يمر اليوم أسبوع كامل منذ أن أطلقت وزارة التربية الوطنية الدروس التعليمية من المقرر الدراسي عبر المنصات الرقمية والقنوات العمومية، وماشرة بعد ذلك تحول هذا القرار إلى جدل بين مؤيد ومعارض لخطة الطوارئ التي تبنتها الوزارة، حيث دعا المهتمون بالشأن التربوي وإطارات القطاع للفصل في مصير التلاميذ، خاصة في ظل النقاش المحتدم حول مدى فعالية الدروس عبر الإنترنت وشاشة التلفزيون نظرا للصعوبات الكبيرة التي يعرفها هذا النوع من التعليم خاصة في الجزائر.
ووجد العديد من الناشطين التربويين أن التعليم عن بعد فرصة لتغيير نمط التعليم التقليدي، حيث بدأ المتمدرسون في التأقلم مع الفكرة، مثمنين الأسبوع الأول من انطلاق التجربة والطريقة الجديدة في التدريس مبدئيا، ومنهم انتقد الطريقة ليس في محتوى الدروس لكن في الطريقة الجيدة التي لم يتعود عليها التلاميذ، حيث أوضحوا أن الوزارة قدمت وضعية التعليم أحادي الاتجاه في المنصات والقنوات التعليمية وبذلك تهميش للمراقبة المستمرة والتفاعل والتقييم والتوجيه.
عبد الكريم بوجناح: “لا بد من مرافقة بيداغوجية إعلامية للتلاميذ”
من جانبه، أوضح الأمين العام للنقابة الوطنية لعمال التربية ” أسانتيو “عبد الكريم بوجناح، في اتصال مع “الجزائر” أن “الدروس جيدة منذ انطلاق بثها عبر منصات والنظام الرقمي وكذا البرامج التلفزيونية وهي مبادرة جيدة من الوزارة للمحافظة على التعليم لكن هناك شبه استفادة منها حسب ملاحظات الفروع النقابية”، مضيفا أن الظروف تقتضي حاليا التعامل من الناحية السياسية وكم هم عدد الناجحين ووصول قارب النجاح والنجاة للتلاميذ في ظل ظروف انتشار وباء “كورونا” سواء من ناحية تعليم أو صحة المتمدرسين.
وقال المتحدث ذاته “نريد قاعدة صلبة ومنهجية صحيحة”، موضحا أنه من الملاحظات للأسبوع الأول أنه القليل القلة الذين يتقيدون بمتابعة هذه الدروس، ومن لا يستوعبون خصوص وأن التعليم عبر القنوات يوحد مستوى الفهم وتكون نسبة الحظ قليلة بالنسبة للأطوار التعليمية التي تستلزم تفصيلا أكثر في الدورس، قاسما فئات المتمدرسين الذين يتعلمون عن بعد الى أربع فئات.
وأوضح بوجناح أن الفئة الاولى التي لا تتابع أصلا الدروس وهم فئة المشاغبون في القسم، موضحا حتمية عدم اتباعهم للدروس عن البعد دون رقيب، اما الفئة الثانية هي فئة التي تعاني من مشكل الاستيعاب ونقص الفهم ويطرحون عدة اسئلة ويستلزم لهم الاعادة بطرق عدة معقبا حتما سيجدون صعوبة الفهم في التعليم الأحادي الاتجاه وغياب التفاعل مع الاساتذة، وفئة الثالثة في الفئة التلاميذ الممتازين والمتفوقين الذين لن يجدوا صعوبة في الفهم وتقنين الدراسة عبر الرقمنة وكذا القنوات الفضائية لكن يلاحظ تراجع نسبة تعليهم واستيعابهم بسبب الذعر الذي خلفه وباء “كورونا” في انتشار التوتر والقلق والتعب النفسي وسط المتمدرسين وأوليائهم وتغيير روتينهم اليومي.
أما الفئة الرابعة وهي الاكثر تضررا، أضاف بوجناح هي الفئات المعوزة التي لا تملك الانترنيت ولا أجهزة الحاسوب ولا يمتلكون امكانيات المادية للولوج الى المنصات الالكترونية، موضحا انهم يعانون في صمت ولا الوزارة ولا الحكومة تستطيع التكفل بهم، في ظل الظروف التي تمر بها البلاد.
وطالب الأمين العام للنقابة الوطنية لعمال التربية ” أسانتيو “عبد الكريم بوجناح، على لسان النقابة المرافقة البيداغوجية الاعلامية للتلاميذ للبقاء في جو علمية تعلمية التعليمية، مشيرا الى ضرورة الالتفاتة الى سنوات الأولى والثانية والثالثة من الابتدائي والمتوسط.
وبذات الصدد، طالبت النقابة الاعتماد على فصلين والغاء الفصل الثالث في حال امتداد الوباء إلى شهر ماي لاستحالة العودة إلى مقاعد الدراسة لاستكمال البرنامج وعدم امكانية تعميم الدراسة عن بعد لكل التلاميذ.
الأساتذة الحلقة المفقودة في ظل ظروف التعليم حاليا
وتساءل عبد الكريم بوجناح عن الأساتذة الغائبين عن ساحة الميدان حاليا، في ظل الظروف التي تقتضي تظافر جهود الاساتذة والمتعلمين لمساندة الوزارة في تلقين التعليم، مقترحا لو أن كل معلم يتابع تلاميذه عن بعد او عبر ملخصات للفئات المعوزة، داعيا معلمي جميع الاطوار التعليمية الثلاثة الذين كانوا في الصفوف الاولى للمطالبة بالحقوق البيداغوجية والاجتماعية ان يصطفوا في صف واحد لمساعدة التلاميذ الذين هم بحاجة ماسة اليهم اكثر كمن اي وقت مضى من أجل إنقاذ الموسم الدراسي الحالي، على خلفية توسع انتشار فيروس كرونا واستمرار عملية الحجر الصحي التي استوجبت تمديد العطلة الربيعية إلى اكثر من شهر والتي لا تزال لم تحدد آجالها بعد بفعل استمرار توسع الفيروس، وعلى الاقل دروس مخصصة للمترشحين المقبلين على الامتحانات الرسمية الذين قلقون بشان الاشاعات التي تلوح الى احتمالية اللجوء الى سنة بيضاء وكذا كثرة النقاشات حول مدى فعالية الدروس عبر الإنترنت والتلفزة.
هذا وباشرت وزارة التربية الوطنية موازاة مع قيامها بتقديم الدروس عبر القنوات والمنصات الإلكترونية في اتصالات، مع الشركاء الاجتماعين وعلى رأسهم نقابات القطاع وجمعية أولياء التلاميذ، لكن الاساتذة بعيدون كل البعد عن ما يحدث وخارج مجال التغطية حسب ذات المتحدث.
نقاية “أنستيو” تطلق قناة “يوتيوب” لفائدة التلاميذ
في السياق ذاته، كشف الأمين العام للنقابة الوطنية لعمال التربية، عبد الكريم بوجناح أن النقابة اطلقت قناة عبر “اليوتيوب” لفائدة التلاميذ بمشاركة أساتذة متطوعين في العمل، موضحا أن القناة ستكون لفائدة جميع الاطوار التعليمية، داعيا الاساتذة للانخراط في القناة التعليمية التي ستنطلق بناءا على ما يحتاجه التلاميذ وتقدم دروسا مفصلة بشرح عبر فيديوهات.
واوضح المتحدث ذاته أن كل مدرسة او شريك اجتماعي يختاج إلى تقديم حلول مناسبة لأعمار طلابها من أجل تقديم محتوى التعليم عن بعد المناسب لطلابها، مضيفا انه سيشكل ذلك تحديا للمعلمين والتلاميذ والاولياء على حد سواء.
يحياوي قويدر نجيب: “نبدأ بما هو متاح، ثم نسعى نحو التحسين مستقبلا”
وفي الموضوع نفسه، قال المكلف بالأعلام والتنظيم لدى النقابة الوطنية لعمال التربية، يحياوي قويدر نجيب، ان نسبة نجاح في الاسبوع الاول ستكون ضئيلة، لكن الحل والخيار الوحيد لانقاض الموسم الدراسي، معقبا ” أن خطة وزارة التربية الوطنية والتي عنونتها بخطة الطوارئ لم تكن اختيارية ولكنها اضطرارية فرضها الظرف الراهن.
وقال الناشط التربوي يحياوي انه لا شك أن شروط التعليم عن بعد غير مهيأة وغير متوفرة ولا يمكن أن تحقق النتائج المأمولة منها في ظل الظروف الحالية، وقد اعطى عدة اسباب تحول دون امكانية التعليم عبد بعد او كا اسماها التعليم المنزلي ، من بين هذه الاسباب احصى ضعف تدفق الانترنت، كما وقف على اشكالية عدم التحكم في تكنولوجيا التعليم والتعلم عن بعد التي تعتبر من اساسيات التعلم،واضاف المتحدث ذاته ارتفاع تكلفة الانترنت التي يعاني منها الغني والفقير ، متسائلا كفي للفئات الفقيرة ان تتكن من الولوج للتعليم عن بعد حيث اغلب الدروس التي وضعتها الوزارة الوصية في النظام الرقمي اكثر مما ستون في البرامج التي خصصتها الوزارة الوصية لبثها عبر القنوات العمومية والفضائية.
كما طرح يحياوي قويدر نجيب اشكالية عدم مسايرة اﻻولياء لهذا النوع من التعليم في متابعة اﻻبناء حيث وجدو صعوبة في المتابعة، وهناك من اضطر من المعلمون والتلاميذ والآباء أيضاً إلى التكيف بسرعة مع التعليم عن بعد، مشيرا ” لكن لا مناص لنا من أن نبدأ بما هو متاح حاليا، مع مراعاة مبدأ العدالة، والسعي نحو التحسين مستقبلا، فالعملية لم تكن اختيارية ولكنها اضطرارية فرضها الظرف الراهن”.
بن زينة: ” أغلبية التلاميذ لم يستطيعوا الولوج للنظام الرقمي”
وفي هذا الشأن، وجه رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ انتقادات لاذعة، حيث قال في اتصال لـ “الجزائر ان اغلبية التلاميذ لا يتابعون الدروس وزارة التربية الوطنية ضربت عرض الحائط بظروف الابناء حيث برمجت حصص الدعم على الارضية الرقمية بالنسبة لكل المستويات وحصص متلفزة بدون مراعة الفئات المعوزة، وقدمت المنظمة اقتراحات لإنقاذ الموسم الدراسي، في ظل عسر الإجراءات التي أقرتها مصالح الوزارة حسبما اقر عنه بن زينة باحتساب فصلين كمعدل سنوي.
واضاف بن زينة ان المشكل لا يكمن في الدروس التي بثت في النظام الرقمي او عبر التلفزة انما في الولوج لهذه المنصات، متسائلا ان الكل يجمع على اختلالات البرامج والمناهج وصعوبتها وان النقابات والاساتذة ينددون في جميع احتجاجاتهم على صعوبة البرنامج وضرورة تغييره، فكيف يتعلمها الابناء عن بعد؟
واوضح المتحدث ذاته أكدت أن هذه الأخيرة مهمة إلا أن أبجديات التفكير الوطني السليم تقتضي وضع ظروف المتعلم النفسية بعين الاعتبار، واضاف علي بن زينة متسائلا هل تدرك وزارة التربية الوطنية حجم ما ارتكبت من خطأ يجعل الاولياء ناقمين بما يتسبب من قلق يزيد الوباء انتعاشا وانهم يتصلون يوميا بجمعيات اولياء التلاميذ لإيجاد حلول لأبنائهم الذين يفتقرون للوسائل الكفلية بتعلمهم عن بعد.
واضاف المتحدث ذاته ان الاسبوع الاول من الدراسة لم يكن فيه اقبال، متسائل ان كانت وزارة التربية الوطنية فكرت في الاحوال الاجتماعية في مناطق قد لا يملك أصحابها تلفزيون والوزارة الوصية تبث عبر الانترنيت، وما هو موقع الوزارة من القانون التوجيهي للتربية الذي ينص على مبدأ تكافؤ الفرص، خاتما قولة بصفتي ممثل عن اولياء التلاميذ اقر ان اغلبية التلاميذ لم يطلعوا على هذه المنصات او البرامج، وعليه فإن أحسن حل يمكن تقديمه في هذه الفترة يتمثل في احتساب معدلات الفصلين الأول والثاني مع تأجيل الامتحانات الرسمية لشهادة التعليم المتوسط البيام وكذا البكالوريا إلى شهر سبتمبر المقبل.
صادق دزيري: “سيعتاد التلاميذ على التعليم شيئا فشيئا”
وقال رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين” الانباف” الصادق الدزيري في اتصال مع “الجزائر” انه لازال الوقت مبكرا للتقييم موضوعي للدراسة عن بعد، حيث اغلبية التلاميذ لم يعتادوا على مثل هذه الدروس، مشيرا انه من الارجح ان تكون نسبة التعليم عبر القنوات العمومية اكثرا تتبعا من النظام الرقمي في ظل ضعف الانترنيت ومن لا يملكونها.
وقال المتحدث ذاته أن التلاميذ سيعتادون على مثل هذه النوع من التعليم شيئا فشيئا، في المقابل يجب أن تولي وزارة التربية الوطنية أولوية للدروس المتلفزة التي تعتبر أكثر تأثيرا على التلميذ وفي متناول الجميع، وتخصيص برامج لفائدة التلاميذ بما أن كل العائلات الجزائرية تملك أجهزة تلفاز عكس الانترنيت الذي ليس متوفر على غرار الانقطاع المستمر وقلة الامكانيات وغياب التغطية في مناطق عديدة من الوطن، مثمنا الاستعانة بالقنوات التلفزيونية العمومية لتقديم الدروس للتلاميذ، حيث اعتبرها فرصة لتطوير التعليم.
نواب رفعوا تقارير لوزارة التربية حول وضعية التعليم حاليا
وفي سياق متصل، بادر نواب من البرلمان بمقترحات لإنقاذ الموسم الدراسي، ورفع العديد منهم مراسلات لوزير التربية الوطنية محمد واجعوط.
وفتح السيناتور عبد الوهاب بن زعيم، عضو مجلس الأمة النقاش حول اشكالية التدريس عن بعد على مستوى قطاع التربية الوطنية وكذا قطاعي التعليم العالي والبحث العلمي والتعليم والتكوين المهنيين معتبرا ان اللجوء مختلف الوسائل المدرجة من قبل الجهات الوصية غير كافية لضمان تمدرس جيد ولضمان وصول المعلومة للعدد الهائل من التلاميذ والطلبة، مضيفا أن مناقشات كثيرة حول فعالية الدروس عبر الإنترنت والتلفزة وبين من لا يملك الإنترنت وبين من لا يملك أجهزة الاعلام الآلي وصعوبة الفهم والمتابعة قائلا “نحن نتكلم على 10عشرة ملايين متمدرس و2مليون جامعي و2مليون بين التكوين المهني والمعاهد الأخرى”.
ودعا في هذا الشأن، رئيس لجنة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية بمجلس الأمة، مصطفى جغدالي، في رسالة وجهها إلى وزير التربية بخصوص الامتحانات النهائية “البيام” و”السانكيام” و”البكالوريا”، إلى ضرورة اقتصار مواضيع الامتحانات دروس الفصل الأول والفصل الثاني والاكتفاء بالمواد الأساسية في امتحان البكالوريا.
أميرة أمكيدش