في وقت تتخبط السلطة العمومية في الجزائر منذ ما يربو عن ثلاث عقود من الزمن لإيجاد الية يتم عبرها ترسيم العمل بمكاتب الصرف رغم صياغة قانون خاص بهذا النشاط منذ عامين، تسير الجارة الشرقية تونس بثبات نحو طي صفحة مكاتب الصرف والانتقال نحو استحداث آليات أخرى اكثر نفعا لإنعاش مخزونها من العملة الصعبة، عبر التوجه نحو تقنين ممارسة نشاط الصرف اليدوي والتقليل من حجم الأموال المتداولة في السوق الموازية.
عندما يزور أي سائح الجارة تونس يستشعر مدى أهمية ودور السياحة كرافد من روافد الاقتصاد الوطني بداية من السياحة العلاجية الى الامتيازات الفندقية المقدمة، والتسهيلات الموجودة على مستوى مكاتب الصرف والبنوك. ملايير من العملة الصعبة تحول دون بيروقراطية او محسوبية للدينار التونسي وتصرف في حينها لاقتناء سلع ومنتجات محلية، نتيجتها تكون بطبيعة الحال ارتفاع في عائدات السياحة التي تعتبر قوت التونسيين، فتونس التي استقبلت سنة 2018 ما يناهز 7 ملايين زائر اكثرهم جزائريين، انتعش اقتصادها في الآونة الأخيرة بعدما بلغت عائدات السياحة بنحو 1.3 مليار دينار تونسي خلال النصف الأول من العام الحالي، أي ما يعادل 73.490 مليون دولار، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 46.1% مقارنة بسنـة 2017.
ووسط هذه الاحصائيات الإيجابية قد يسئل سائل عن سر تهافت السياح على الوجهة التونسية في وقت عجزت الدول المجاورة عن جلب ربع هؤلاء السياح، وهنا يقول مراد شاب جزائري من السياح الذين التقيناهم ان” تفضيله الوجهة التونسية على وجهات أخرى نابع من التسهيلات التي يتلقاها كلما زار هذا البلد، سواء فيما يخص الامتيازات الفندقية، او غيرها من العوامل كسهولة اللغة والتواصل مع التونسيين. وعلى عكس مراد يرى زميله محمد ان الأسعار المنخفضة في تونس” هي من تحفزه على تفضيل هذه الوجهة، خاصة في الفترة الخريفية”.
مكاتب الصرف التقليدية من الماضي
فضلا على ان الحكومة التونسية تصوب اهتماماتها السنوية نحو السياحة، يحاول القائمون على القطاع المصرفي إيجاد اليات لتسهيل عمليات تحويل العملة الصعبة والاستفادة منها، وهو ما يفسر فتح السلطات العمومية التونسية شهيتها نحو الاستفادة اكثر من ملايين السياح المتوافدين على ارضيها، من خلال توفير لهم مكاتب صرف يدوية وظيفتها تدعيم مكاتب الصرف التقليدية التابعة للبنوك لاحتواء السوق الموازية التي تقدر بمئات الملايين من الدنانير، التي ساهم جانب كبير منها في تمويل عمليات التهريب والتجارة الموازية، وهو ما سيفتح أبواب دخول هذا النشاط الجديد امام الخواص من الطلبة المتخصصين في هذا الميدان، لتضرب بذلك الحكومة عصفورين بحجر واحد، تقلص من حجم السوق الموازية من جهة، وتخفض من نسبة البطالة لدى خريجي الجامعات من جهة اخرى.
الحكومة حائرة في السوق الموازية !
بينما تسير الحكومة التونسية بخطوات ثابتة نحو تطوير القطاع المصرفي وتقليص حجم السوق الموازية المتنامية بشكل كبير، تقبع الحكومة الجزائرية في عد الأموال التي هي خارج التداولات الرسمية، دون ان تقوم بمبادرات جادة، فالسيولة المالية المتداولة خارج النظام المصرفي، تصل الى 4675 مليار دينار، أي قرابة 500 مليار سنتيم، و احتياطي الصرف في تراجع مخيف، وفوق هذا كله ظل القانون الخاص بإنشاء مكاتب الصرف حبيس الادراج رغم صياغته، والمنحة السياحية لازالت متوقفة عند 105 أورو.
مبعوث الجزائر إلى تونس: عمر حمادي