تعمل وزارة الفلاحة والتنمية الريفية على وضع مختلف الإستراتيجيات التي من شأنها تطوير الزراعات لاسيما الإستراتيجية منها، باعتبارها المفتاح لتحقيق الإكتفاء الذاتي، وتتجه حاليا نحو إعداد “خارطة وطنية للمواقع والقدرات الإنتاجية للمستثمرات الفلاحية”، وهي الخطوة التي اعتبرها خبراء ومهنيون “مشروعا هادفا وطموحا وخطوة ضرورية لضمان الأمن الغذائي”.
هذه الخطة سترفع من مردودية الإنتاج
وفي هذا السياق، قال الخبير الفلاحي، لعلا بوخالفة، إن “خطة وزارة الفلاحة مهمة للغاية، وتساعد على تحديد مناطق الإنتاج وحيث تكون المردودية أعلى، وتأتي لتكملة الأمن الغذائي”.
وأوضح بوخالفة في تصريح لـ”الجزائر”، أن “موادا واسعة الإستهلاك تستورد كالحبوب، السكر، الزيوت، مسحوق الحليب، اللحوم الحمراء، تكلف حوالي 10 مليارات دولار، ما جعل رئيس الجمهورية يشدد على ضرورة وضع إستراتيجية لإنتاج هذه المواد محليا، والدراسة التي تم التوصل إليها هي استغلال الأراضي الصحراوية وإنشاء ديوان الأراضي الصحراوية، مع اتخاذ إجراءات ومساعدات لدعم الفلاحين وتشجيعهم على زراعة هذه المواد الإستراتيجية”.
وأشار في هذا الصدد، إلى أن “بعض الإجراءات ومنها شراء الديوان المهني الجزائري للحبوب لمحاصيل الفلاحين من المواد الإستراتيجية -حبوب- بأسعار تشجع الفلاحين على التوجه والاستمرار في هذا النوع من الزراعات، إضافة إلى تقديم مختلف وسائل الدعم، كقروض للفلاحين والمستثمرين الفلاحين ودعم الأسمدة وفتح المجال أمام استيراد العتاد الفلاحي المستعمل- من 5 سنوات- وتقديم تقنيات الري الحديثة كالري بالتنقيط المرشات المحورية”.
وأضاف الخبير الفلاحي أنه “بعد كل هذه الإجراءات لتشجيع الزراعات الإستراتيجية، بقي اختيار المواقع وهذا لضمان مردودية أعلى، خاصة وأن المردودية حاليا تتراوح ما بين 17 إلى 20 قنطارا في الهكتار سنويا كمعدل عام، وهذا ما خلق فكرة التوجه نحو الأراضي الصحراوية لعدة اعتبارات منها توفر مختلف الشروط الملائمة لهذا النوع من الزراعات كالمساحات الواسعة، مياه جوفية والمقدرة بـ50 ألف مليار متر مكعب والتي حسب دراسة أجرت من قبل خبراء مؤخرا تشير أنها تكفي لـ5 آلاف سنة، مع إمكانية تجددها حسب دراسة أخرى”.
ويؤكد المتحدث ذاته أن “التوجه نحو تحديد مواقع الإنتاج من شأنه أن يساعد على الرفع من الإنتاج والمردودية”، وأوضح هنا أن “المردودية في المناطق الصحراوية أعلى بكثير من المناطق الأخرى فيما يتعلق بالزراعات الإستراتيجية، ويمكن عبر هذه الخطة تقليص أو التخلص من استيراد الحبوب والمقدرة بـ80 مليون قنطار سنويا والتي تكلف الخزينة العمومية حوالي 3 مليارات دولار”.
ويرى بوخالفة أن “السياسة الفلاحية الجديدة المتبعة يمكنها تحقيق الاكتفاء الذاتي ومن ثمة الأمن الغذائي، خاصة في المواد الإستراتيجية، إذ يمكن من خلالها تحقيق مردودية ما بين 60 إلى 80 مليون قنطار في الهكتار”.
وأشار هنا إلى التجربة الرائدة التي تم تطبيقها بولاية الوادي والتي أثبتت إمكانية تحقيق مردودية بـ120 مليون قنطار في الهكتار من الحبوب، مضيفا أن “هذا الأمر الذي دفع بالجهات الوصية إلى ضرورة العمل على تحديد مناطق الإنتاج وإلزام المستثمر الفلاحي بالتقيد بدفتر الشروط ونوعية الزراعة المحددة ضمن المنطقة التي يستثمر بها”.
مشروع طموح وكبير
من جانبه، وصف رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين، منيب أوبيري، هذا التوجه لوزارة الفلاحة بـ”المشروع الهادف والطموح”، مؤكدا أنهم “كمهندسين زراعيين كنا تكلمنا كثيرا حول هذا الشأن، إذ لا بد من تحديد مواقع الإنتاج ويجب أن تُختار هذه المواقع حسب المناطق وحسب احتياجات الوطن والسوق الوطنية”.
وأضاف أوبيري لـ”الجزائر” أن “هذه الخطة تسمح بتعدد المناطق وتعدد الإنتاج”، إلا أنه أكد على ضرورة الاهتمام بالفلاحين والمستثمرين الفلاحيين أولا من حيث تسوية العقار الفلاحي وإدماجهم في مختلف برامج الدعم وتوفير الأسمدة، مبينا أن “تقييد الفلاح أو المستثمر الفلاحي بدفتر شروط معين، يتطلب من جهة توفير كل الشروط المساعدة على تنفيذ المخطط والآليات والعتاد ووسائل الدعم”.
ويرى المتحدث ذاته، أن الفلاح أو المستثمر الفلاحي إذا ما توفرت لهم كل الظروف المساعدة سيلتزم بدفاتر الشروط وبنوعية المحاصيل المطالب بإنتاجها.
ويرى أنه “لا بد من إشراك الخبراء والمهندسين الزراعيين والتقنيين الزراعيين لتجسيد هذا المشروع ولمرافقته كونهم في الميدان، ولكون هذا المشروع كبير وطموح ما يتطلب إشراك الجميع في تنفيذه”.
للتذكير، كان الأمين العام لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية، حميد بن ساعد، قد أكد أول أمس، أن “الوزارة تتجه نحو إعداد خارطة وطنية للمواقع والقدرات الإنتاجية للمستثمرات الفلاحية، وذلك بتفعيل الإحصاء الفلاحي لتحديد مواقع الحقول والأراضي الزراعية بغرض التعرف على مؤهلاتها وقدراتها الإنتاجية”.
وقال إن هذا الإجراء يندرج في إطار “إعادة تنظيم العقار الفلاحي بشكل جيد وكذا الإستغلال الأمثل للمستثمرات الفلاحية بغية الحصول على نظرة شاملة عن وضعية إنتاج الحبوب وتعزيز القدرات الإنتاجية في المجال عبر كامل التراب الوطني”.
وأكد أنها تهدف على المدى المتوسط بـ”إلزام المستثمرين الفلاحين بالتقيد بالمخططات الفلاحية وعدم السماح للفلاحين بإنتاج محاصيل من اختيارهم، بل وفق البرنامج الوطني الذي يحدد احتياجات المواطن والسوق، لاسيما فيما تعلق بالزراعات الإستراتيجية”.
رزيقة. خ