حذر محللون أجانب من مخاطر اقتصادية عاصفة ستواجه الجزائر خلال السنتين المقبلتين نتيجة لتراجع عائدات صادرات النفط والغاز، حسب صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.
و أضافت الصحيفة البريطانية أمس في مقال نشرته على موقعها الإليكتروني:” في ظل أسابيع من الاحتجاجات التي كشفت عن سخط شعبي تجاه بوتفليقة، هناك خطر أقل وضوحًا يواجه الجزائريين وهو عبارة عن أزمة اقتصادية تلوح في الأفق، لأن العوائد من صادرات الغاز والنفط تواصل التراجع مقارنة بالاحتياجات المتزايدة إليها ”
ونقلت الصحيفة عن ريكاردو فابياني المحلل في شركة “إينرجي أسبيكتس” الاستشارية والتي مقرها لندن قوله:” النقاش الآن يرتكز على السياسات ولكن هناك جبل جليدي حقيقي يمثل تهديدا بأزمة اقتصادية خلال العامين المقبلين، ولا يوجد أحد لديه استراتيجية لمعالجة هذا الخطر”.
وأضاف:” الاحتياطيات الأجنبية تتراجع بشكل سريع جدًا وربما يكون لديهم غطاء للصادرات يكفي أقل من عامين “.
و اضافت تصريحا للخبير الجزائري “مصطفى أوكي” الزميل البارز في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة ،إن الاستهلاك المحلي للغاز يتزايد بشكل سريع والسبب الرئيس هو أن أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء مدعومة بشكل كبير، فتكلفة إنتاج كيلو وات من الكهرباء تقدر بـ 12 دينارا ولكنها تباع بـ 4 فقط للمواطنين
وأشار المتحدث إلأى أن الجزائر استهلكت ما يقدر بـ 45 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي في 2018، في حين أنه من المتوقع أن يصل الطلب المحلي إلى 70 مليون متر مكعب في 2030.
وكان قبل اليوم قد حذر مركز “إنترناشونال كرايزس غروب” للدراسات في تقرير حديث، من أنّ الجزائر قد تُواجه أزمة اقتصادية مع حلول 2019 في حال لم يُجر هذا البلد، الذي تراجعت مداخيله النفطية منذ 2014، إصلاحات اقتصاديّة فوريّة
وجاء في التقرير الصادر في شهر نوفمبر المنقضي نهاية 2018 أنّه “في غياب إصلاحات فإنّ أزمة اقتصادية يمكن أن تضرب البلاد مع حلول سنة 2019، لتغذّي التوتر المحيط بالانتخابات “واستشرفت الدراسة أن أزمة في الأفق تلوح
سيكون سببها اقتصاديا.
وعبّر مركز الدراسات عن الأسف لأنّ “الحكومة تهدف فقط إلى ربح مزيد من الوقت بسلسلة الإجراءات التي طبّقتها لتقليص النفقات في الميزانية، التي لن ترى نتائجها فورًا، وسياسة مصرفية تغذّي التضخم ”
وكانت الجزائر قرّرت في نهاية 2017 عدم اللجوء إلى الاستدانة من الخارج، والاستدانة من البنك المركزي بطبع العملة لسدّ العجز في الميزانية على مدى خمس سنوات، وهو ما اعتبره الخبراء بابًا مفتوحا لزيادة التضخّم.
ودعا مركز الدراسات الذي مقرّه بروكسل الحكومة الجزائريّة إلى “وضع خارطة طريق للإصلاح الاقتصادي” تفاديًا لأزمة جديدة. وبحسب المركز، فإنّ الحلّ يكمن في “تحسين الشفافية في ما يخصّ المالية العمومية “.
و على الحكومة “فتح حوار موسّع مع الفاعلين الاقتصاديين والمجتمع المدني حول التحدّيات التي تواجهها الجزائر ووسائل رفعها والتركيز على الشباب بما أنّ 70 بالمئة من السكّان يبلغون أقل من 30 سنة” وفق ما جاء في التقرير.
علامات استفهام مطروحة حول عام 2021
و أكد الخبير الاقتصادي “ياسين ولد موسى ” أن الجزائر تواجه مخاطر اقتصادية يمكنها أن تعصف بالاستقرار الذي تعيشه حاليا.
و أضاف المتحدث انه منذ تراجع أسعار النفط في سنة 2014 الذي تبعه انخفاض في حجم المبيعات ، تفاقمت أزمة الجزائر التي يرتبط اقتصادها الريعي بأسعار النفط في الأسواق الدولية.
و أشار الخبير أن المخاطر لم تتوقف عند هذا الحد بل تطورت إلى حد نفاذ خزينة الدولة من العملة الصعبة التي لن تغطي لأكثر من سنتين ،لأقصى حد لها سيكون سنة 2021 .
و أشار الخبراء أن العملة المحلية تراجعا بنحو 5 بالمائة مقارنة مع الأسعار المسجلة في ديسمبر الماضي، ليبلغ سعر صرف اليورو 220 دينارا، بينما بلغ سعر صرف الدولار 192 دينارا .
ونقلت وسائل الإعلام إن مسارانخفاض الدينار لم تشهده السوق المحلية في السابق، وسط مخاوف من ارتفاع نسبة التضخم وحدوث ركود اقتصادي شبه كلي
وأرجع خبراء تراجع الدينار إلى الحراك الشعبي، الذي تعيشه الدولة النفطية العضو في منظمة أوبك، رغم سحب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ترشحه لعهدة خامسة وتأجيل الانتخابات وإصدار سلسلة من القرارات التي لم توقف زحف المحتجين.
ويُصنف الاقتصاد الوطني ضمن قائمة الاقتصادات النفطية الغنية، حيث اعتمدت منذ استقلالها على النفط والغاز كموردين استراتيجيين للعملة الصعبة.
وتقر السلطات بأن الاقتصاد لا يزال يحتاج إلى المزيد من الإصلاحات العميقة حتى يتمكن من التعافي وتحقيق مستوى أعلى من النمو.
وفي مواجهة مشكلة تآكل احتياطاتها النقدية، لا تركز الدولة بالأساس على جلب المزيد من العملة الصعبة إلى الخزينة العامة، بل على خفض الواردات حيث تفرض قيودا على عدد من السلع من بينها السيارات .
وتراهن السلطات على الإجراءات المتعلقة بفرض رسوم إضافية على قائمة من السلع المستوردة لتقليص العجز التجاري لإعطاء الشركات المحلية فرصة للنشاط بشكل أكبر حتى لا تتعرض للمشاكل في المستقبل
ووفق البيانات الرسمية، ساهم قطاع الطاقة بنحو 19.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 27 بالمائة لقطاع الخدمات و12 بالمائة لقطاع الزراعة ومثله لقطاع البناء والأشغال العامة و6 بالمائة للصناعة في العام 2017
رفيقة معريش