة الفنية، ومشاركاته في الأعمال الجيدة ذات الشروط الفنية المميزة تشكل خطوة لمصلحة مسيرته الفنية وتؤثر موهبته ومقدرته الأدائية لإيصال كافة الحالات التي يؤديها بحرفية عالية، أما عناصر العمل أهمها المضمون الذي يخدم الجمهور ويلامس مشكلاته، إذ يرى آماله تعالج بواقعية وصدق، فإنني أفضل الاجتماعي ومشكلات الجيل والمرأة والضغوط التي تتعرض لها، كما هي مشكلات الشباب المتزايدة، هذا عدا المشكلات الاقتصادية، وأحب أن تكون مشاركاتي لها هدف يهتم بالظروف الحالية، وتعطيني الأدوار فيها مساحة للأداء وإخراج ما في داخلي من انفعالات وتفاعل وإيمان بذلك العمل، برأيي نجاح الفنان يستند على عوامل كثيرة تترسخ وتستمر على الدوام عبر التدقيق والاختيار.
– كيف تفهمين العالمية … والشهرة ؟
العالمية في نظري هي الانتشار عربيا، فأنا لا أرى أي جدوى من شهرتي في الغرب ولكن أنا مفهومي للشهرة هو النجاح، إذا نجحت سوف أكون مشهورة لا محال، وحب الجمهور هو مقياس النجاح بالنسبة لي.
– ممثل أو ممثلة تحبينهما يخطر ببالك في هذه اللحظة أن توجهي لهما كلمة ؟
ذهبت ولن تعود.. “أجابتني بدموع حارقة” هي الفنانة القديرة فتيحة بربار التي بموتها فقدت الأخت الطيبة والحنونة .. أحببتها كثيرا ووثقت فيها أكثر من أي شاخص آخر، أحست بأوجاعي وخففت عني كانت تحس بي من نبرة صوتي، خسرتها الساحة الفنية كممثلة ليس لها مثيل، وخسرتها أنا كأخت طيبة وحنونة عرفتها لمدة أربعين سنة وفراقها أثر في كثيرا بفقدانها فقدنا الكرم والأخلاق والصبر والعطاء والحلم، أقول لها كيف أتغلب على وجع رحيلك، كيف أتعود على فراقك ما عاذ الله أن اعترض على أقداره ولكني أتساءل كيف الاحتمال!؟
– ماذا عن طعنات الغدر الفنية؟
لم أتعرض لها، فدائماً أتعامل بوضوح مع الجميع وبصورة مباشرة، وهم بدورهم يبادلونني بالطريقة نفسها.
– كيف ترين مستقبل التمثيل في الجزائر؟
في ازدهار ونمو نتيجة المواهب الشابة التي تسعى إلى الارتقاء بها، وبازدياد القنوات الجزائرية الكثيرة.
– ما الأدوار التي تحلمين بتأديتها؟
ما زال أمامي الكثير من الأدوار والشخصيات التي أحب أن أؤديها من دراما وكوميدية.
– من هي الوجوه الفنية الشابة التي تتنبئين لها بمستقبل زاهر؟
مليكة بلباي، ورانيا زيروطي أظن أن لهم مستقبل زاهر إنشاء الله.
– حدثينا عن آخر أعمالك؟
آخر أعمالي التي ظهرت على الشاشة هي مع الحاج لخضر في رمضان العام الماضي، ولعبت عدة أدوار كدوري مع المخرج كريم مع فتيحة سلطان، و مشاركتي في فيلم سنمائي سيبث” قريبا“، وآخر عمل لي كان بساتين البرتقال الجزء الأول الذي هو في مرحلة المونتاج الآن بدور زينب فيه42 حلقة هي قصة تحكي عن الثورة من 1901 حتى 2014 ، فيه 3 أجزاء إنتهينا من تصوير الجزء الأول منها الذي سيعرض في رمضان المقبل إنشاء الله.
– هل تؤيدين الأفلام الجريئة؟
لست مع الأفلام الجريئة فنحن نعيش ضمن مجتمع محافظ، له عاداته وتقاليده الخاصة، وأنساقه وأنماطه السلوكية المميزة.. قد يكون للمرأة في التمثيل مساحة من الحرية، لكن ليس إلى الدرجة التي تنسى فيها أنها تتلاعب بتلك العادات والتقاليد، حتى لا يحدث الخلل في التوازن السلوكي والأخلاقي داخل المجتمع، وحتى لا تكون تلك المرأة قدوة غير جيدة لنساء قابلات للانحراف والتمرد، ومن ثم الضياع وترك وصمة العار بارزة على جبين أسرهن، وعلى كل حال يبدو أن المسألة عميقة وواضحة.
– غبت عن الشاشة لمدة 3 سنوات، ما هو سبب هذا الغياب؟
مرضت سنة 2011 بقلبي وذلك أبعدني قليلا عن الفن لكن والحمد لله عدت بعد معافاتي لأنني لا أستطيع أن أعيش بعيدا عن الفن وأجمل اللحظات في حياتي هي اللحظات التي أكون فيها داخل بلاطو التصوير وسعادتي الحقيقية هي عندما يتصل بي أحد مع المخرجين لعمل ما فهذا يفرحني كثيرا.
– كنت عضوة بارزة في جمعية الضحى لمساعدة مرضى السرطان؟
نعم كنت عضوة ونائبة لرئيسة جمعية نور الضحى لكن مرضي سنة2011 قلل من نشاطي المعهود، وهذا لا يمنع من كوني لا زلت أأيد كل الجمعيات الخيرية وأساعد من كان بحاجة لي، و لاشك أن لكل جمعية أهدافها الخاصة التي تسعى إلى تحقيقها بما يتوافق وطبيعة نشاطها وبما يعود بالنفع والخير للجماعات والفئات التي تستهدف خدمتهم.
هدفي في عالم الفن هو أن أقوم بتمثيل الأدوار على مستوى جيد تعجبني وتعجب الجمهور أيضا، وأن يرى الجمهور أن هناك موهبة وليست فقط ممثلة تقوم بأداء دورها في فيلم او مسلسل.
أحب أن أخدم عائلتي زوجي وأولادي قبل أي شيء آخر وأن أكون راضية عن نفسي وكذا الآخرين راضون عني، أتمنى أن أتقدم باستمرار في مجال الفن، وأحب أن أكون موهبة قبل أن أكون مشهورة لأن الشهرة ليست هدفي فالهدف بالنسبة لي هو أن أقدم شيئا في المستوى، وحبي لعائلتي وأولادي من أولوياتي في الحياة يأتي بعدهم الفن الذي أعشقه، كما أتقدم بالشكر الجزيل لجريدة الجزائر التي أفسحت المجال أمامي ليعرفني جمهوري أكثر.