أصدرت كتابة الدولة الأمريكية للخارجية تقريرها السنوي حول حقوق الإنسان في العالم ومن بينها الجزائر، وتطرقت خلاله إلى “مدى احترام سلامة الأشخاص والحريات الفردية في البلاد، وبالموازاة مع ذلك نشر المعهد الأمريكي لاستطلاع الرأي “غالوب” تقريرا صنف الجزائر في المرتبة السابعة في تصنيف الدول الأكثر أمنا في العالم، وهي تقارير وإن جاءت إيجابية بالنسبة للجزائر، إلا أن هناك تساؤلات كثيرة حول مدى مصداقية هذه الأخيرة، خصوصا إذا ما قورنت بالخطابات الرسمية التي دائما ما تحذر من الأخطار المحدقة بالبلاد.
ويرى الخبراء والسياسيون أن هذه التقارير ليست بريئة ولها أهداف، قد تكون بغاية التقرب خدمة لمصالح خاصة خفية، أو لكسب موقف جزائري مؤيد لسياسة البلد صاحب التقرير ، آو لابتزازها، واعتبروا أنه حقيقة هناك امن يلمسه الجزائريون داخليا لكن يبقى دائما هناك خوف من الخطر القادم من الخارج، ما يستدعي التواجد في حالة استعداد ويقظة.
بن عمر بن جانة:
“التحولات الأمنية ليس لديها مقياس زمني”
وفي هذا السياق يقول الخبير الاقتصادي بن عمر بن جانة، في تصريح ل”الجزائر”، أن مثل هذه التقارير يجب أخدها بنوع من الحذر لأننا لا نعرف ما الهدف منها، موضحا انه من ناحية استتباب الأمن في الجزائر، فصحيح ما تطرق إليه التقرير الثاني، إذ أننا نلاحظ تحسن كبير في هذا المجال، إضافة إلى وجود استقرار سياسي و اجتماعي ، فلا وجود لبوادر لعدم الرضا الشعبي أو للاحتقان الاجتماعي مقارنة بدول الجوار، معتبرا أن تصريحات المسؤولين في البلاد المحذرة من الإخطار المحدقة بالبلاد، هي نابعة عن الوضع الجيو سياسي المحيط بنا، من ناحية ليبيا، مالي، تونس وحتى المغرب وقضية الصحراء الغربية إضافة إلى المخدرات، هو جو كله توترات خطيرة، فرغم انه داخليا هناك امن حقيقي، إلا أن التحولات الأمنية ليس لديها مقياس زمني، فقد تنقلب الأمور في ثواني معدودة، وهو ما ستدعي حوله أخد كل الاحتياطات، و لدى نجد السلطات تحذر من أي انزلاق آو خطر قد يهدد البلاد وتدعو دائما إلى اليقظة.
وبخصوص تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في الجزائر، الذي انقسم بين مدح وقدح، فقال بن جانة، أن هناك حسابات قد تدخل من خلال عرض مثل هذه التقارير، فالتقارب الجزائري الأمريكي والشراكة الإستراتيجية ، يندرج ضمن العمل الدبلوماسي ولأغراض مصلحية بين الدولتين.
الأفلان:
التقارير الخارجية مشكوك فيها
من جانبه قال عضو المكتب السياسي بحزب جبهة التحرير الوطني سعيد بدعيدة انه لا يجب الاعتماد على التقارير الأمريكية ولا الأوروبية، ولا أي تقرير مصدره الخارج، لأنه في الأخير تبقى تقارير مشكوك في مصداقيتها و في الغرض الذي اوجد لأجله، و التي غالبا ما تكون خدمة لمصالح البلد صاحب التقرير على حساب البلد الذي كتب عنه التقرير، و أضاف أن ما يجب الاعتماد عليه هو الواقع المعاش، و نحن في الجزائر-يقول بدعيدة- نلمس وجود الأمن داخليا، لكننا على مستوى الحدود هناك مشاكل كثيرة ونحرص على تامين البلاد، وما خطابات المسؤولين دليل على هذا الحرص، و اعتبر بخصوص التقرير الخاص بحقوق الإنسان في الجزائر، انه رغم تسجيل بعض النقائص في هذا المجال إلا أن الجزائر مقارنة بدول العالم الثالث، فهي الأفضل، فهي البلد الوحيد ضمن الدول النامية التي لا يوجد بها سجناء سياسيون، مشيرا أيضا إلى العدد الكبيرة للعنوانين الصحف و القنوات التلفزيونية بالجزائر، و التي اعتبرها دليل على حرية الإعلام و التعبير.
حزب العمال:
الأمن يجب أن تخلقه مؤسسات الدولة لا التقارير الأجنبية
من جانبه قال القيادي بحزب العمال رمضان تعزيبت، أن أي تقرير مصادره الخارج يجب قراءتها بعين حذرة، فغالبا ما تكون غير موضوعية ولها أهداف خفية، و أضاف انه صحيح أن الجزائر عرفت بعد العشرية السوداء عودة الاستقرار و الأمن ، غير انه حاليا لا يمكن القول بوجود بلد امن ، و بالنظر إلى ما يحدث في دول الجوار و في العالم، فرغم آن الجيش يقوم بمهامه على أكمل وجه، إلا أن الأمن ليس مقتصرا في معنى واحد، بل يمتد إلى الآمن السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي، وان يكون شعور بوجود أفق، وهو ما يجب أن تخلقه مؤسسات الدولة و ليس التقارير الأجنبية.
وبخصوص تقرير الخارجية الأمريكية، قال تعزيبت أنها قد تغازل الجزائر في جوانب لكسب مشاريع آو لكسب مواقف على المستوى الخارجي ، و قد يكون أيضا مصدر ابتزاز للسلطات في البلاد، و قال أننا لا ننتظر من يشكرنا من الخارج، بل من ينظر ألينا من الداخل.
تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان بالجزائر
هذا وكانت الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي حول حقوق الإنسان عبر العالم لسنة 2017 الذي صدر أول أمس، قد أكدت بأن الجزائر لم يسجل فيها أي حرمان تعسفي للحياة أو جرائم ذات أسباب سياسية. كما أنه لم يسجل أي حالة اختفاء أو إدانة تعذيب خلال الفترة التي شملها التقرير، وذكرت في هذا الصدد بأن القانون الجزائري يمنع التعذيب وينص على عقوبات سجن تتراوح ما بين 10 و 20 سنة للأعوان العموميين الذين يتورطون في أعمال التعذيب.
أما بخصوص الظروف داخل السجون ومراكز الحبس, فإن الطبعة الثانية والأربعون من هذا التقرير أقرت أنه لا يوجد أي انشغالات في مجال حقوق الانسان.
وأشار التقرير, في هذا الصدد, إلى أن الحكومة الجزائرية قد رخّصت للجنة الدولية للصليب الأحمر وللملاحظين المحليين لحقوق الانسان بزيارة السجون ومراكز الحبس حيث تطابق الأحوال في السجون المعايير الدولية.
كما أبرز التقرير إنشاء مكتب مكلف بحقوق الانسان لدى المديرية العامة للأمن الوطني والذي تتمثل إحدى المهام الموكلة له في تحسين ظروف الحبس.
و من جهة أخرى, أكد هذا التقرير الذي قدمه وزير الخارجية بالنيابة, جون سوليفان, أن الحريات الفردية, بما فيها حرية التعبير والصحافة مضمونة في الجزائر, مبرزا أن الدستور يكرس حرية الصحافة, وهو ما يتجلى من خلال النقاشات العمومية وانتقادات وسائل الاعلام للحكومة على نطاق واسع”.
وفي شق الحريات دائما, أشارت الديبلوماسية الأمريكية الى أن الدستور يمنح للمواطنين امكانية اختيار حكومتهم خلال انتخابات حرة ودورية وعادلة عن طريق اقتراع شامل وعادل.
وفي هذا الصدد, أبرز التقرير مراجعة الدستور سنة 2016 والتي حددت العهدة الرئاسية باثنتين فقط. واستنادا الى المحاضر التي أعدها الملاحظون الدوليون حول الانتخابات التشريعية لعام 2017, أكدت الخارجية الامريكية على نجاح تنظيم هذا الاقتراع.
وأضافت الخارجية الأمريكية أنه وخلال الفترة التي شملها التقرير, واصلت المنظمات غير الحكومية والمجموعات المحلية للدفاع عن حقوق الانسان بالجزائر نشاطها بكل حرية.
هذا ويحظى المجلس الوطني لحقوق الانسان الذي خلف اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الانسان وحمايتها باستقلالية مالية ويُعنى بمسؤولية التحقيق في الانتهاكات المزعومة لحقوق الانسان.
كما شدد التقرير على الحماية التي توليها الجزائر لألاف اللاجئين الصحراويين موضحا أن الحكومة رفعت من دعمها للصحراويين من أجل تدارك مخلفات انخفاض المساعدة التي كانوا يحصلون عليها من المانحين الدوليين.
كما تمنح الجزائر الحماية ضد طرد اللاجئين الذي يتعرضون للتهديد في بلدانهم الأصلية.
وأقرت الخارجية الأمريكية استنادا الى ملاحظين دوليين بأن الجزائر تواجهت منذ بداية أعمال العنف في مالي سنة 2012, تدفقات للمهاجرين تختلف عن حركات الهجرة التقليدية.
رزيقة.خ