أطل رئيس الدولة عبد القادر بن صالح على الجزائريين مرة أخرى في خطاب موجه للأمة لم تحمل الدقائق العشر لتلاوته الجديد الذي كان ينتظره الشعب الجزائري وهو رحيله بل أعلن عن بقائه في منصبه مبررا ذلك ب”فتوى” المجلس الدستوري والوضعية الاستثنائية التي تعيشها البلاد وجدد بالموازاة مع ذلك دعوته للحوار والتشاور بوصف الأمر السبيل الأنجع لوضع خارطة توافق لتنظيم الرئاسيات في الآجال المقبولة دونما إضاعة الوقت – على حد تعبيره-.
واستهل رئيس الدولة عبد القادر بن صالح خطابه للأمة والذي يأتي بعد إلغاء رئاسيات 4 جويلية بتأكيد بقائه في منصبه مستندا في ذلك على “فتوى التمديد” للمجلس الدستوري في بيانه الأخير والذي أعلن فيه عن استحالة إجراء رئاسيات 4 جويلية في آجالها بالقول إن هذه الوضعية تلزمة على الاستمرار في منصب رئيس الدولة لغاية انتخاب رئيس الجمهورية مديرا ظهرا لكافة الدعوات المطالبة برحيله وذكر:” كما تابعتم فقد أعلن المجلس الدستوري يوم الأحد 02 جوان 2019 في بيان له عن عدم توفر الشروط المطلوبة في ملفي الترشح المودعين لديه في إطار الانتخابات الرئاسية للرابع من شهر جويلية المقبل وقد صرح على ضوء ذلك باستحالة تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية في الموعد المذكور وبضرورة إعادة تنظيمها من جديد وقد رأى في سياق ذلك أنه ومادام الدستور “يقر بأن المهمة الأساسية لمن يتولى وظيفة رئيس الدولة هي تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية فإنه يتعين عليه تهيئة الظروف الملائمة لتنظيمها وإحاطتها بالشفافية والحياد المطلوبين من أجل الحفاظ على المؤسسات الدستورية التي تمكن من تحقيق تطلعات الشعب السيد”. وأضاف:”كما أقر المجلس أيضا بأنه “يعود لرئيس الدولة استدعاء الهيئة الناخبة من جديد واستكمال المسار الانتخابي إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية وأدائه اليمين الدستورية وهذه الوضعية تلزمني على الاستمرار في تحمل مسؤولية رئيس الدولة إلى غاية انتخاب رئيس الجمهورية وإنني لعلى يقين مستقر بعظم هذه المسؤولية.”
دعوة لجولة ثانية من الحوار …. فهل من مستجيب؟
وربط بن صالح بقاءه في منصبه أيضا بالوضعية الاستثنائية التي تمر بها البلاد والتي تقتضي- على حد تعبيره- من الجميع تغليب مصلحة البلاد والعقل لتجاوز كافة العقبات التي كانت وراء ما تعيشه الجزائراليوم وخصص حيزا للحديث عن ضرورة الحوار والتشاور بهدف الوصول لتوافق حول كافة القضايا المتعلقة بالرئاسيات من الجانب التنظيمي والتشريعي وآليات الرقابة والإشراف في دعوة ثانية من نوعها سبقتها مشاورات فاشلة حضرتها “أقلية” وغاب عنها هو صاحب الدعوة ليجدد دعوته أمام العديد من علامات الإستفهام التي تطرح عن شكل هذا الحوار؟ سيما وأن الدعوة ذاتها لقيت رفضا واسعا سابقا من باب أنه لا حوار مع رموز النظام السابق وذكر:” لقد دعوت بكل صدق في خطابات سابقة إلى الحوار والتشاور ولقد تعهدت أمامكم أن أضمن للاقتراع الرئاسي كل الظروف الملائمة لإجراء انتخابات نزيهة حرة وشفافة كما يطلبها شعبنا وإن هذه المرحلة الجديدة هي حقا فرصة ثمينة لتوطيد الثقة وحشد القوى الوطنية لبناء توافق واسع حول كافة القضايا المتعلقة بالجانب التشريعي والتنظيمي والهيكلي لهذه الانتخابات وكذا ميكانزمات الرقابة والإشراف عليها.”
وأشار إلى أن هذا الحوار يهدف بالأساس لوضع معالم خارطة طريق مهمتها المساعدة على تنظيم الاقتراع الرئاسي المقبل في جو من التوافق والسكينة والانسجام وقال :”لذا فإني أدعو الطبقة السياسية والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية الغيورين على وطننا ومصيره أقول أدعوهم جميعا إلى اختيار سبيل الحوار الشامل وصولا إلى المشاركة في رسم معالم طريق المسار التوافقي الذي ستعكف الدولة على تنظيمه في أقرب الآجال أقول أدعوهم لأن يناقشوا كل الانشغالات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية القادمة والتوصل من ثم إلى وضع معالم خارطة طريق مهمتها المساعدة على تنظيم الاقتراع الرئاسي المقبل في جو من التوافق والسكينة والانسجام.”
الإصلاحات التي يطالب بها الجزائريون من صلاحيات رئيس الجمهورية المقبل
واعتبر بن صالح أن الإصلاحات التي يطالب بها الشعب الجزائري والتي عبر عنها في مسيراته بطريقة سلمية إنما هي من صلاحيات رئيس الجمهورية المنتخب مستقبلا وهو الوحيد الذي يملك الشرعية لإطلاقها وقال في خطابه :”صحيح أن بلدنا بحاجة إلى إصلاحات وإلى رسم آفاق جديدة في شتى الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية ذلكم هو المبتغى الذي عبر ويُعبر عنه شعبنا بطريقة واضحة وسلمية وهنالك أيضا رهانات وتحديات أخرى عديدة وصعبة تنتظر بلدنا الذي يحتاج إلى حشد كل القوى الحية التي بداخله.” وتابع في السياق ذاته: “ويبقى يقيني راسخا من أن رئيس الجمهورية المنتخب ديمقراطيا هو وحده الذي يتمتع بالثقة والشرعية اللازمتين لإطلاق هذه الإصلاحات والمساهمة في رفع التحديات التي تواجه أمتنا.”
لا مجال لإضاعة الوقت
وشدد بن صالح على عدم إضاعة الوقت وتغليب الحكمة ومصلحة الشعب ومشاركة الجميع في المسار التوافقي الذي سيفضي لإجراء الاستحقاقات الرئاسية هذه الأخيرة التي وصفها بالحل الوحيد لإخراج البلاد مما تعيشه في الوقت الحالي وذكر:”من هنا استمد قناعتي بأن الذهاب إلى تنظيم انتخابات رئاسية في آجال مقبولة دونما إضاعة للوقت هي السبيل الأنجع والأوحد سياسيا والأكثر عقلانية ديمقراطيا وفي هذا الاطار أجدد ندائي إلى كل الأطراف المعنية بالموضوع للمشاركة في هذا المسار التوافقي وتغليب الحكمة ومصلحة الشعب سواء في نقاشاتهم أو في مطالبهم وأدعوهم أيضا إلى اغتنام هذه الفرصة الجديدة للمشاركة بقوة في التشاور الذي ندعو إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى.”
وقال أيضا :”الوقت ثمين لذا أهيب بالجميع أن يتفادوا تضييعه والانصراف إلى العمل الجاد الذي من شأنه المساعدة على التوصل إلى إيجاد صيغ الحلول التوافقية الكفيلة بتنظيم انتخابات رئاسية نزيهة وفي أجواء تنافسية شفافة وأوجه ندائي هذا أيضا إلى كل أصحاب النوايا الحسنة أولئك الذين يحبون وطنهم ويتفانون في خدمته والمؤمنون بالهبة الجماعية والعقلانية التي تعرفها الساحة الوطنية أولئك الذين يرفضون كافة أشكال الإقصاء والمغامرة خاصة لما يتعلق الأمر بمستقبل الوطن .”
وأكد في السياق ذاته أن الوضعية الاستثنائية التي تمر بها البلاد تحتم :”علينا أن نستلهم بذكائنا الجماعي لترجيح الحِكمَةَ التي من شأنها أن تساعدنا على تخطي العقبات التي تسببت في الوضع الحالي وأن نبني معا المرحلة القادمة مستحضرين الظروف اللازم توفيرها وكذا الميكانزمات الواجب وضعُها لنضمن للانتخابات الرئاسية كل أسباب النجاح.”
زينب بن عزوز