يسكن العديد من المتزوجين في منزل واحد مشترك مع أهل الزوج سواء لعدم توفر مسكن فردي أو لكون الوالدان لديهما ابن وحيد ويعتمدان عليه في أمور عدة، فيعمدا إلى التدخل في حياة الزوجين من باب الحرص والخوف على ابنهما وسرعان ما يتحول هذا الاهتمام الكبير إلى استفسارات وأسئلة عن كل صغيرة وكبيرة لا تكاد تنتهي مما يخلق خلافات ومشاكل بين الزوجين والأهل.
والأدهى من ذلك أن التدخل اللاعقلاني للأهل في الشؤون الخاصة بين الزوجين نتائجه وخيمة ففي كثير من الحالات يحدث الطلاق الذي أصبح يحتل المرتبة الأولى في قضايا المحاكم، فعندما يكثر العناد بين الحماة وزوجة الابن تتخذها عدوة لها مستغلة أخطائها لتعكر صفو حياتها لعدم تقبل الأبوان – وخاصة الأم -فكرة أن ابنهما كون أسرة جديدة وأصبح يظهر اهتمامه وحبه لزوجته وعدم هضمهم لذلك يجعل من الأمور أكثر صعوبة.
“…الحماة- أم الزوجة- تزيد الطين بله”
تقربت “الجزائر” من بعض الأزواج الذين يعيشون مع أهل الزوج من بينهم “فيصل” المتزوج منذ أربع سنوات مع ابنة خالته وله منها ولد وبنت، حكا لنا عن مشاكله قائلا:” زوجتي عصبية جدا ولا تتحمل ملاحظات أمي “رغم أنها خالتها”، ما جعلنا نعيش حياة ضنكا ومشاكل يومية لا تكاد تنتهي، وما زاد الطين بله أن زوجتي تطبق ما تقوله والدتها”حماتي وخالتي في نفس الوقت” حرفيا وأصبحت لا تساعد أمي في الأعمال المنزلية حتى وإن كانت مريضة بحجة أنها مهما فعلت لن تكسب رضاها ولن تحبها مثل ابنتها مهما فعلت لأجلها”.
ويضيف :” لازلت أعيش نفس المعاناة خاصة بعدما أهانت أمي حماتي –أختها- بسبب ابنتها فأخذتها معها بعد أن شتمتها “بدون إذني”، رغم ذلك أرجعت زوجتي إلى المنزل بعد عدة محاولات باءت بالفشل بسبب تسلط حماتي طالبة في هذه المرة أن تتركها تأتي معي بشرط أن أحاول توفير منزل بعيد عن بيت أهلي، وهددتني بطلب الطلاق في المرة القادمة إن حاولت أمي إيذاء ابنتها ولو بكلمة، لكن قبل أن تطلب هي ذلك فكرت في إنهاء هذه العلاقة التي أصبحت لا تطاق من وراء تدخل حماتي، فليس المشكل في أهلي فقط بل والدة زوجتي تتدخل كثيرا في شؤوني الخاصة وكل قرارات زوجتي صادرة منها “.
“تصرفات وحشرية حماتي تنغص حياتي”
أما “حكيمة” المتزوجة حديثا فقالت أنها لا تطيق معاملة حماتها وغيرتها الشديدة منها موضحة:” أسكن مع أهل زوجي منذ 7 أشهر ولا أطيق تصرفات وحشرية حماتي وهي تنغص حياتي، فرغم الحب الكبير الذي كنت أكنه لزوجي، إلا أنني أفكر في الانفصال عنه لأن شخصيته ضعيفة جدا أمام والديه وهذا ما كنت أجهله عنه سابقا فهو أصغر إخوته ولا يرفض لأمه طلبا حتى وإن كان على حساب سعادتي، كما لا يقبل مني أي كلمة عن أمه، وما زاد من تفاقم المشاكل بيننا هو عدم إنجابي إلى حد الآن لتجدها حماتي فرصة للشماتة وتذكرني دائما بـأن ابنها بحاجة إلى ولد يقف بجانبه ويساعده أمام الجميع، وهذا يضايقني كثيرا، محاولة في كل مرة تجنبها لإرضاء زوجي، وكلما رأتني سعيدة مع ابني تحاول مضايقتي بكلمات جارحة”.
مشكلة “أمال” لا تختلف كثيرا عن “حكيمة” فرغم أنها تسكن في مسكن خاص بها إلا أنها لم تسلم من تدخلات أهل زوجها : “أهل زوجي لا يتركوني أبدا بخير فحشريتهم الدائمة وتدخلهم في أدق التفاصيل بحياتي يرهقني كثيرا وكلما ذهبت لزيارتهم تبدأ حماتي وأخت زوجي بالتدخل في طريقة تربية أولادي، وتتغير معاملة زوجي لي من كثرة الضغط عليه من طرفهم ولأنعم بالهدوء قررت عدم زيارتهم إلا للضرورة القصوى و انا اليوم أنعم بالراحة بعيدا عنهم، وأتمنى من أعماق قلبي أن يضع أهل الزوج حدا لمثل هذه التصرفات التي تقحم الزوجين في مشاكل كبيرة وتنشر الحقد والبغضاء بين الأهل لوقت طويل، والأكبر من ذلك حدوث الطلا ق وتشتت الأسر بسبب التدخل اللاعقلاني في الأمور الخاصة”.
“حماي وحماتي سبب خراب بيتي “
أما نزيهة فطلقت وهي في عز شبابها بسبب تدخلات أهل زوجها، لينتهي بها المطاف إلى أن تتسلم ورقة الطلاق بإصرار من حماتها، وتقول:” حماتي وحماي سبب خراب بيتي فكلما حدث بيني وبين حماتي نقاش بسيط يتدخل حماي ويصرخ بوجهي وخروجي من المنزل لزيارة الطبيب أو لشراء بعض الأغراض يستوجب علي أخذ الموافقة من جميع أفراد العائلة، وكل أموري أصبحت تحت سيطرتهم وباتت فرص العيش مع زوجي بسلام ضئيلة وكلما حدثته عن الأمر يقول لي أصبري، إلا أنني صبرت كثيرا ولم أتمكن من الصمود أكثر أمام كل تلك المشاكل اليومية، واحمد الله أنني ابتعدت عنهم، رغم أنهم تسببوا في ضياع حياتي وشبابي”.
“الحل بيد المرأة”
من جهته الأخصائي الاجتماعي “صحراوي.ب” يوضح أن التدخل الغير المنطقي واللاعقلاني لأهل الزوج يسبب الفشل السريع للحياة الزوجية بعد حدوث عدة مشاكل ينتهي أغلبها بالطلاق، مشيرا إلى أن أسباب هذا التدخل راجع إلى الغيرة الغير مبررة من طرف أهل الزوج على ابنهم بعد زواجه وعدم تقبلهم لحياته الجديدة،مردفا:” وكل هذا بسبب المفاهيم الخاطئة المرتبطة بالعادات والتقاليد والعناد الكبير الذي يحمله الأهل لكي ينصاع ابنهم وخاصة زوجته إلى أوامرهم، ويأخذون مشورتهم في كل صغيرة وكبيرة وإلا يحدث ما لا يحمد عقباه، خصومة وعداوة..و..مشاكل لا نهاية لها تهدم حياة الزوجين “.
مضيفا: “الحل الوحيد نجده عند المرأة التي برزانتها وحسن تصرفها وعقلانيتها تتمكن من التحكم في الأوضاع فما عليها إلا ان تكون زوجة كتومة لا تتحدث كثيرا وتتعامل ببرودة مع كل ما يصدر من حماتها وحماها محاولة اعتبارهما مثل والديها، والسكوت ثم السكوت يبعد الكثير من المشاكل لأن العناد والنقاش العقيم يدخلها في متاهات وشتائم ربما هي في غنى عنها، فالزوجة بيدها مفاتيح كل أبواب النجاة إن أحسنت التعامل وكما يقول المثل الشعبي:” لي فات على كلمة ..فات على روح”.
أحلام بن علال