– “الجباية البترولية توجه لتغطية نفقات التسيير بدلا من توجيهها للاستثمار”
قال الوزير الأول عبد العزيز جراد، إن الاقتصاد الموازي ما يزال يمثل إجحافا أمام الامتثال الجبائي، ما يرهن جهود الدولة في النهوض بالاستثمار وتشجيعه وكذا إخلاله بقواعد المنافسة النزيهة ويحرم الدولة من الـموارد الـمالية المرجوة، وأكد على ضرورة القيام بإصلاح في النظام الجبائي، كون “الحالي أبعد من أن يستجيب إلى متطلبات الإنصاف المنتظرة”، وأشار إلى أن الـموارد المالية للدولة تستند على الجباية البترولية، لكنها أصبحت توجه لتغطية نفقات تسيير الدولة، بدلا من أن توجه إلى الاستثمار.
وأوضح جراد في كلمته الافتتاحية لأشغال الجلسات الوطنية حول الاصلاح الجبائي التي انطلقت أمس، و تستمر على مدار يومين، أن “الاقتصاد الـموازيِ، على الرغم من كل الجهود الـمبذولة من طرف لسلطات العموميةْ لتسهيل ادماجه ، لا يزال ينشط خارج القواعد القانونية، مما يشكل إجحافا أمام الامتثال الجبائيِ، باعتبار أن الـمتعاملين في السوق الـموازيةْ لا يقدمون أي مساهمة جبائية مقارنة بالـمتعاملين الذين ينشطون ضمن الأطر القانونيةْ الذين يتحملون العبء كله من خلال الوفاء بواجباتهم الجبائية في تمويل الواردات الـمالية للدولة والجماعات الـمحلية” .
و قال جراد إن ظاهرة الاقتصاد الموازي قد تؤدي أيضا إلى التقليص من فعالية السياسات العمومية الرامية إلى التشجيعِ والنهوض بالاستثمار، لكونها تشكل عائقا يحول دون السيرِ السليمِ لـمسار الاقتصاد الوطني، مما يخل بقواعد الـمنافسة النزيهة و يحرم الدولةَ من الـمواردِ الـمالية المرجوة” .
“مرافقة خطة الانعاش الاقتصادي والاجتماعي تكون بمراجعة معمقة للنظام الجبائيِ الحالي”
من جانب آخر، قال الوزير الأول أن “معالم الجمهورية الجديدة بدأت تلوح من خلال مراجعة الدستور و خطة بعث الانعاش الاقتصادي و الاجتماعي” و أكد على ضرورة أن ترافق هذه الخطة بإعادة النظر بصفة معمقة في النظام الجبائيِ الحاليِ، وأن “هذا الإصلاح يدخل ضمن الخطوة الشاملة التي باشرتها السلطات العمومية والتي ترمي إلى مراجعة نظامنا الـمالي والمصرفيِ، بهدف دعمِ الرؤية الاقتصادية الجديدة للدولة “.
وتابع يقول أن هذه الرؤية “ستلازم بلادنا خلال العقود القادمة لمواجهة تحديات ومتطلبات توازنها المالي ، مع السهرِ على صون الطابعِ الاجتماعي للسياسات العمومية.
و تأسف جراد لكون الـموارد المالية للدولة تستند أساسا ومنذ عقود، على الجباية البترولية، التي أصبحت توجه نسبة منها في السنوات الأخيرة لتغطية جزء من نفقات تسيير الدولة، بدلا من أن توجه برمتها إلى تمويل الجهود الاستثمارية والتنموية للبلاد.
و حسب الوزير الأول فان الأمر يتعلق بمورد ماليٍ يرتكز على طاقات غير متجددة، ناهيك عن تقلبات أسعارِ هذه المادة في السوق العالمية بسبب عوامل خارجية لا نتحكم في زمامها ، مما سيؤدي حتما إلى “عدمِ ضمان متطلبات ديمومة الـموارد العمومية بما يستجيب لاحتياجات البلاد المتزايدة والمرتبطة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية”.
و بخصوص الجباية العادية، قال الوزير الأول أنه و على الرغمِ من الجهود الـمبذولة في السنوات الأخيرة على الصعيد التشريعيِ والوظيفي والتنظيمي والهيكلي ، من أجل تحديثها، لم تبلغ إلى حد الآن الـمستويات المتوقعة من الايرادات ، مما يؤثر سلبا على التوازنات الـمالية للدولة، ويعيق بعث مشاريع التنمية و تجسيدها، علاوة على ذلك- يضيف جراد- يلاحظ أن “النظام الجبائي الحالي أبعد من أن يستجيب إلى متطلبات الإنصاف المنتظرة ، انطلاقا من أن العبء الجبائيِ يتميز بسوء توزيعه بين مختلف الأعوان الاقتصاديين بناء على قدراتهم التساهمية”.
وفي هذا الصدد، قال الوزير الأول إن “خير مثال على ذلك يتجلى بكل وضوحٍ من خلال الجباية على الدخل، التي ترتكز أساسا على مداخيل الأجور، في حين أن مساهمةَ الفئات الأخرى لا تزال ضعيفة بصفة غيرِ عادية”.
ودعا الوزير الأول في هذا الإطار، المشاركين في هذه الجلسات إلى “تقديم اقتراحات و عروض يمكنها أن تضمن امتثال الـمكلفين بالضريبة إلى التوافق الجبائي، من خلال الموازنة بين القدرات التساهمية للأعوان الاقتصاديين واحتياجات تمويل الدولة، مع السهر على ضمان التوزيع العادل للعبء الجبائي”، و شدد على أن الاصلاح الجبائي المنتظر يجب أن يرتكز على الرقمنة بشكل فعلي، كما أكد على ضرورة أن يكون هذا الإصلاح مرفوقا بإعادة تأهيل الخدمة العمومية من خلال الاصغاء لانشغالات الـمواطن والقضاء الجذري على البيروقراطية ومكافحة كل أشكال الـممارسات السلبية التي تضر الاقتصاد الوطني و تعيق مشروع إعادة بناءه.
رزيقة.خ