تضاربت التصريحات بين المسؤولين حول الأرقام الخاصة باحتياطي الصرف، بين وزير المالية الذي حذر من نفاد الاحتياطي في 2021، و بين محافظ بنك الجزائر الذي يرى أن هذا الاحتياطي قد يرتفع في حال ارتفعت أسعار البترول، وهو الوضع الذي يفنده الواقع، اذ استمر الاحتياط في النفاذ بصفة منتظمة طيلة الأربع سنوات الماضية رغم مرور بعض الفترات التي شهدت فيها أسعار النفط ارتفاعا وصل إلى ما فوق 82 دولار للبرميل، وهو ما اعتبر أن تصريحات محافظ بنك الجزائر سياسية أكثر منها اقتصادية.
شهدت التصريحات الأخيرة حول احتياطي الصرف في الجزائر تضاربا و اختلافا كبرين، فوزير المالية عبد الرحمان راوية صرح خلال عرض مشروع قانون المالية لسنة 2019، أن احتياطي الصرف تهاوي إلى 88 مليار دولار في 2018، و سيعرف انخفاضا أكثر في 2019، حيث سيصل إلى 62 مليار دولار، وهو ما يكفي لتغطية فاتورة الاستيراد لمدة 13 شهرا، بينما سينزل في سنة 2020 إلى 47.8 مليار دولار ليغطي 10 أشهر ليواصل احتياطي الصرف تراجعه إلى حدود 33.8 مليار دولار سنة 2021 وهو ما يغطي 8 أشهر من الاستيراد، في حين جاءت توقعات محافظ البنك محمد لوكال مخالفة تماما لما قاله وزير المالية، حيث كانت تصريحات المحافظ “مطمئنة”، حيث قال أن احتياطات الصرف من العملة الصعبة للجزائر ستواصل الارتفاع مع بقاء أسعار النفط فوق مستوى 50 دولارا للبرميل، وهو الرقم المقترح في ميزانية عام 2019، غير أن هذه التصريحات اعتبرت”سياسية” و بعيدة عن الواقع الاقتصادي، و في هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي كمال رزيق في تصريح ل”الجزائر”، امس، ان تصريحات وزير المالية صائبة، بينما تلك الخاصة بمحافظ بنك الجزائر لا علاقة لها بالواقع، و اضاف ان تصريحات راوية تستند الى الارقام و الى العجز الذي تسجله الميزانية، ما يحتم التوجه من اجل تغطية نفقات الاستيراد الى احتياطي العملة الصعبة، و اوضح ان الجزائر تستورد ما قيمته 44 مليار دولار في حين لا تصدر سوى ما قيمته 32 مليار دولار، ما يدفعها للتصرف في احتياطي الصرف من اجل سد العجز، و اعتبر الخبير الاقتصادي ان الحل الترقيعي يكمن في خفض فاتورة الاستيراد لكنه يبقى حلا مؤقتا، و ان الحل الحقيقي تكمت في ادراج اصلاجات جدرية للاقتصاد الوطني ، و الدخول في النمودج الاقتصادي الجديد الذي احدث عنه الحكومة سابقان بصورة حقيقية.
و المتتبع للشأن الاقتصادي الوطني يجد أن التناقض في تصريحات محافظ بنك الجزائر مع الواقع الاقتصادي، واضح بشكل كبير، فالرؤية التي يعتمدها المحافظ في الرفع من احتياط الصرف، و التي ربطها ببقاء سعر برميل النفط فوق ال50 دولار للبرميل، و هو السعر المعتمد في قانون المالية 2019، رؤية لم تتحقق على ارض الواقع في الأشهر الستة الماضية-مند جوان الماضي إلى أكتوبر- التي شهد فيها ارتفاع سعر البرميل إلى ما فوق عتبة ال80 دولار، و التي لم يرافقها ارتفاع احتياط الصرف في تلك الفترة، أو حتى الاستقرار في مستوى محدد.
رزيقة.خ