يشهد قطاع السكك الحديدية مؤخرا، حركية كبيرة بفضل المشاريع المنجزة، وتلك التي هي في طريق الانجاز وتهدف إلى بعث التنمية المحلية، إضافة إلى تسهيل تنقل الأشخاص، ونقل السلع والبضائع، سيما وأن الخطوط الجديدة تم ربطها بالمناجم والموانئ، كما يسمح مد خطوط جديدة للسكك الحديدية من توسيع الشراكات وتنويع الشركاء.
تعمل الجزائر على عصرنة النقل بالسكك الحديدية عن طريق تحديث الخطوط الموجودة وإنشاء أخرى جديدة، في إطار برنامج السكك الحديدية المرشحة لبلوغ 12.500 كم على المدى المتوسط، وتركز السلطات على تطوير هذا النوع من النقل، سواء المتعلق بنقل المسافرين أو نقل البضائع، نظرا للمزايا الاقتصادية والتجارية الكبيرة عبرها، سواء من حيث انخفاض تكاليف نقل البضائع عبرها مقارنة بطرق النقل الأخرى أو من حيث تسهيل ربط مناطق البلاد ببعضها البعض أو من حيث فك العزلة وبعث التنمية المحلية.
وتتطلع الدولة لتقديم خدمة عمومية في مجال النقل، لاسيما عبر القطارات ترقى لتطلعات المواطنين، لاسيما وأن النقل يعتبر جزءا لا يتجزأ من يومياتهم، وقد وضع قطاع النقل في هذا الإطار، استراتيجية جديدة للرفع من أداء شركة النقل للسكك الحديدية على المدى القريب، المتوسط والبعيد، من خلال بعث مشاريع واستثمارات في هذا المجال، مع تحديث نظم التسيير وجعلها أكثر نجاعة والتحكم في التكاليف، ووضع نظام معلوماتي شامل خاصة فيما يتعلق بتسيير القدرات البشرية وتطوير الخدمات عن طريق الإعتماد على الرقمنة ومختلف الوسائل الإلكترونية والإعتماد على مختلف الوسائل التكنولوجية المتاحة في العملية الإتصالية وتوسيع نطاقها.
إضافة إلى الشق المتعلق بتحسين الخدمات، يرتبط التوجه الجديد للجزائر واهتمامها بتطوير النقل بالسكك الحديدية، بالجانب الاقتصادي والتجاري، فضمن خطط ومشاريع تطوير النقل البري عبر السكك الحديدية تم التركيز على أهمية ربط هذه الخطوط بالموانئ والمناجم وتمديدها نحو المناطق الصحراوية وصولا للحدود، بهدف تسهيل التنقلات والمبادلات التجارية، وتسهيل عمليات التصدير، تماشيا مع السياسة الاقتصادية المعتمدة حاليا القائمة على الإنفتاح على الأسواق الدولية، لاسيما السوق الإفريقية، وتوسيع مجالات النشاطات التجارية وعمليات التصدير والتبادلات التجارية.
وسبق أن أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال لقائه الدوري مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية، في 5 أوت، على أهمية تطوير النقل بالسكك الحديدية، إذ أكد أنه يشكل “أحسن ضمانة للتنمية” في البلاد، لاسيما بالنسبة لمناطق الجنوب، وكشف أن الجزائر ستطلق برنامجا مع شركاء صينيين لمد خطوط نقل بالسكك الحديدية بطول يقارب 6000 كلم، والجزائر بصدد مراجعة الدراسات مع الشركاء وستنطلق الأشغال.
وأضاف الرئيس تبون أن مثل هذه المشاريع الهيكلية من شأنها أن “ترسخ الوحدة الوطنية والترابية وتسمح بترقية الاستثمار في أعمق مناطق الوطن”، وقال إن “الخط السككي الذي يصل إلى تمنراست سيسهل استغلال المناجم ويرقي التجارة ويخلق حيوية اقتصادية بشكل يفيد المواطن”.
وضمن إطار هذا البرنامج، أوضح الرئيس تبون أن “أولوية الأوليات” ستكون لمشروعي نقل الفوسفات نحو ميناء عنابة على مسافة 280 كلم وكذا لمشروع الخط الرابط بين منجم غار أجبيلات وبشار بطول يزيد عن 800 كلم لنقل الحديد، وأشار إلى أهمية المشاريع المبرمجة في إطار هذا المخطط ربط مدينة بشار بأدرار بخط سككي على مسافة نحو 600 كلم.
وذكر بمميزات النقل بالسكك الحديدية، والمتمثلة في ربح الوقت ونقص التأثير على البيئة، علاوة على التكلفة التي تقل عن النقل البري، فضلا عن فك العزلة عن المناطق التي تعبرها شبكة القطارات المبرمجة.
فيما أشرف الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، خلال زيارته لولايتي الطارف وعنابة، السبت الماضي، على وضع حجر الأساس لمشروع عصرنة وازدواجية الخط المنجمي الشرقي في شطره الرابط بين عنابة وبوشقوف بولاية قالمة، الذي يمتد على مسافة 54 كلم من مشروع عصرنة وازدواجية الخط المنجمي للسكة الحديدية تبسة-عنابة حتى بوشقوف بولاية قالمة والذي يعد من أكبر مشاريع المنشآت القاعدية التي تنجزها الجزائر.
وقد خصص وزير الأشغال العمومية و المنشآت القاعدية، لخضر رخروخ، اجتماعا الأسبوع الماضي، لمتابعة مشاريع متعلقة بإنجاز خطوط السكك الحديدية والسكك الحديدية للمنجمية الجديدة، حيث تم التطرق إلى الخط الرابط بين مدينتي عين البيضاء وخنشلة على مسافة 51 كلم، بالإضافة إلى انطلاق الأشغال الخاصة بمقاطع من الخط المنجمي الشرقي (عنابة – جبل العنق) على مقطع عنابة –بوشقوف على مسافة 54 كلم، والمقطع الخاص باجتناب مدينة تبسة وتينوكلة على مسافة 43 كلم، وكذا المقطع الموصل إلى بلاد الهدبة بجنوب ولاية تبسة على مسافة 23 كلم.
كما تم التناول في الاجتماع مدى تقدم أشغال مشروع الخط المنجمي الشرقي في مقطعه الرابط بين واد الكبريت بولاية سوق أهراس وجبل العنق بولاية تبسة على مسافة 177 كلم والذي تشهد فيه الأشغال تقدما بنسبة 75 بالمائة، إضافة إلى عملية انطلاق الأشغال في المقطع الأول الذي يمتد من بشار إلى النقطة الكيلومترية 200 على مسافة 200 كلم من الخط المنجمي الجديد الرابط بين بشار-تندوف-غار جبيلات على مسافة 950 كلم، وأسدى الوزير تعليمات بضرورة تسليم مشاريع إنجاز خطوط السكك الحديدية في آجالها.
برنامج طموح لمد خطوط السكك الحديدبة بالشراكة مع الصين
من جانب آخر، ستطلق الجزائر برنامجا طموحا مع جمهورية الصين الشعبية لمد خطوط السكة الحديدية على مسافة تقارب 6000 كلم، والمنشآت المينائية، حيث أكد سفير جمهورية الصين الشعبية، خلال لقاء جمعه الأسبوع الماضي، بوزير الأشغال العمومية، لخضر رخروخ، على اهتمام واستعداد الشركات الصينية في تجسيد مشاريع في هذه المجالات ورغبتها في مواكبة جهود الدولة في توسيع وتمديد شبكة السكك الحديدية والمينائية وبالتالي المساهمة في التنمية الإقتصادية للبلاد.
ويؤكد خبراء اقتصاد على أهمية مدّ خطوط السكك الحديدية في بعث التنمية المحلية، وفي ضمان عمليات نقل المسافرين أو البضائع آمنة وسلسلة ومنخفضة التكاليف والوقت مقارنة بغيرها من وسائل النقل الأخرى.
أستاذ الإقتصاد بجامعة البويرة، مدني لخضر:
“فتح خطوط للسكك الحديدية سيسمح بتوسيع الشراكات والشركاء”
وفي هذا الصدد، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة البويرة، مدني لخضر، إن “النقل بالسكك الحديدية لديه دور كبير في تطوير الاقتصاد والتجارة بالخصوص، إضافة إلى دوره في تنمية المناطق المعزولة وربطها ببعضها البعض”.
وأضاف مدني لـ”الجزائر” أن “النقل ومنه المنشآت القاعدية بالسكك الحديدية سيساهم في تقليص تكاليف التجارة الخارجية -تصدير واستيراد- منه يسمح بتوسيع الشراكات والشركاء، ومنح فرص للوصول إلى مناطق توفر منتجات أكثر تنافسية، خصوصا مع توجه الجزائر نحو الافتتاح أكثر على الأسواق الخارجية ودخول مناطق حرة وتكتلات اقتصادية”.
واعتبر الخبير الاقتصادي أن اهتمام السلطات بربط خطوط السكك الحديدية بالمناجم بالخصوص، والتي يوجه جزء كبير من إنتاجها نحو التصدير، كان لا بد منه لتسهيل عمليات التصدير وتقليص التكاليف.
ويرى أن “إطلاق مشاريع السكك الحديدية في مختلف المناطق لاسيما الجنوبية منها، سيساهم في إعمار هذه الجهات على اعتبار أن أغلبية السكان يتواجدون بالشمال، غير أن توفير البنى التحتية وخطوط النقل لاسيما بالسكك الحديدية سيعيد التوازن الجهوي”.
رزيقة. خ