قال وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، عمار بلحيمر، إن تاريخ 16 سبتمبر الجاري، والذي سيكون بداية فتح النقاش الإعلامي حول مشروع تعديل الدستور، يوافق الاستدعاء الوشيك للهيئة الناخبة لاستفتاء أول نوفمبر المقبل، ليقرر الشعب بشأن المشروع، وأكد بأن رئيس الجمهورية قد قرر أن يلتجئ إلى إرادة الشعب عن طريق الاستفتاء دون تخطي التصويت بنقاشات محدودة بغرفتي البرلمان، واعتبر أن عدم المشاركة في النقاش الذي يسعى أن يكون واسعا وشاملا، أو حتى عدم المشاركة في الاستشارات المقبلة المرتقبة حول النص يؤدي إلى كارثة.
وأوضح بلحيمر، أمس، في حوار مع وكالة الأنباء الجزائرية، أن لجنة الخبراء تقيدت تقيدا وثيقا بالمهمة التي أوكلت لها ضمن خارطة طريق رئيس الجمهورية والمتمثلة في أن يشكل تعديل الدستور “حجر الأساس لبناء جمهورية جديدة بغية تحقيق مطالب الشعب المعبر عنها خلال الحراك الشعبي، و بأن الورشة التي خصصت من أجل “دستور مراجع و معدل” هي بمثابة تجسيد لأولى الالتزامات الانتخابية الـ54 لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، المتضمنة تأسيس جمهورية جديدة تستجيب لتطلعات الشعب، وأضاف قائلا: “خرجنا للتو من مرحلتين فاصلتين من الدرب الطويل الذي سيقودنا إلى الفاتح من نوفمبر، انتهاء عمل لجنة الخبراء التي يترأسها زميلي أحمد لعرابة، التي استقبلت ما لا يقل عن 5018 مساهمة إثراء، من جهة، والمصادقة على مشروع النص على مستوى المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، بعد مناقشات محدودة في كنفهما، من جهة أخرى”.
وذكر الوزير بأن الوعد الانتخابي يوضح أن هذا التعديل يهدف إلى تكريس الديمقراطية وفصل تام بين السلطات وتعزيز سلطات الرقابة البرلمانية وضمان سير منسجم للمؤسسات وتجنب كل انحراف استبدادي من خلال وضع ضوابط فعالة وتكريس مبدأ أن يصبح تحديد العهدة الرئاسية بعهدة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة أمرا ثابتا لا يمكن المساس به وحصر الحصانة البرلمانية في الأفعال والأقوال الواردة في سياق النشاط البرلماني.
النقاش الإعلامي يشرك بشكل مباشر ثلاثة فاعلين أساسيين
وأشار بلحيمر إلى أن النقاش الذي تعتزم الوزارة الشروع فيه بمجرد استدعاء الهيئة الناخبة، يشرك بشكل مباشر ثلاثة فاعلين أساسيين، كل في نطاق الدور المنوط به قانونا، أولا، المؤسسات العمومية والخاصة للصحافة المكتوبة والالكترونية والسمعية البصرية و ثانيا السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات وثالثا سلطة ضبط السمعي البصري.
وأوضح أن وزارة الاتصال تتدخل هنا وفقا للصلاحيات المخولة لها قانونا لاسيما في المادة الأولى من المرسوم التنفيذي رقم 11-216 المؤرخ في 12 يونيو 2011 المحدد لصلاحياتها الرسمية: “في إطار السياسة العامة للحكومة ومخطط عملها المصادق عليهما طبقا لأحكام الدستور، يمارس وزير الاتصال صلاحياته على مجمل النشاطات المرتبطة بترقية و دعم الديمقراطية وحرية التعبير وكذا تطوير الاتصال”.
أما سلطة ضبط السمعي البصري من جهتها، تضطلع بمهمتها المحددة في المادة 54، الفقرة 5، من القانون رقم 14-04 المؤرخ في 24 فبراير 2014 المتعلق بالنشاط السمعي البصري المتمثلة في “السهر بكل الوسائل الملائمة، على احترام التعبير التعددي للتيارات الفكرية وللرأي من خلال برامج التلفزيون والإذاعة ، وخاصة عن طريق الحصص السياسية، الإخبارية والعامة”، أما السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات فهي مكلفة بتحضيرها وتنظيمها وتسييرها والإشراف عليها ما يتضمن في جميع المراحل جانبا جليا يتعلق بالاتصال.
وذكر بلحمير بالقانون العضوي 19-07 المؤرخ في 14 سبتمبر 2019 المتعلق بالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات و الذي قال أنه تطرق مطولا لصلاحياتها في مجال الاتصال، وتكلف المادة 8 من هذا القانون هذه السلطة بـ: تحديد أماكن تعليق الملصقات وضمان توزيعها العادل والمنصف داخل كل دائرة انتخابية (الفقرة 7)، والتوزيع العادل والمنصف للحيز الزمني المخصص للمترشحين في وسائل الإعلام الوطنية السمعية والبصرية بالتنسيق مع سلطة الضبط المشرفة على السمعي البصري (الفقرة 9)، وتسهيل عمل المؤسسات الإعلامية والصحفيين لمتابعة مختلف مراحل العمليات الانتخابية (الفقرة 10).
وأضاف أن هذا الحكم يتناول المنافسة بين المترشحين وهو ما لن يكون في حالة الاستفتاء المقبل، وبالتالي-يوضح- هنالك بعض التكييفات لا بد من القيام بها. وفي هذا الصدد، يقع على عاتق المجلس وهو الهيئة المداولة للسلطة المستقلة تطبيق الفقرة 6 من المادة 19 لمداولات 17 سبتمبر، المتضمنة النظام الداخلي (للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات) من أجل دعوة شخصيات أو مؤسسات للمشاركة في النشاطات للاستفادة من خبراتهم، ويمكن للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات إيجاد هذه الخبرات لدى متعاملين عموميين أو خواص.
تخطي اللعبة المؤسساتية كعدم المشاركة في النقاش تؤدي إلى كارثة
وبخصوص تعبئة الصحافة المكتوبة ووسائل الإعلام السمعية البصرية لهذه العملية، قال الوزير إن “الرهان البيداغوجي للحملة التي ستنطلق مباشرة بعد استدعاء الهيئة الناخبة جلي وواضح إذ يستدعي كافة الفاعلين السياسيين والجمعويين وحتى الأكاديميين”، وأضاف أن “الأمر لا يتعلق بتاتا بالتراجع عن الخيار المؤسساتي المقرر لمباشرة الإصلاحات متعددة القطاعات العميقة التي يتطلبها الوضع لصالح أي سيناريو آخر “انتقالي”.
وقال إن تخطي اللعبة المؤسساتية كعدم المشاركة في النقاش الذي يسعى أن يكون واسعا ومتعددا وشاملا حول مشروع تعديل الدستور أو حتى عدم المشاركة في الاستشارات المقبلة المرتقبة حول النص يؤدي إلى كارثة، وأشار إلى أن المادة 8 من الدستور الحالي الذي يؤطر اللعبة المؤسساتية يمنح السلطة التأسيسية للشعب الذي يمارسها بواسطة المؤسسات التي يختارها أو عن طريق الاستفتاء أو ممثليه المنتخبين، وذكر بأن رئيس الجمهورية قد قرر أن يلتجئ إلى إرادة الشعب عن طريق الاستفتاء دون تخطي التصويت بنقاشات محدودة بغرفتي البرلمان.
وأشار إلى المادة 149 من قانون الانتخابات التي تنص على أن “استدعاء الهيئة الناخبة يكون بموجب مرسوم رئاسي قبل 45 يوما من تاريخ الاستفتاء” مع التوضيح أن “يرفق النص المقترح للاستفتاء بالمرسوم الرئاسي المذكور في الفقرة أعلاه”، وبعد المصادقة على مشروع تعديل الدستور من طرف البرلمان يقوم رئيس الجمهورية باستدعاء الهيئة الناخبة و يرفق نص القانون بالمرسوم الصادر.
وبخصوص الإستراتيجية الإعلامية التي تعتزم الحكومة انتهاجها خلال الحملة الانتخابية لاسيما في مجال احترام القواعد الأخلاقية والمهنية، قال وزير الاتصال، إنه “فيما يخص مجال السمعي البصري، تتوفر السلطة الوطنية لضبط السمعي البصري على وسائل يقظة و متابعة التي ترخص لها بمعاقبة كل انتهاك للقواعد الأخلاقية و المهنية إلى جانب الإخطارات الممكنة الواردة من الأطراف المؤهلة لذلك”.
وفيما يخص الصحافة المكتوبة والالكترونية، في انتظار تنصيب المجلس الوطني للصحافة المكتوبة والضبط الذاتي الذي سيؤسسه “فإننا نعول على القيم النبيلة للمواطنة والوطنية والاحترافية وروح المسؤولية للعناوين الموجودة والمتجذرة بقوة لدى زملائنا بغية جعل موعد الفاتح نوفمبر منعطفا حاسما في مسار بناء الجزائر الجديدة”، وأشار إلى أنه “لا يمكن للتحذيرات المتكررة للوزارة فيما يخص المساس بالقواعد الأخلاقية والمهنية، أن تغفل التمسك الواسع والعميق للأغلبية الساحقة من صحفيينا بممارسة سليمة وهادئة للمهنة”.
رزيقة.خ