تراجع النشاط التجاري في الجزائر خلال الفترة الأخيرة بحوالي 50 بالمائة حسب ممثلي التجار، نتيجة الأزمة الاقتصادية وتداعيات أزمة فيروس “كورونا” المستجد، التي زادت من تعميق الأزمة، أين سجل ركود كبير في حركة البيع والشراء، وتراجع الطلب على مختلف المنتجات، وتوقع تجار استمرار هذا الوضع إلى نهاية 2020، فيما يرى آخرون أنه قد يكون هناك تحسن طفيف في هذه الحركية مع الدخول الاجتماعي القادم أو بعده.
بولنوار: “تراجع القدرة الشرائية للمواطن لعدة أسباب وراء تراجع النشاط التجاري”
قال رئيس جمعية التجار والحرفيين الجزائريين الحاج الطاهر بولنوار، في تصريح لـ”الجزائر”، إن “جميع المعطيات والمؤشرات تؤكد فعليا تراجع كبير في النشاط التجاري في البلاد، وليس فقط بالنسبة لممارسة النشاط التجاري، إنما على مستوى البيع والطلب”، وهذا الأمر كان “متوقعا” حسب بولنوار، نظرا لكون الكثير من المواطنين بسبب جائحة “كورونا” وإجراءات الحجر الصحي فقدوا عملهم، أو تراجعت مداخيلهم، ومستواهم المعيشي، فمن الطبيعي أن يتراجع في ظل هكذا وضع الطلب السلع ومختلف المنتجات، إضافة إلى أمر آخر-يضيف المتحدث ذاته- أن “التجار والحرفيين الذين توقفوا عن النشاط أثناء فترة الحجر الصحي، وبعد رفع الحجر لم يتكمنوا من العودة إلى نشاطهم لعدة أسباب منها أن البعض فقد ممونيه، والبعض فقد المعدات والتجهيزات، وبعض التجار ترتبت عليهم ديون العمال والديون الخاصة بكراء المحلات”، لكن يبقى العامل الأهم في التراجع حسب بولنوار مرتبط بنقص الإستهلاك وتراجع الطلب من قبل المواطنين.
ويوضح بولنوار أن “التراجع المسجل مس مختلف الأنشطة التجارية، ولم يستثنى منها نشاط، لا نشاط الألبسة، ولا حتى نشاط بيع المواد الغذائية”، الذي قال إن “التجار الناشطين في هذا المجال أكدوا أن الطلب على مختلف السلع الغذائية تراجع بشكل ملحوظ”.
وأكد بولنوار أن “الظرف الصحي الذي تعيشه البلاد، من كل ما ذكر آنفا من فقدان بعض المواطنين لعملهم وتراجع القدرة الشرائية، تزامن عودة النشاط التجاري بعد رفع الحجر الصحي مع فترة قريبة من عيد الأضحى، فالعائلات قد ترغب في الادخار والاقتصاد لكي تتمكن من شراء أضحية العيد، لدى سجل تراجع في الطلب على السلع بمختلف أنواعها”.
وقدر رئيس الجمعية “نسبة تراجع النشاط التجاري بـ 50 بالمائة خلال الأشهر الماضية”، وأضاف أن “هناك بعض النشاطات قد تعرف تحسنا طفيفا كنشاط بيع ملابس الصيفية وألعاب الأطفال، ونشاطات أخرى قد تنتعش مع الدخول المدرسي المقبل أو بعده”.
كما اعتبر المتحدث ذاته، عودة النشاط التجاري لطبيعته مرتبط بتحسن القدرة الشرائية للمواطن فهو عاملان مرتبطان ببعضهما البعض.
بوشريط: “الأزمة الاقتصادية وكورونا سببا هذا الوضع وقد يستمر إلى نهاية 2020”
من جانبه، قال الأمين الوطني المكلف بالمالية باتحاد التجار والحرفيين الجزائريين، عبد القادر بوشريط، في تصريح لـ”الجزائر”، إن “العالم يعاني منذ فترة من أزمة اقتصادية، كما أن البلاد عانت منذ 2015 إلى اليوم هي الأخرى من أزمة اقتصادية خانقة ازدادت حدتها مؤخرا، مع ظهور وباء كورونا الذي عمق الوضع، وبالطبع فهذه العوامل والأزمات كان لها التأثير الكبير على الحركة والنشاط التجاري، ومن البديهي لأن يتأثر التجار والمصانع والشركات، والعمال من هكذا وضع”.
ويرى المتحدث ذاته، أن “تحسن النشاط التجاري لن يكون قريبا وقد يستمر هذا الوضع إلى نهاية السنة الجارية”، حيث قال إن “هناك مؤشرات كثيرة قد لا تجعل من عودة الحركة التجارية إلى طبيعتها في القريب”، مؤكدا بقوله: “للأسف نحن نلاحظ أن الوباء لا يزال موجودا وأن عدد الإصابات في تزايد، وبما أننا لم نخرج من هذه الوضعية، فالأزمة سوف تستمر وسيستمر تراجع النشاط التجاري”، وأوضح أنه حتى تكون هنالك حركة تجارية نشطة، لا بد من توفر رؤوس الأموال حتى يكون هناك استهلاك وطلب، وحتى يكون هناك استهلاك لا بد أن يكون هناك إنتاج، وهذا الأخير يتطلب بدوره عمل وعمال، فهي سلسلة مترابطة وجب توفر جميع عواملها لكي تتحقق”.
وأضاف بوشريط، أن “هذا الوضع-أي تراجع النشاط التجاري- ليس حصرا على الجزائر، فأغلب دول العالم بما فيها الدول الكبرى والصناعية، تعيش الوضع ذاته وجميع الدول تأثرت بالأزمة الاقتصادية العالمية وزادتها تداعيات الازمة الصحية جراء تفشي فيروس كورونا المستجد تعقيدا”.
ودعا بوشريط من جهة أخرى، إلى وضع استراتيجية، أولا لحماية المواطن من الوباء، وأيضا لعودة النشاط الاقتصادي والتجاري تدريجيا، وعودة العامل إلى عمله تدريجيا، بتوفير كل الإمكانيات لذلك، غير أنه استطرد بالقول: “هذا الأمر يبقى صعبا في ظل هذه الظروف”.
رزيقة.خ