طوى حزب جبهة التحرير الوطني صفحة خليفة الأمين العام السابق، محمد جميعي، بتزكية بعجي أبو الفضل على رأس الأمانة العامة للحزب، بعجي الذي سيجد نفسه أمام تركة ثقيلة ومخلفات تسيير المرحلة السابقة التي غيبت “الأفلان” عن الساحة السياسية وساهمت في تراجعه وتخبطه في عديد الأزمات الداخلية .
سيكون الوافد الجديد على رأس الأمانة العامة لـ”الأفلان” بعجي أبو الفضل أمام مسؤولية كبيرة في إعادة ترتيب البيت الداخلي والتي على رأسها العمل على استعادة مصداقية الحزب على الساحة السياسية وثقة الشعب فيه بعد تعالي الأصوات مطالبة بإقصائه، ليس فقط من المواطنين بل حتى من بعض التشكيلات السياسية بتحميله المسؤولية في إيصال البلاد للأزمة في المرحلة السابقة، كما سيكون في مهمة ثانية وهي تشكيلة المكتب السياسي بحيث تطرح التساؤلات عما إذا سيحافظ على المكتب الذي وضع تشكيلته الأمين العام السابق محمد جميعي والذي رفع عدده إلى 30 عضوا بعدما كان في حدود 19 وحظي فيه الأمين العام الحالي بمنصب مستشار للأمين العام السابق محمد جميعي غير أن بعجي رفض المنصب وقدم استقالته بسبب عدم استشارته إلى جانب استنكاره لاستمرار السياسات والممارسات، يضاف لذلك التحضير للمؤتمر القادم والذي يعد مطلب الكثير من القيادات بوصفهم له بمثابة المحطة الحقيقية للقطيعة مع الممارسات السابقة إلى جانب توحيد الصف ولملمة الشتات لاسيما مع ميلاد بعض “التصحيحيات” في الفترة الأخيرة .
وسيكون الدستور في الوقت نفسه، من بين المحطات المهمة للأمين العام الجديد ومعها الإستحقاقات التشريعية التي ستنظم نهاية السنة، هذه الأخيرة التي ستكون من بين أهم الإمتحانات بالنسبة لحزب جبهة التحرير الوطني إما بالحفاظ على ريادته وأغلبيته أو فقدانه لها .
بعجي: “يد الحزب ممدودة لأبنائه ولكافة الأحزاب السياسية”
وفي أول خرجة له بعد تزكيته أمينا عاما لجبهة التحرير الوطني، أكد بعجي أن “الأفلان دخل مرحلة جديدة من إعادة بناء الحزب بعد جملة الأزمات التي تخبط فيها خلال السنوات الماضية وتصحيح وضعيته في عديد الجوانب التنظيمية والسياسية لإعادة لسكته الصحيحة وللواجهة كقوة سياسية أولى في البلاد” – على حد تعبيره- وأضاف “يلعب دوره في إطار العهد الجديد الذي دخلته الجزائر”، معربا عن أمله في الخروج من دائرة “أحزاب الموالاة ” أو “أحزاب المعارضة ” والإكتفاء بأحزاب سياسية لها برامج معين تسعى من خلالها للوصول للسلطة، كما أشار إلى أن يد الأفلان ممدودة لكافة التشكيلات السياسية، وقال في هذا الصدد: “أمد يدي لكل الإخوان في الساحة السياسية رؤساء أو أمناء عامون للعمل سويا للدفاع عن الدولة ومؤسساتها .”
ووصف بعجي دورة اللجنة المركزية ومخرجاتها بـ”اللحظة التاريخية” التي يعيشها الحزب، والتي كان يتوق لها الجميع لتصحيح أمور الحزب معلنا أن يده ممدود لجميع المناضلين والقيادات، مبديا استعداده للعمل مع الجميع دون إقصاء لكون الوضعية التي يمر بها الحزب يحتاج كافة طاقاته وكفاءاته للنهوض به، وقال :” في جبهة التحرير الوطني نختلف ولا نختلف عليها “.
ورفض بعجي الخوض فيما أشار إليه بعض المناضلين والقيادات السابقة بعدم شرعية دورة اللجنة المركزية، مكتفيا بالتأكيد على أنها انعقدت بطلب من أعضائها لتصحيح وضعية الحزب وردا في الوقت نفسه على ترجيح كفة التزكية بدل اللجوء للصندوق، وقال: “القانون الأساسي واضح وتمت تزكيتي لمنصب الأمانة العامة بالأغلبية الساحقة وسبقها نقاش من أعضاء اللجنة والتي أصدرت “فتوى سياسية ” لتبني خيار التزكية ورغم وباء كورونا حضر 368 عضوا منهم 6 أعضاء رفضوا تزكيتي “.
الإعتذار من الشعب.. مرة ثانية
وردا على دعوات الشعب بإقصاء “الأفلان” من الحياة السياسية، قال بعجي: “نحن ولدنا من رحم الشعب ونحن أبناء الشعب الجزائري وهو الذي يميز بين الشريف والدنيء واستمعنا لعمق مطالبه وسنعمل سويا على تجسيدها”، وتابع: “نقول للشعب أن العيب ليس في حزب جبهة التحرير الوطني بل في بعض المسؤولين الذي لم يكونوا في المستوى ونقوله لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا فحزب جبهة التحرير الوطني باقي بمرجعيته المستمدة من بيان أول نوفمبر وسيكون هناك تغيير في الوسائل وطريقة العمل”، وأضاف أيضا: “الأفلان سيسترجع مصداقيته و الشعب بيننا .”
ويعد اعتذار بعجي الثاني من نوعه سبقه اعتذار الأمين العام السابق محمد جميعي بعد وصوله للأمانة العامة السنة الماضية والذي حمّل هو الآخر الصورة التي وصل لها “الأفلان” والانتقادات التي طالته للمسؤولين الذين سبقوه .
بن حمودة..”ضحية كورونا”
ما ميّز دورة اللجنة المركزية هذه المرّ هو عقدها في عز وباء “كورونا ” والتي ألقت بضلالها عليها بحديث أبرز المرشحين وهو جمال بن حمودة هذا الأخير الذي قال في تصريحاته أنه “أبعد من التنافس على هذا المنصب لسعي جهات داخل الحزب لفرض منطق التزكية لا الصندوق بالإبقاء على مرشح واحد وتغييب الآخرين” – على حد تعبيره- وذكر في الوقت نفسه أنه كان ضحية مؤامرة “كورونا” وقال في هذا الصدد: “الأمور بدأت بعد منعي صباح انعقاد دورة اللجنة المركزي من دخول القاعة التي ستعقد فيها الدورة بحجة ارتفاع درجة حرارتي والإشتباه بإصابتي بفيروس كورونا وطُلب مني المغادرة لإجراء الفحوصات والإتيان بشهادة طبية وهو الأمر الذي قمت به غير أنه ومع الشهادة الطبية التي تؤكد عدم إصابتي بهذا المرض تم منعي من دخول القاعة ومن هنا شعرت أن هناك أمر مدبر لمنعي من الترشح وترجيح خيار التزكية وهو الأمر الذي تأسفت له كثيرا.”
حديث بن حمودة عن مؤامرة لمنعه من الترشح لمنصب الأمانة العامة، قابله رد سريع من الأمين العام الجديد بعجي أبو الفضل والذي قال إنه تم السماح بدخول كافة المدعويين ولم يكن هناك أي إشكال، وقال: “لا علم لي بالأمر” كل الناس دخلت وكافة المدعويين تم السماح لهم بالدخول، ولم يكن هناك أي إشكال وإذا لديه إشكال آخر فهذا لا يعني الحزب ولا اللجنة المركزية .”
صديقي.. سأظل مناضلا
وكان للأمين العام السابق بالنيابة علي صديقي كلمة خلال دورة اللجنة المركزية التي احتضنها، قصر المؤتمرات ليوم واحد بحيث أكد أن “تولى مسؤولية الحزب في ظروف صعبة” وأدى ما عليه للحفاظ على الحزب من الإنهيار، معربا عن أسفه لتلقيه لعديد الإتهامات والإنتقادات في وقت سعى لربط القيادة بالمناضلين وهو ما اعتبره بالأمر الذي كان مغيبا في السابق، مستدلا في ذلك على الجولات التي قام للمحافظات والقسمات لمناقشة موقف الحزب من الرئاسيات السابقة، وأشار إلى أن هذه الأمور مدونة وليست مجرد كلام: “هناك رجال ونساء بذلوا قصارى جهدهم للحفاظ على الحزب في عز أزمته وكانوا في المستوى وأشكركم لأنكم استحملتموني طيلة هذه المدة التي تلقيت فيها عديد الإنتقادات والإتهامات ولم يكن همي سوى الحفاظ على الحزب واليوم وبعقد اللجنة المركزية، فالمسؤولية تقع على القيادة الجديدة وأنا سأظل مناضلا في حزب جبهة التحرير الوطني هذا الحزب الذي سيظل حصنا منيعا “.
زينب بن عزوز