تواصلت جهود الجزائر في قطاع التربية والتعليم منذ السنوات الأولى للإستقلال من خلال توفير الإمكانيات المادية والبشرية وإصلاحات شاملة تهدف لبناء منظومة تربوية مسايرة لمختلف التغيرات الحاصلة في العالم وللتطورات التكنولوجية المتسارعة.
وتولي الجزائر، بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أهمية قصوى لهذه الإصلاحات التي تتعلق أساسا بعصرنة البرامج البيداغوجية وجعلها ذات جودة ومردودية, وتكوين المعلمين, وإعادة النظر في القانون الخاص بالأستاذ, وكذا تحسين المناهج, وتوفير الظروف الملائمة للتمدرس.
كما تركز الجزائر, التي تحتفل هذه السنة بالذكرى الـ 60 لاسترجاع السيادة الوطنية, على رقمنة القطاع, وترقية مادة الرياضيات, واعتماد اللغة الإنجليزية منذ الطور الابتدائي, وإدماج الفن في التعليم الثانوي, وتدعيم ممارسة التربية الرياضية في الطور الابتدائي, وكذا التكفل بالتلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة.
واعتمدت الحكومة, في مخطط عملها, استراتيجية ترتكز على خمسة محاور رئيسية من أجل تحسين نوعية المنظومة التربية والبحث العلمي تتمثل في: إصلاح البيداغوجيا, إصلاح منظومة التقييم والتقدم والتوجيه, تحسين جودة التأطير, تحسين حوكمة المنظومة التربوية ودعم التمدرس.
ويهدف مخطط عمل الحكومة, المستمد من برنامج رئيس الجمهورية والتزاماته ال54, إلى تحقيق التنمية البشرية وتعزيز الرأسمال البشري وكذا تحسين الإطار المعيشي للمواطن, مع الحرص على ضمان سياسة اجتماعية عادلة.
ويسهر الرئيس تبون على إصلاح المنظومة التربوية في كل جوانبها وقد أمر خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس الوزراء في 19 يونيو 2022 باعتماد اللغة الإنجليزية بدءا من الطور الابتدائي وهذا بعد دراسة عميقة للخبراء والمختصين.
كما شدد رئيس الجمهورية على ضرورة مراجعة البرامج التعليمية وفق أهداف مسطرة ومحددة تعتمد بالأساس على نتائج التعليم التربوي, مع تحديد رزنامة لا تقل عن عامين أو ثلاثة لتنفيذها, ومنع مراجعة البرامج التعليمية خلال المواسم الدراسية.
وقد أسدى أيضا تعليمات إلى الحكومة بإطلاق فوري لاستشارة واسعة بين الفاعلين في قطاع التربية بخصوص ثقل المحفظة المدرسية للخروج بنظرة موحدة حول هذه الظاهرة واعتمادها مباشرة, وهذا من أجل إيجاد حلول فورية لمعاناة التلاميذ.
ويؤكد الرئيس تبون دائما خلال اجتماعات مجلس الوزراء على تحسين ظروف التمدرس و النقل المدرسي خصوصا في مناطق الظل, الى جانب تكوين الأساتذة وتحسين الأوضاع المهنية والاجتماعية لمنتسبي القطاع وإعادة النظر في القانون الخاص بالأستاذ تنفيذا لالتزاماته في إطار إصلاح المنظومة التربوية.
وكان رئيس الجمهورية قد كلف الحكومة بإيجاد الآليات الملائمة للتكفل بالأطفال المصابين بالتوحد و أكد على ضرورة توفير كافة الشروط لإنجاح مشروع استحداث بكالوريا الفنون الذي يهدف إلى ضمان تكوين جيل جديد من محترفي الفن في مختلف التخصصات.
الدخول المدرسي 2022- 2023
تعمل وزارة التربية الوطنية على تنفيذ العديد من الإصلاحات التي أمر بها رئيس الجمهورية في سبيل منظومة نوعية وذات مردودية, وهذا من خلال تبني عدة إجراءات ستبدأ في وضعها حيز التنفيذ بدءا من الدخول المدرسي القادم 2022- 2023.
ففي إطار مراجعة البرامج, كشف رئيس الجمهورية في 30 يوليو الماضي أن قرار تعليم الإنجليزية في الطور الابتدائي سيطبق خلال العام الجاري, و ذلك مسايرة للعولمة.
وقال من جهته وزير القطاع, عبد الحكيم بلعابد, في 27 يوليو الماضي, أنه سيشرع في اجراءات تخفيف المحفظة بداية من الدخول المدرسي المقبل من خلال التجهيز التدريجي باللوحات الرقمية لما يربو عن 1600 مدرسة ابتدائية عبر الوطن.
وأضاف أن التعليم الثانوي العام والتكنولوجي سيتدعم ابتداء من الموسم الدراسي القادم باستحداث شعبة الفنون بخياراتها الأربعة (فنون تشكيلية, موسيقى, مسرح, سينما سمعي بصري) مع إقرار ثانوية وطنية للفنون يكون مقرها بالجزائر العاصمة.
وفي الشق المهني الاجتماعي, أشار الوزير الى أن قطاع التربية سيواصل العمل الحثيث مع الشركاء الاجتماعيين بوضع اللمسات الأخيرة لمشروع القانون الأساسي الخاص بالأسلاك الخاصة بالتربية الوطنية بما يستجيب لتطلعات أفراد الجماعة التربوية ويحسن من واقعهم المادي والمعنوي والمهني.
ويعطي القطاع أهمية لمادة الرياضيات حيث يعمل على إعادة النظر في كيفيات توجيه التلاميذ نحو شعبتي الرياضيات وتقني رياضي في إطار مسعى ترقية هذه المادة بالغة الأهمية والرفع من مستوى التلاميذ فيها, خصوصا مع إنشاء مدرسة عليا للرياضيات ومدرسة عليا للذكاء الاصطناعي في 2021.
أرقام وحقائق
ارتفع العدد الإجمالي للمتمدرسين في الجزائر بأكثر من عشرة أضعاف منذ 1962 ليبلغ أزيد من 10 ملايين تلميذ عند الدخول المدرسي 2021- 2022.
وبلغ من جهته تعداد منتسبي القطاع, في إطار هذا الدخول المدرسي, أكثر من 816 ألف موظف بين أساتذة وعمال إداريين ومهنيين، وقد تجاوز عدد الأساتذة 510 ألف موزعين على الأطوار التعليمية الثلاث.
ويقدر العدد الإجمالي للمؤسسات التربوية ب 28.585 مؤسسة منها 20.100 مؤسسة في الابتدائي و5657 في المتوسط و2678 في الثانوي.
وتولي الدولة أيضا اهتماما لمرافق الدعم لما لها من دور في تحسين المردود المدرسي للتلميذ والأداء البيداغوجي للأستاذ حيث يبلغ إجمالي الحظيرة الوطنية لمرافق الدعم 15.748 مطعم مدرسي, هذا ويعد قطاع النقل المدرسي 15.663 حافلة.
وعرف أيضا هذا الدخول إدماج 32.753 تلميذ وتلميذة من ذوي الاحتياجات الخاصة (المكفوفين), وقد استفادت أيضا هذه الفئة من إصدار كتب علمية جديدة مكتوبة بالبراي وهي سابقة في العالم العربي وإفريقيا ما سيمكن هؤلاء من الدراسة في الشعب العلمية ومواصلة الدراسات العليا في الجامعة.
وتعمل الجزائر, التي كرست مبدأ مجانية التعليم للجميع منذ الاستقلال من أجل بناء منظومة تربوية تعتبر كمحرك حقيقي للتغيير والتقدم الشامل.
وأج