توجت التحركات الدبلوماسية المكثفة التي قادتها الجزائر في الأيام الأخيرة، في إطار مساعيها لإيجاد حل سياسي سلمي للأزمة الليبية، بإعلان الإطراف المتقاتلة في ليبيا عن وقف إطلاق النار بداية من ليلة أمس الأحد، وهو ما يعتبر حسب الكثير من المراقبين إنجازا كبيرا للدبلوماسية الجزائرية التي استطاعت في فترة وجيزة جدا أن تسترجع مكانتها على الساحة الإقليمية والدولية، وتمكنت من فرض رؤيتها القائمة على الحل السياسي لمختلف الأزمات.
لا يختلف اثنان بأن الدبلوماسية الجزائرية كان لها دور بارز في توصل الأطراف الليبية المتصارعة إلى اتفاق حول وقف إطلاق النار، ورغم أن هذا الإعلان يأتي تطبيقا للدعوة التي وجهها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول الأربعاء الماضي، للأطراف الليبية المتصارعة، غير أنه لم يكن ليتخذ هذا قرار لولا الضغط الذي مارسته الجزائر وإصرارها على موقفها الرافض لأي تدخل أجنبي مهما كان نوعه على الأراضي الليبية، ومن أي طرف كان حتى وان كان من حلفائها الاستراتجيين، وإدراك كل روسيا وتركيا وباقي الدول الأخرى للوزن الذي يلعبه موقف الجزائر في هذا الملف، كما أن هذا القرار-وقف إطلاق النار- لم يكن يتحقق لولا التحركات الماراطونية للدبلوماسية الجزائرية، فالجزائر رمت بكل ثقلها الدبلوماسي في هذا الملف، وهذا ما يظهر جليا من الإنزال الدبلوماسي الكبير لعدد كبير من المسؤولين الأجانب والوفود التي حلت ببلادنا الأسبوع الماضي، حيث تواصلت زيارات عدة وفود عربية وغربية للجزائر، في الفترة الأخيرة ، للتباحث حول تسوية المسألة الليبية ، واستشارة الجزائر فيها، وكانت البداية بزيارة رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، تلتها مباشرة زيارة وزير الخارجية التركي ، وهي التي تزامنت مع المكالمة الهاتفية للمستشارة الألمانية أنجيلا ماركل مع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون حيث وجهت له خلالها دعوة لحضور مؤتمر برلين حول ليبيا مطلع الشهر القادم، ثم تلتها زيارة كل من وزيري الخارجية المصري سامح شكري ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي، لويجي دي مايو، إضافة إلى الاتصالات المكثفة التي قام بها والتي تلقاها وزير الخارجية صبري بوقادوم من نظرائه من مختلف الدول ذات الصلة من قريب أو بعيد بالأزمة الليبية إلى زيارة وفد رفيع المستوى أوفده المشير حليفة حفتر استقبل من طرف وزير بوقادوم مساء أول أمس، وهو اللقاء الذي يراه المتتبعين قد أسهم في إنجاح المساعي التي تكللت بإعلان حفتر وقف إطلاق النار.
المحلل السياسي الليبي محمد الروياتي:
“تحالفات الجزائر وتونس وتركيا ضغطت باتجاه وقف إطلاق النار”
ويرى المحلل السياسي الليبي محمد الروياتي أن الحراك السياسي المحموم الذي شهدته العديد من الدول وعلى رأسها الجزائر قد ألقى بضلاله على تغير المشهد السياسي وتوجهاته.
وقال المحلل السياسي الليبي في تصريح للإذاعة الوطنية”، أمس، أن “هناك تفاهمات تكون قد جرت في الكواليس”، مضيفا أن تحالفات الجزائر وتونس وتركيا ألقت بضلالها على العمليات العسكرية في ليبيا وضغطت باتجاه وقفه”.
واعتبر الروياتي أن الرحلات المكوكية والاجتماعات لوزراء خارجية تركيا ومصر وإيطاليا في الجزائر لا شك أنها تحصلت إلى إشارات ورسائل مفادها أن مشروع دخول قوات حفتر إلى طرابلس خط أحمر.
ويعتقد الروياتي أن وقف إطلاق النار “هو خطوة في اتجاه التسوية السياسية ولجم مساعي الإطراف الساعية إلى العسكرة”، مشيدا بدور الجزائر التي عملت في الخفاء بطريقة ضابطة للإيقاع حسب تعبيره من أجل إنتاج هذه الهدنة.
تبون يستقبل ممثل الرئيس الكونغولي، رئيس اللجنة رفيعة المستوى بالاتحاد الإفريقي حول ليبيا
استقبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مساء أول أمس، وزير الخارجية والتعاون الكونغولي جان كلود غاكوسو ومبعوث الرئيس الكونغولي دونيس ساسو نغيسو، بصفته رئيس اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الإفريقي حول ليبيا.
وحسب بيان رئاسة الجمهورية فإن الوزير الكونغولي حمل رسالة للرئيس تبون من نظيره الكونغولي بصفته رئيس اللجنة رفيعة المستوى للإتحاد الإفريقي حول ليبيا، وأضاف البيان أن الرئيس الكونغولي يترأس لجنة رفيعة المستوى لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي حول ليبيا. وحضر اللقاء كل من مدير الديوان برئاسة الجمهورية نورالدين عيادي، وكذا وزير الشؤون الخارجية صبري بوقادوم كما حضر اللقاء الوزير المستشار والناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بلعيد محند اوسعيد، وأيضا كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية بالخارج رشيد بلادهان.
وأوضح بيان لوزارة الخارجية أن “زيارة رئيس الديبلوماسية الكونغولية إلى الجزائر ستتمحور حول الوضع في ليبيا والتطورات الأخيرة الحاصلة بهذا البلد الجار”، وأضاف بيان الخارجية أن “هذه الزيارة ستشكل أيضا فرصة لاستعراض وضعية العلاقات الثنائية و البحث عن السبل و الطرق الكفيلة بترقية وتكثيف التعاون بين البلدين”.
بوقادوم يستقبل وفدا رفيع المستوى موفدا من خليفة حفتر
كشفت بيان تابع للحكومة الموالية لخليفة حفتر عن لقاء جمع وزير الخارجية صبري بوقادوم بوفد ممثل عن حفتر بالجزائر أول أمس، وأفاد المصدر أن وزارة الشؤون الخارجية وجهت دعوة رسمية إلى ما أسماه البيان “وزارة الخارجية بالحكومة المؤقتة الليبية ” التابعة لحفتر، لعقد اجتماع صباح أول أمس بمقر رئاسة الجمهورية بزرالدة.
وأشار المصدر ذاته، أن الاجتماع ضم وفد رفيع المستوى يتمثل في كل عبد السلام البدري الذي يوصف حسب قوات حفتر أنه “نائب رئيس مجلس الوزراء”، وعبد الهادي الحويج وزير للخارجية، وإبراهيم بوشناف كوزير الداخلية، و اللواء، يونس فرحات” الذي يعتبر ك”وزير للدفاع” في الحكومة ذاتها، وأوضح البيان أن عبد الهادي الحويج تقدم بالشكر لوزير الخارجية صبري بوقادوم، كما نقل تحيات “رئيس مجلس الوزراء عبد الله الثني وتهنئة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون بانتخابه رئيسا للجمهورية”.
وأكد البيان أن الطرفين “اتفقا على مزيد من التنسيق والتعاون والتشاور في مختلف المجالات بما يضمن أمن و استقرار وسيادة ليبيا”، خاصة وأن البلدان-يقول البيان دائما- يؤمنان بأن السلام في ليبيا يرتبط بالفضاء المغاربي والمتوسطي و العربي والإفريقي والدولي، وأن لا مصلحة للجزائر دون أمن واستقرار ليبيا.
الجزائر تبحث تطورات الأزمة الليبية والعراقية في البرلمان العربي
تشارك الجزائر، بداية من اليوم، في اجتماع للبرلمان العربي، المنعقد بالعاصمة المصرية القاهرة، من المنتظر أن يصدر قرارا بخصوص تطورات الوضع في ليبيا والعراق.
وأفاد بيان لمجلس الأمة، أمس، أن الجزائر ستكون ممثلة بالعضو في البرلمان العربي، السيناتور عن الثلث الرئاسي عبد الكريم قريشي، بدء من اليوم وإلى غاية يوم الأربعاء القادم. ويتضمن جدول الأعمال، اجتماع المكتب والجلسة العامة واجتماعات اللجان الدائمة، وكذا انعقاد اجتماعات اللجان الفرعية على غرار اللجنة المعنية بتقديم تصور عن وثيقة تطوير التعليم في العالم العربي.
من جهته، قال البرلمان العربي في بيان له، أمس، إن اجتماعا سينعقد يوم الأربعاء، بحضور رئيس مجلس النواب في دولة ليبيا المستشار عقيلة صالح، والذي سيلقي كلمة أمام البرلمان العربي عن آخر التطورات في الشأن الليبي، وسيصدر البرلمان العربي قراراً بشأن تطورات الأوضاع في دولة ليبيا.
ومن المقرر أن تناقش جلسة البرلمان العربي أيضاً تطورات الأوضاع المستجدة في جمهورية العراق في ظل تزايد أعداد المخطوفين والمقتولين من المتظاهرين السلميين ووصول عدد المصابين منهم إلى ما يربو على العشرين ألف مصاب وسيصدر البرلمان العربي قراراً بشأن ذلك.
بوتين يعول على التزام الأطراف الليبية بمبادرة وقف إطلاق النار
من جانبه قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أول أمس، ، إنه يعول على التزام الأطراف في ليبيا بمبادرة وقف إطلاق النار التي دعا إليها بشكل مشترك مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأضاف بوتين، خلال مؤتمر صحفي عقده مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالعاصمة الروسية موسكو، أنه “من المهم وضع حد للمواجهة المسلحة” بين قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر وقوات حكومة “الوفاق الوطني” و”وقف إطلاق النار، واتخاذ إجراءات استئناف الحوار السياسي بهدف نهائي هو التغلب على الانقسام داخل البلاد، وتشكيل مؤسسات الدولة”.
وأوضح بوتين- حسب ما نقلته وكالة سبوتنيك- أنه بحث مع ميركل قضايا دولية وإقليمية والأوضاع في ليبيا، وأكد أن الاشتباكات في ليبيا تنعكس أيضا بشكل سلبي على أوروبا من حيث الهجرة غير القانونية والتهريب وانتشار السلاح والمخدرات.
وردا على سؤال صحفي عمّ إذا كانت لدى روسيا مرتزقة تحارب في ليبيا، قال بوتين إنه “حتى لو كان هناك مواطنون روس في ليبيا، فإنهم لا يمثلون مصالح الدولة الروسية ولا يتقاضون أجورا من الدولة الروسية”.
وأضاف: “بشكل عام ووفقًا لبياناتنا فإنه يوجد في منطقة النزاع في ليبيا، العديد من المرتزقة القادمين من منطقة إدلب السورية”، وتابع: “هذه مرحلة خطيرة للغاية ولقد تحدثنا مع أردوغان عن هذا الموضوع، وبعد اتفاقنا نأمل أن تتوقف الاشتباكات وأن ينتهي إرسال المرتزقة إلى ليبيا من مناطق الصراع الأخرى بما في ذلك سوريا”.
إيطاليا وفرنسا تؤكدان أهمية التنسيق الأوروبي بشأن ليبيا
من جهة أخرى، أكد كل من رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على أهمية التنسيق أوروبيا بشأن الأوضاع في ليبيا، بحسب رئاسة الوزراء الإيطالية.
وقالت رئاسة الوزراء الإيطالية، في بيان لها أول أمس، إن كونتي بحث مع ماكرون، خلال مكالمة هاتفية، أول أمس، الوضع في ليبيا، وأطلعه على محتوى لقائه مع رئيس الحكومة الليبية، فائز السراج، أول أمس، ولقائه مع حفتر، الأربعاء الماضي.
وأضافت أن “رئيس الوزراء كونتي والرئيس ماكرون أكدا على أهمية التنسيق على المستوى الأوروبي، لتعزيز الاستقرار والسلام في ليبيا”.
رزيقة.خ