أكد خبراء اقتصاد على أهمية خطوة الجزائر نحو فتح استثمارات ضخمة مع بعض الدول العربية وعلى رأسها قطر والكويت، واعتبروا الأمر “منطقيا“، باعتبار أن هذه الاستثمارات ستعود بفائدة كبيرة على الطرفين الشريكين، وأكدوا على ضرورة إقامة شراكات بصيغة “رابح–رابح“، تتم من خلالها نقل التكنولوجيات المتطورة.
الخبير الاقتصادي، أحمد طرطار:
“خطوة الجزائر لإنشاء شراكات مع قطر والكويت مهمة ومنطقية”
وفي هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي، أحمد طرطار، أن هذه الخطوة من الجزائر “منطقية”، خصوصا وأن الجزائر ركزت بالتحديد على دولتي قطر والكويت وهذا بناء على عدة اعتبارات أهمها العلاقات المتميزة بين الجزائر وهاتين الدولتين، إضافة إلى كون قطر والكويت من الدول العربية الغنية وتمتلك من الأموال ما يسمح لها بالدخول في العديد من الاستثمارات في مختلف دول العالم، ناهيك عن امتلاكهما شركات عالمية و مستثمرين و رجال أعمال محترفين، لديهم استثمارات في الولايات المتحدة الأمريكية، في أوروبا، في العالم العربي، و في كل مناطق المعمورة، وفي مختلف المجالات، البناء، الصناعات الثقيلة كالصلب، السياحة و غيرها.
وأضاف طرطار لـ”الجزائر” أن “هذه الشركات القطرية أو الكويتية لديها ميزة أنها عندما تقدم على استثمار في دولة ما تكون جاهزة للاستثمار من كل نواحيه وبمرافقة خبراء تابعين للشركة ومكاتب دراسات عالمية، وكفاءاتها من مختلف دول العالم المتطور وكذا استحوذت على كفاءات من العالم العربي، كما أنها حينما تقرر الاستثمار فإنها توفر كل الإمكانيات المطلوبة”، كما أن هاتين الدولتين -يقول الخبير الاقتصادي- “رائدتين في مجال الإعمار، وهذا ما يؤكده الواقع، حيث أنهما وفي غضون عقود قصيرة تحولت مدنهما إلى مدن تنافس أفضل مدن العالم”.
وعن اختيار الجزائر لقطر والكويت بالتحديد للدخول معهما في استثمارات ضخمة، قال طرطار إن “هذا يعود لقوة العلاقات معهما”، وأشار إلى أن “رغبة قطر في الاستثمار في الجزائر، حيث تعد من بين الدول الأوائل التي رغبت في ذلك”.
وأضاف طرطار أن قطر كانت منذ البداية واعية بأنه “يمكن إنشاء استثمارات واعدة بالجزائر، ومع أول فرصة لها استغلتها بمشروع الحديد والصلب بمركب بلارة بجيجل، وهي والكويت اليوم يرغبان بانجاز استثمارات كبيرة بالجزائر كونهما يدركان أهمية الموقع الجغرافي للجزائر فهي واجهة لأوروبا وبوابة لإفريقيا، وهذا عامل جد مهم ومشجع للقيام باستثمارات بها”.
الخبير الاقتصادي، الدكتور فريد بن يحيى:
“طبيعة العلاقات بين الجزائر وهذه الدول عامل مشجع للشراكة”
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور فريد بن يحيى إن رغبة الجزائر ودولتي قطر والكويت في إقامة مشاريع ضخمة في الجزائر “يخدم كلا الطرفين، فدولتا قطر والكويت لديهما رؤوس أموال ضخمة، ومساحتهما الجغرافية صغيرة، ولذلك ترغبا في توسيع رؤوس الأموال والاستثمارات في الخارج، إذ لا يمكنهما أن تشغلا كل تلك الأموال في مشاريع على أراضيهما، إضافة إلى أن لهما رغبة كبيرة في توسيع مشاريعهما واستثماراتهما في الخارج”.
وبالنسبة للجزائر، حسب الخبير بن يحيى فإنها “ترغب في جلب الاستثمارات الخارجية لانجاز وتمويل مشاريع كبيرة واستراتيجية، وجاء هذا الاتفاق بين الجزائر وقطر والجزائر والكويت لإقامة هذه الاستثمارات بالجزائر”.
واعتبر الخبير الاقتصادي، بن يحيى في حديث مع “الجزائر” أنه “لا بد على الجزائر أن تضع في بداية الاستثمارات مع هاتين الدولتين تسهيلات وتحفيزات ضريبة وبعدها يجب تنظيم القوانين الخاصة بهذه الاستثمارات، وأن تضع بعض الشروط مع التسهيلات الممنوحة لكلايهما”.
وفي رده على سؤال حول أهم المجالات أو القطاعات التي يمكن أن تستثمر فيها قطر بالجزائر، يرى بن يحيى أن “هناك العديد منها العمران، عدد من الصناعات”، وأشار هنا إلى صناعة السيارات، وقد تقترح الخبير الاقتصادي “إقامة شراكة جزائرية قطرية ألمانية لصناعة سيارات من علامة “فولسفاغن” الألمانية كون قطر تعتبر أكبر مساهم في هذه الشركة بنسبة 22 بالمائة”.
أما بالنسبة للكويت، فقال إنه “يمكن الدخول معها في استثمارات في عدة مجالات قد يفضلها المستثمرون ورجال الأعمال الكويتيون قد تكون البنوك، والتأمينات، النقل والسياحة”.
الخبير في الشؤون الاقتصادية، الهواري تيغرسي:
“يجب أن تكون هذه الإستثمارات ضمن صيغة رابح–رابح”
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، الهواري تيغرسي إن ما يشجع إقامة استثمارات بين الجزائر مع قطر والكويت “العلاقات الأخوية التي تجمع بينهما”، واعتبر أنه “يجب بناء شراكة على أساس رابح-رابح”، ويرى أن الجزائر ترغب في تفعيل حركية حقيقية للاستثمارات بها في المرحلة القادمة، وهذا ما جعل الجزائر تفتح المجال لقطر والكويت للاستثمار وبتحفيزات خاصة كما قال رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون خلال زيارته الرسمية الأخيرة للبلدين.
وأكد تيغرسي أن “الشراكة تعني أيضا تحويل التكنولوجيا العالية، فهذه الشراكة تنتظر منها الجزائر تحويل تكنولوجيات عالية وهذا لتطوير منظومتها الاستثمارية”، وأشار إلى أن “الرئيس تبون كان قد أكد على خلق مناخ استثمار مناسب، إضافة إلى وضع قانون استثمار جديد (سيصدر قريبا)”، وهي كلها بحسب الخبير الاقتصاد عوامل مساعدة ومشجعة لدخول هاتين الدولتين في استثماراتها مع الجزائر، لاسيما في عدد من القطاعات التي كان قد تحدث عنها الرئيس ومنها بالنقل والبناء وغيرها.
كما اعتبر تغرسي أن هناك مجالات أخرى في الجزائر غير مستغلة يمكن الدخول في شراكات فيها مع القطريين والكويتيين وهي قطاع المناجم والفلاحة والسياحة.
ويرى البرلماني السابق، أن “مشاريع القوانين التي سوف تعرض على البرلمان قريبا والتي لها علاقة بالاقتصاد، والمتمثلة في قانون الصفقات العمومية، قانون المناجم، قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص وقانون البلديات، من شأنها أن تساهم في خلق مناخ استثماري جيد خاصة إذا ما تم مرافقته بإصلاحات حقيقية وعميقة”.
رزيقة. خ