ينطلق اليوم اجتماع الثلاثية بين الحكومة، أرباب العمل والشركاء الاجتماعيين، وهو الاجتماع الذي ينتظر منه الكثير، لحلحلة الأوضاع الاقتصادية للبلاد وووضعية المؤسسات والعمال، والبحث عن وضع خطط وآليات بهدف الدفع بالعجلة الاقتصادية من خلال النظر في المقترحات التي سيرفعها المشاركون، خصوصا في المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد من ضائقة مالية ولدت أزمة اقتصادية، زادتها الأزمة الصحية المرتبطة بوباء كورونا تعقيدا.
ينعقد اجتماع الثلاثية اليوم الثلاثاء وعلى مدار يومين بالمركز الدولي عبد اللطيف رحال بالجزائر العاصمة، في ظل رهانات صعبة، نظرا للظروف الاقتصادية والمالية التي تعيشها البلاد منذ ما يزيد عن خمسة أعوام، والتي ازدادت حدة منذ بداية السنة الجارية نتيجة التهاوي الكبير الذي عرفه سعر النفط في السوق العالمية والذي لم يشهده طيلة عقود من الزمن بعد أن وصل سعره إلى أقل من 16 دولار للبرميل في نهاية شهر أفريل الماضي، ما أدى إلى تراجع كبير في مداخيل البلاد كونها تعتمد بصفة كبيرة على المحروقات كمصدر دخل، إضافة إلى الأزمة الصحية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا وتداعياتها على مختلف المجالات، الصحية، الاقتصادية، المالية، فانتشار الوباء دفع بالحكومة كغيرها من حكومات العالم إلى اتخاذ اجراءات وقائية، تسبب في توقف الشركات والمؤسسات عمومية وخاصة عن العمل إلا الضرورية منها، وتوقيف مختلف النشاطات الاقتصادية والتجارية والمرافق، وهذا ما كلف الخزينة العمومية أموالا طائلة، أولا في مواجهة الوباء صحيا من خلال اقتناء المعدات الطبية والأدوية بكميات هائلة، ودفع رواتب العمال والموظفين خلال عطلهم الإجبارية، وتعويض التجار والمؤسسات عن الخسائر التي تكبدوها بنسب متفاوتة حسب تقييم اللجان المختصة لتلك الأضرار، وفي ظل تراجع المداخيل وجدت الحكومة نفسها مضطرة إلى المزيد من ترشيد أكثر للنفقات وتوقيف العديد من المشاريع، وتقليص نسبة الاستثمارات حتى في القطاع الهامة، وهذا كله كان له أثره البليغ على الاقتصاد الوطني.
ففي ظل كل هذه الأوضاع يبقى الرهان كبيرا خلال اجتماع الثلاثية لإيجاد مخرج والبحث عن مصادر لتنويع الاقتصاد، والدفع من جديد بعجلة التنمية، من خلال ما سيقدمه المشاركون من أرباب عمل، وشركاء اجتماعيون من اتحادات ونقابات عمالية للحكومة، والتي يسعى الجميع من خلالها إلى تعزيز الخطة الوطنية لانعاش الاقتصادي والاجتماعي التي وضعتها الحكومة، وبناء اقتصاد وطني حقيقي مدعوم بتنويع مصادر النمو واقتصاد المعرفة والطاقات المتجددة، وفي المقابل البحث على إنقاذ الشركات الاقتصادية التي تضررت خلال الأزمة والتي تعد ركيزة الاقتصاد، حيث أن 80 بالمائة من مجموع الشركات تضررت، حسب منتدى رؤساء المؤسسات في تصريحات سابقة لرئيسه، وهو ما يتطلب خطة لإنقاذها وللحفاظ على مناصب الشغل .
القضاء على البيروقراطية وإدخال الرقمنة لتسريع تجسيد مخرجات الإجتماع
ويركز الكثير من المختصين وحتى أرباب العمل على ضرورة القضاء على البيروقراطية وإدخال الرقمنة كأهم عامل لنجاح أي خطة هدفها الدفع بالاقتصاد والتنمية الوطنية، والتي بدونها تصبح مخرجات مختلف اللقاءات والاجتماعات مجرد حبر على ورق، وتصبح عائقا كبيرا لتطبيق تلك الاليات على أرض الواقع.
وفي هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان عية، في تصريح لـ”الجزائر”، إن “اجتماع الثلاثية وما سيفضي إليه من توصيات أو مخرجات لن تكون ذو فائدة، إذا لم تطبق فعليا وبأسرع وقت ممكن على أرض الواقع، و لتمكين تطبيقها على أرض الواقع وجب كأول خطوة وهي الأهم و الأساسية، القضاء على البيروقراطية وإدخال الرقمنة”، وشدد على ضرورة وضع آليات للتجسيد فعليا، معتبرا أن الإشكال الذي يطرح دائما بعد كل اجتماع يتعلق بالتجسيد الفعلي، لأن الرغبة في التجسيد تصطدم بذهنيات ترفض مواكبة التكنولوجيا والتطور الحاصل وتشتغل بمنطق السبعينيات.
من جانبهم، يشدد أرباب العمل على ضرورة الإسراع في الذهاب إلى نموذج اقتصادي جديد عبر تحرير الاستثمار ورفع القيود البيروقراطية، ورقمنة القطاع وإصلاح المنظومة البنكية، وتقديم امتيازات مستقطبة لرؤوس الأموال الجزائرية والأجنبية.
للإشارة تستمر أشغال اجتماع الثلاثية ليومين متتالين 18 و19 أوت، حيث من المقرر أن تخرج بالعديد من التوصيات في اليوم الختامي.
رزيقة.خ