عادت مظاهر التلوث وصور النفايات لتصنع يوميات الجزائريين الذين أضحوا على موعد دوري مع القاذورات المتمركزة في كل ركن وزاوية ومعها نفايات ورقية تلعب بها الرياح هنا وهناك، ومخلفات الباعة الفوضويين التي تحالفت مع الحرارة الشديدة لتطلق روائح كريهة تزكم الأنوف دون الحديث عن إعاقتها للسير كونها تحتل في كثير من الأحيان الأرصفة، باعتبار أن أغلب التجار المتجولين يقبلون على الطرق لاستهداف المارة قبل أن يلقوا بالبقايا في كل مكان يحلو لهم دون أدنى اعتبار لتبعات ذلك على السكان، كما زادت كمية هذه النفايات الملقاة في الحاويات التي ما تزال أصغر من أن تستوعب الكم الهائل منها رغم زيادة أعدادها في كل مرة وتوسيع أماكن تواجدها، وهذا بالنظر إلى زيادة الاستهلاك مع مكوث أغلب العائلات في منازلها التزاما بقانون الحجر الصحي لمكافحة وباء كورونا، وبين هذا وذاك لم يعد عمال النظافة والجمعيات الخيرية يملكون من الطاقة ما يسمح لهم بمواصلة المجهودات الجبارة التي قاموا بها على مدار أكثر من أربعة أشهر سيما مع استهتار بعض المواطنين الذين لا يبالون في ظل غياب ثقافة حضرية تعنى بالبيئة والمحيط.
وحسب عدد من السكان، فإن الاتهامات لا يمكن أن توجه إليهم فقط، مشيرين إلى أن عمال النظافة في بعض البلديات لا يحتكمون إلى نظام جدي في جمع القمامة، وهو ما شجع الكثيرين على التخلص من مخلفاتهم المنزلية بطريقة ما.
من جهته تسابق مصالح ولاية الجزائر الزمن لتفادي تسجيل نقائص خلال موسم الاصطياف للسنة الجارية، حيث أصرّ الوالي عبد الخالق صيودة خلال اجتماعاته المتواصلة مع إطارات مختلف القطاعات، على ضرورة الانتهاء من كلّ الإجراءات المتعلقة بمجانية الشواطئ. وطالب أيضا بضرورة تعيين مسيري الشواطئ وتدعيم الإنارة العمومية والحرص على نظافة المحيط وتزفيت الطرق.
شرعت من جهتها السلطات المحلية بالبلديات الساحلية لولاية الجزائر، في عقد اجتماعات دورية لمناقشة مدى تجسيد توصيات مسؤولي الولاية، على أرض الواقع، وكذا متابعة الإجراءات المتخذة من طرف المديريات المعنية لإنجاح موسم الاصطياف الداخل.
وانطلقت في هذا الشأن، بلدية اسطاوالي غرب العاصمة بعمليات تنظيف واسعة لشواطئها بهدف تخفيف الضغط الحاصل والتخلص من أطنان النفايات التي يتمّ استخراجها من الشواطئ وحتى الموانئ التي بدأت في استقبال أعداد من المواطنين والعائلات قبل حلول موسم الاصطياف، خاصة المطاعم المتواجدة بها، وهو نفس الوضع بالنسبة لبلدية عين البنيان.
من جهة أخرى، شرع عمال بلديات عين طاية وبرج البحري والمرسى شرق العاصمة، في تنظيف الشواطئ من خلال الاستعانة بمختلف الآلات والشاحنات لإزالة كل النفايات الصلبة وكذا الأعشاب الضارة بشواطئ كل من “القادوس” و”ديكا بلاج” و”طرفاية” و”تامنفوست” وما جاورها وذلك بحضور مندوب البيئة لكل بلدية لمراقبة عملية التنظيف.
يتواصل برنامج إعادة تأهيل موانئ بالعاصمة، الذي انطلق السنة الفارطة، على غرار ميناء جميلة بعين البنيان، ميناء تمنفوست بالمرسى وميناء المسمكة، بصبغة عصرية وفقا لمقاييس دولية، في إطار إنعاش النقل البحري وتثمين السياحة البحرية.
وضمن عملية عصرنة موانئ الجزائر، تعمل السلطات المعنية على إعادة تهيئة وتنظيف الموانئ والشواطئ عبر مختلف نقاط الوطن، حيث تم استخراج مئات الأطنان من النفايات المرمية في البحر لتشجيع السياحة البحرية والسماح للمصطافين بالتمتع بزرقة البحر وممارسة هواية الصيد، لاسيما حالة التلوث الذي تعرفه الشواطئ بفعل المواد الصناعية وغيرها من المواد التي تقضي على الثروة السمكية ونوعيتها.
إطلاق حملة تنظيف الشواطئ
أطلقت ولاية الجزائر، مؤخرا، حملة تنظيف واسعة بمختلف الشواطئ وهي العملية التي جنّد لها أكثر من 150 شابا استفادوا من مناصب موسمية في إطار مشروع “الجزائر البيضاء”، حيث أكّدت في هذا الشأن، السلطات المعنية، على توفير كلّ العتاد والتجهيزات الخاصة بتهيئة وتنظيف الشواطئ وتوزيع حاويات مصنوعة من البلاستيك، لوضعها على طول الشريط الساحلي.
وحرصت نفس الجهة ـ حسب مصالح الولاية ـ على توزيع المطويات على سكان المناطق الساحلية، تخصّ تحسيسهم باحترام الشاطئ وأهمية هذا الفضاء الذي يتطلّب الحفاظ عليه لاستقبال السياح والمصطافين وإعطائهم صورة إيجابية عن السياحة الجزائرية، عكس السنوات الماضية.
أطنان من النفايات في الشواطئ العاصمة
أعلنت مصالح ولاية الجزائر عن جمع 32،94 طن من النفايات منذ افتتاح موسم الاصطياف يوم 15 أوت الجاري، على مستوى 17 بلدية ساحلية.
وأوضحت الولاية في بيان لها، أن المؤسسة العمومية للنظافة الحضرية وحماية البيئة لولاية الجزائر، أطلقت برنامجا عمليا مكثفا بعد افتتاح موسم الاصطياف على مستوى شواطئ 17 بلدية ساحلية.
وأشار المصدر ذاته إلى أن البرنامج يقوم على تحسين بيئة الشواطئ للمصطافين من خلال عمليات التنظيف اليومية لها وجمع النفايات البحرية، الصلبة والمنزلية والمتكونة من مختلف الأطعمة والمطاط والبلاستيك، إضافة إلى الزجاج وبقايا الخشب وغيرها من المواد، حيث يتم يوميا جمع مابين 8 و10 طن من النفايات المتنوعة عبر 55 شاطئ.
وفي السياق سجلت مصالح المؤسسة العمومية للنظافة الحضرية وحماية البيئة لولاية الجزائر في الفترة الممتدة بين 1 أوت إلى 15 أوت جمع 90.17 طن من النفايات و32.94 طن فقط بين الفترة الممتدة بين 15 أوت إلى 18 أوت الموافقة لافتتاح موسم الاصطياف للسنة للحالية.
426 مخالفة لنظام تسيير النفايات من طرف الهيئات المعنية
أحصت فرقة شرطة العمران خلال شهر جويلية المنتهي، 426 تدخّلا تمحور حول رمي وإهمال النفايات ورفض استعمال نظام النفايات الموضوع من طرف الهيئات المعنية، 245 تدخّلا حول إيداع أو رمي أو إهمال النفايات الهامدة الناتجة عن استغلال المحاجر والمناجم وأشغال الهدم والبناء والترميم، بالإضافة إلى أربعين تدخّلا متعلّقا بإعاقة الطريق العام بوضع أو ترك مواد من شأنها أن تمنع حرية المرور وتجعله غير آمن، ناهيك عن 12 تدخّلا متعلّق بإلقاء أو وضع في الطريق العمومي، أقذار أو كـُناسات أو مياه قذرة تحدث ضررا، كما تمّ إزالة 11 موقع ومفرغة غير شرعية بالتنسيق مع السلطات المحلية، حيث سجلت الأخيرة عدة تدخّلات فيما يخص المحافظة على العمران وحماية البيئة وكذا الصحّة على مستوى قطاع الاختصاص وهو ما تحرص عليه ذات المصالح إلى جانب محاربة الجريمة في الأوساط الحضرية، لتوفير الأمن والمحافظة على ممتلكات المواطن الذي يعتبر طرفا أساسيا في هذه العملية، من خلال التبليغ عن كل شيء مشبوه عبر الخطوط الخضراء التي وضعت تحت تصرّفه، حيث سجلت فيما يخص المساس بقواعد العمران وتطهير الطريق العام، 199 تدخلا تعلّق بإنجاز بناء بدون رخصة، مع تسجيل خمس تدخّلات حول عدم مطابقة البناء لرخصة البناء المسلّمة و119 تدخّلا متعلّق بالتجارة غير الشرعية، بالإضافة إلى تسجيل خمس حالات رمي حيوانات ميّتة وفضلات ذات مصدر حيواني وعدم إتلافها عن طريق الدفن، مع إحصاء حالة واحدة متعلّقة بوضع نفايات وفضلات في مساحات خضراء خارج الأماكن أو التراتيب المخصّصة والمعيّنة لهذا الغرض.
جمعيات تطلق حملات التحسيسية
كشفت العديد من جمعيات حماية البيئة مؤخرا عن ممارسات تحدث في الشواطئ وأماكن الراحة، منها الغابات والمساحات الخضراء، هذه الأيام، أقل ما يقال عنها إنها كارثية، حيث تسبب الضغط الكبير على هذه الأخيرة بمجرد إعادة فتحها في تلويت كبير لها وعدم قدرة الأعوان المسؤولين عن إعادة تهيئة وتنظيف هذه الشواطئ، على مجاراة حجم هذه التجاوزات لإبقاء هذه الأماكن نظيفة. فبالشواطئ مثلا يتسبب المصطافون في تجاوزات بالجملة تتعلق بنظافة هذه الأخيرة، حيث يتم رمي مخلفات الطعام والفضلات في مياه ورمال البحر، بينما تم رصد أيضا رمي عدد من المصطافين للكمامات الواقية في الرمال، وهو أمر كارثي من الناحية البيئة وحتى من الناحية الصحية، حيث سبق وأكد الخبراء والمختصون أن رمي الكمامات بصفة عشوائية هو سلوك غير مسؤول قد يتسبب في انتقال العديد من الأمراض عدا فيروس كورونا، بينما عرفت شواطئ أخرى مناظر غير حضارية تتعلق بتخريب لدورات المياه والمرشات وكذا تلويث كبير لمحيط هذه الشواطئ والمسالك المؤدية إليها، وتتحجج بعض العائلات بغياب مكبات للنفايات في مداخل ومخارج الشواطئ لتقوم برمي نفاياتها بشكل عشوائي في المسالك المؤدية إلى هذه الأخيرة، وهو سيناريو تكرر في أغلب الشواطئ بالعاصمة هذه السنة، خاصة وأنها تعرف أقبالا كبيرا ما رفع نسبة وحجم التجاوزات.
وبسبب هذه التجاوزات والوضعية الخطيرة التي باتت تعرفها الشواطئ، فقد أعادت جمعيات حماية البيئة في الجزائر طرح فكرة إنشاء شرطة لحماية البيئة، ملحة على ضرورة تخصيص هيئات مختصة بمراقبة النظافة مع فرض العقوبات على كل من يرتكب جريمة ضد البيئة، وهو إجراءٌ معمول به في كثير من دول العالم.
واعتبرت هذه الجمعيات أن فرض غرامات مالية ضد كل فرد يساهم في تلويث المحيط، يمكن أن يكون فعالا لأنه من المعقول التوجه إلى البحار والغابات بغرض الاستجمام.
ف.س