يرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سكيكدة والخبير في تكنولوجيات الاعلام والاتصال، بشير شايب، أن الأزمة الصحية التي تعيشها البلاد، والتي ضربت أغلب بلدان العالم “أيقظت الكثير من القدرات الإبداعية لدى الشباب وأيقظت بهم الهمم”، معتبرا أنه بات من الضروري اليوم مراجعة كل الحسابات كشعب وكدولة بعد انقضاء هذه الأزمة، فجزائر قبل كورونا لن تكون كجزائر بعد الوباء، ما يتطلب البدء في التخطيط لإعادة ترتيب الأولويات ووضع استراتيجية قوية لخوض المستقل بقوة وبثبات، ويرى شايب في حوار مع “الجزائر”، أن ما أنتجته أزمة كوفيد 19، من عمل تضامني وجب أن يستمر العمل به لما بعد انحصار الوباء وذلك لمعالجة تأثيراته على مختلف مناحي الحياة وذلك بمواصلة التكفل بالمتضررين من الأزمة وتقديم الدعم اللازم لذلك.
– منذ بداية أزمة كورونا برزت العديد من الإبتكارات والإختراعات العلمية قام بها شباب وإطارات جامعية، وخريجو معاهد التكوين المهني، إذا ما تم مرافقتها مستقبلا سوف تحدث نهضة حقيقية في البلاد… فما سبب بروزها اليوم تحديدا ؟
يفترض أن تلد الأزمة همما هنا وهناك وأنا متفائل بأن ما بعد “كورونا” ليس كما قبله لأن هذه الهزة التي أيقظت الكثير من القدرات الإبداعية لدى جميع أطياف المجتمع وعرت الكثير من نقاط الضعف ستكون دعوة لمراجعة كل حساباتنا كشعب وكدولة في ترتيب أولوياتنا والتخطيط الاستراتيجي لخوض المستقبل بقوة وثبات وإصرار على النجاح فلا أحد سيساعدنا إذا عجزنا عن مساعدة أنفسنا وهذا ما اتضح حتى على المستوى الدولي، وهناك مواهب مدهشة حقا وقد اكتشفت هذا عند شبابنا.
– إضافة إلى الابتكارات، برز العمل التضامني والتطوعي بقوة خلال أزمة “كورونا”، في رأيكم حتى يكون العمل التطوعي أكثر فعالية وأكثر استقطابا للمتطوعيين وشركاء أخرين ممن يمكنهم تقديم مساهمات مالية أو أدوات ووسائل، ما هي الخطوات الواجب اتباعها في هذه الأعمال؟
حين تتوفر الإرادة الصادقة والنزاهة في التأطير والتسيير وإشراك الجميع وتجنيدهم في خدمة الصالح العام فإننا سنصل حينها إلى تجسيد فكرة الحكم الراشد والديمقراطية التشاركية وتوسيع قاعدة الحكم المحلي وهذا مطلوب كنموذج في كل بلديات الوطن، كل حسب خصوصيته وأولويته، هذه الخلايا يجب أن تتكفل بكل التداعيات الناجمة عن الزلازل والفيضانات وأي كارثة طبيعية أخرى أو صحية، وتكون دائمة الاستعداد لذلك وفق مخططات واستيراتجيات معدة مسبقا.
– أشرفتم على تشكيل أول خلية أزمة -مصغرة -على المستوى الوطني لمكافحة “كورونا” بهيكل تنظيمي محكم وبنموذج فريد، فكيف جاءت فكرة هذه المبادرة؟ وهل تضم فعاليات المجتمع المدني فسحب أم أن هناك جهات رسمية وغير رسمية أخرى ضمنها ؟
خلية الأزمة التي أشرف عليها هي تابعة لبلدية بني والبان ولاية سكيكدة، هي أول خلية أزمة شكلت على المستوى الوطني، وهي مبادرة من مجموعة من الرجال ومن فعاليات المجتمع المدني لبلدية بني والبان تم تبنيها من قبل المجلس الشعبي البلدي والانخراط فيها فهي تضم في عضويتها رئيس البلدية ونوابه ورؤساء الجمعيات وشخصيات اجتماعية وثقافية واقتصادية مهيكلة في لجان محددة المهام وفق برنامج عمل دقيق واستراتيجية تستشرف مختلف السيناريوهات التي قد تأخذها جائحة “كورونا”.
– كيف يتم التنسيق داخل هذه الخلية ؟
تم اسناد مهام التموين والإمداد بمختلف المواد الغذائية وتوزيعها على لجنة الإمداد مع تسخير عشر شاحنات بين كبيرة ومتوسطة مضافا إليها سيارات خاصة ومختلف وسائل البلدية، كما اسندت مهام تنظيم وتسجيل المتطوعين إلى لجنة تقوم بإستقبال المتطوعين الراغبين في العمل ضمن الخلية-سيرة والتكوين- وهنا وجب التذكير أن التطوع في الخلية تحكمه شروط السن والإستعداد للعمل في كل الأوقات وكل الظروف، وتضم الخلية أيضا لجان للإعلام والتوعية والصحة واليقظة والتنظيم والوسائل، و تضم الخلية ضمن هيكليتها منسق عام يشرف على التنسيق بين مختلف اللجان ويوجهها حسب أولويات التدخل.
– هل كان هناك تجاوب مع ما تقوم به خلية الأزمة من قبل المواطنين؟
لقد لمسنا تجاوبا كبيرا لدي المجتمع المدني ببلديتنا، حيث غابت مظاهر الطوابير لاقتناء مادة السميد وتم تطبيق مبدأ “ابق في منزلك ونحن نوصل لك كيس السميد”، وهنا وجب ذكر تفصيل مهم وهو أن عملية التسجيل لاقتناء السميد تتم بالهاتف ليتم توزيع السميد حتى بيوت المواطنين ودون أي عناء تنقل من طرفهم، كما قامت الخلية بإحصاء ذوي الامراض المزمنة مع تحديد مكان إقاماتهم تحسبا لأي تدخل أو ايصال أي معونة طبية لهؤلاء وذلك ضمن لجنة الصحة والوقاية، أما لجنة النظافة فقد تكفلت لعدة مرات بتعقيم شوارع البلدية بالتنسيق مع مصالح الحماية المدنية والدرك الوطني، في حين قامت لجنة التنظيم بتعليم أماكن الاصطفاف أمام المؤسسات العمومية مثل البنوك وبريد الجزائر ومحلات المواد الغذائية وذلك لاحترام مسافة التباعد الاجتماعي المطلوبة، ووجب التذكير أن للخلية صفحة رسمية على الفايسبوك وقناة على “اليوتيوب” تديرهما لجنة الإعلام والتوعية.
– ألا ترون أن مثل هذه المبادرات وجب أن تصبح أساس العمل التطوعي الذي يهدف الى تنظيم الحياة اليومية حتى في الظروف الطبيعية مستقبلا بعد انحصار الوباء، خاصة أنها أثبتت نجاعتها في هذه الأزمة؟
يجب استمرار عملها لما بعد انحصار الوباء وذلك لمعالجة تأثيراته على مختلف مناحي الحياة وذلك بمواصلة التكفل بالمتضررين من الأزمة وتقديم الدعم اللازم لذلك، فنحن فيما يخص خليتنا فقد قامت بتسطير برنامج يمتد إلى ما بعد شهر رمضان المعظم وذلك بتوزيع المعونات الغذائية ضمن قفة محترمة ومنوعة كما وكيفا وهذا بما ننتظره من مساهمة الخيرين أما بخصوص مساهمة عبر الوطن في هكذا مبادرات فنحن على أتم الاستعداد للمساعدة في تعميم هذا النموذج الشباب الرائد.
– بالعودة الى اختصاصكم كأستاذ جامعي، قمتم بإطلاق منصات للتعليم الالكتروني للأساتذة و التلاميذ لمتابعة دروسهم عن بعد، فكيف تقييمونها اليوم بعد مرور ما يقارب الأسبوعان عن اطلاقها؟
المنصة التعليمية التي أطلقتها جاءت في إطار الاستعدادات للبديل الرقمي حال استمرار جائحة “كورونا” وتعذر التحاق الطلبة والأساتذة بمقاعد الدراسة وهي منصة مزودة بكل تقنيات التحاضر عن بعد أو ما يعرف بالفيديو كونفيرانس واتاحة المراجع والوثائق بصيغة “بي. دي .اف” أو أي صيغة أخرى، والمنصة تسجل حضور الطلبة أوتوماتيكيا ويمكن تصفحها من كل الأجهزة اللوحية والموبايل وقد لقيت ارتياحا لدى الكثير من الأساتذة عبر الجامعات الجزائرية والذين سجلوا فيها للاستفادة من خدماتها.
– تم اختياركم سفيرا لمؤسسة “فيريا” التابعة للاتحاد الأوربي وهي مؤسسة علمية رائدة في مجال النشر العلمي والمعرفات العلمية، هل يمكن أن تقدوا توضيحات أكثر حول منصبكم الجديد؟
تم قبولي كسفير لمؤسسة “فيريا” التابعة للاتحاد الأوروبي وهي كما ذكرتم مؤسسة علمية دولية رائدة في مجال النشر العلمي والمعرفات البحثية، و FREYA هو مشروع مدته 3 سنوات تموله المفوضية الأوروبية في إطار برنامج Horizon 2020، يهدف المشروع إلى توسيع البنية التحتية للمعرفات الثابتة (PIDs) كمكون أساسي للبحث المفتوح، في الاتحاد الأوروبي والعالم سيعمل نظام FREYA على تحسين الاكتشاف والتنقل والاسترداد والوصول إلى موارد البحث.
ستمكّن خدمات المنشأ الجديدة الباحثين من تقييم البيانات بشكل أفضل وجعل السجل العلمي أكثر اكتمالًا وموثوقية ويمكن تتبعه، من خلال الانخراط مع المجتمع العالمي من خلال تحالف بيانات البحث (RDA) والبنى التحتية البحثية الأخرى، نعمل معا لتحقيق رؤية البيانات التي يمكن الوصول إليها بالكامل، ويتبع FREYA من مشروع THOR الناجح.
– تعملون أيضا مع مؤسسة orcid الخاصة بتوثيق البحوث العلمية هلا حدثتمونا عنها؟
أشتغل من خلال المجلة الافريقية للعلوم السياسية مع مؤسسة orcid الخاصة بتوثيق البحوث العلمية ومنح معرفات موحدة للباحثين على مستوى العالم وهي مؤسسة هامة تعتمد عليها كبرى قواعد البيانات العلمية مثل scopus and web of science ، كما أقوم دائما من خلال المجلة بإدراج البحوث المنشورة والمعرفات التوثيقة لدى مؤسسة crossref الدولية والمتخصصة في منح معرفات Digital object identifier أو ما يعرف باختصار doi، وهو معرف وحيد يمنح لكل انتاج علمي، والهدف من DOI هو تسهيل الإدارة الرقمية طويلة الأجل لأي عنصر علمي مثل المقالات والمجلات العلمية والإعداد الخاصة والكتب والأطروحات ربط البيانات الوصفية مع معرف العنصر المختار المراد إدارته.
– أنتم مختصون أيضا في تكنولوجيات الإتصال والبرمجيات، ما جديد اسهاماتكم في هذا المجال؟
– أعمل حاليا على وضع مكتبة إلكترونية ذاتية التغذية من خلال معرفات orcid et crossref doi، وأنا مستعد لوضع خبرتي تحت تصرف المجلات العلمية الوطنية من أجلال إيصال البحث العلمي في بلادي الى درجة العالمية والاحترافية.
حاورته: رزيقة.خ