عبر رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، محسن بلعباس، عن تشاؤمه من التعامل السياسي مع الانتخابات الرئاسية المقبلة، المزمع تنظيمها شهر أفريل المقبل، موجها جملة من الانتقادات إلى السلطة التي قال أنها تعمل على شراء ذمم القوى الخارجية من خلال منحهم الصفقات الاستثمارية قبيل الرئاسيات.
قال محسن بلعباس رئيس “الأرسيدي” في خطاب افتتح به نشاطا نسويا تابع للحزب، متعلقا بتأسيس أول مؤتمر لـ “النساء التقدميات”، أمس، أنه “قبل أقل من خمسة أشهر من الانتخابات الرئاسية لا نرى بصيصا من النور يشق الضباب الذي يخيم على مستقبل بلدنا القريب، بدلا من بعث النقاش حول شروط تنظيم هذه الانتخابات والرؤى المستقبلية لتجاوز أسباب الفشل والتسلط، وحول المشاريع والمقترحات للخروج من الأزمة فإننا نشهد استعراضا للصراعات حول النفوذ بين مسؤولين يفتقدون الشرعية والهيبة”، متابعا في السياق ذاته “هدفهم هو إدامة الثقافة السياسية الراسخة عند رجال النظام والتي تقتضي بأن رئيس الدولة يتم اختياره قبل الانتخابات ولا يكتسب شرعيته بالاقتراع العام حتى تكون للبلد سلطة تنفيذية قوية”، ودعا محسن بلعباس في نفس الوقت أن تكون “يقظة ومشاركة جميع الجزائريين والجزائريات في التعبئة والنضال السلمي من أجل الحريات العامة والنقابية دعما لمسيرة التحرر والتقدم”.
واعتبر رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أن الجزائر تمر “بمرحلة حرجة”، وتابع قائلا “إن النظام السياسي الذي صادر الاستقلال الوطني استنزف البلاد من ثرواتها الطبيعية ومن مواردها البشرية، لقد كانت السنوات العشرين الأخيرة مدمرة، فقد زادت من هجرة الإطارات والطلبة الجزائريين والشباب التي افتتحها الإرهاب الوحشي في التسعينات، كما شهد العقدان الأخيران استنزافا لمواردنا الطبيعية، ولاسيما المحروقات، بحجة الدفع بعجلة التنمية، ولكنها في الحقيقة وظفت للحفاظ على التوازنات السياسية داخل النظام عن طريق الرشوة وشراء الذمم، ولشراء نوع من الشرعية لدى القوى العظمى من جهة أخرى”، واستخلص المتحدث بالقول “إن هذا الوضع الكارثي يعقد أي محاولة للخروج من الأزمة”.
ووضح بلعباس أن حزبه “لم يعاين الوضع فقط”، مؤكدا بأن “التحذيرات من الانحرافات والحلول الخاطئة التي تعد في مخابر النظام لإبعاد الشعب الجزائري عن القرار، كانت دائما مصحوبة باقتراحات وفي كثير من الأحيان بمبادرات. ولا أقول ذلك من باب التذكير فحسب، وإنما للتشديد على أن الحلول موجودة وأن اليأس هو تحديدا الغاية التي تسعى السلطة للوصول إليها لفرض الخيار المقيت بين القبول بالوضع الراهن والفوضى”، مضيفا “إن العراقيل التي تعاني منها العدالة، والمساس بالحريات، وانتهاك القوانين من قبل أولئك الذين سنّوها بأنفسهم، كل ذلك يكرّس حالة التعسف”.
وأكد رئيس “الأرسيدي” أمام قاعة كانت تغص بأكثر من 600 امرأة جمعتهم قاعة تعاضدية عمال البناء بزرالدة، أن “إعادة تجنيد النساء في النضال السياسي هو أحد شروط التغيير، لأن مشاركتهن كانت دائما حاسمة، وقد ساعدت مقاومتهن خلال سنوات الإرهاب المشئومة في إحياء الأمل والتقريب من النصر، وأنا واثق من أن إسهامهن اليوم سيكون حاسما في إخراج البلاد من الأزمة التي تعصف بها والتي تزداد سوءا يوما بعد يوم بسبب عناد الجماعات الجاثمة في السلطة والتي خرجت صراعاتها إلى السطح، وبسبب تصميمها على إنقاذ النظام على حساب الجزائر”.
ومن جانب آخر، خاطب بلعباس الآلية الجديدة المنشئة في الحزب، وهي “النساء التقدميات” قائلا “لن يكون لمنظمتكم فرص كبيرة للتأثير على مسار الأحداث إذا لم تكرس جل طاقتها للعمل في أرض الميدان. لذلك يتعين على هذه الهيئة الجديدة أيضا أن تشرع في وضع خطط تحصر الصعوبات والرهانات الاجتماعية والاقتصادية التي تهم حياة المرأة”.
وطالب بلعباس “بالعمل من أجل تحقيق المساواة في الحياة السياسية وداخل عالم الشغل بقطاعيه العمومي والخاص، وهذا شرط لابد منه لإقامة المساواة في المجتمع والحياة الاجتماعية على وجه الخصوص”، مشددا على أن هذا الأمر هو “مشروع المجتمع الذي نؤمن به”.
واعتبر رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أن التمثيل المتوازن بين النساء والرجال في مراكز صنع القرار وفي إدارة المجتمعات البشرية “شرط أساسي وضروري لإقامة ديمقراطية مسؤولة وفعالة، مثلما يعتبر عاملا مساعدا لتحقيق الازدهار الاقتصادي”.
وفي كلمة لها، أكدت الأمينة الوطنية المكلفة بشؤون المرأة في حزب “الأرسدي” نورة وعلي أن تأسيس هيئة النشاء التقدميات تصادف اليوم العالمي لمكافحة ظاهرة العنف ضد المرأة، كما أن النساء في الجزائر “يتعرضن لكل أشكال العنف، ورغم القوانين فإنها لم تستطع القضاء على هذه الظاهرة”، منتقدة في السياق ذاته، قانون الأسرة لسنة 1984 والتي قالت بأنه “وضع المرأة في صنف قاصر مدى الحياة”.
إسلام كعبش