يتحدث كاتب السيناريو عبد الهادي بلغيث، عن صناعة الأعمال الدرامية بما فيه مجال كتابة السيناريو، معتبرا أنه بحاجة إلى إصلاح شامل، من شأنه أن يرفع مستوى الأعمال التلفزيونية الجزائرية، تبدأ بتوفير الظروف المناسبة للإبداع وتنظيم أمور الانتاج.
وحذر ابن حاسي الرمل في ولاية الأغواط في حوار له مع “الجزائر”، من لجوء صناع الدراما إلى اقتباس المسلسلات الأجنبية، التركية على وجه التحديد، معتبرا أنها مجرد استسهال وبناء نجاح وهمي في زمن فقدنا فيه الهوية الفنية، مشددا في سياق آخر أن يكون لكتاب السيناريو اطلاع شامل لمختلف شرائح المجتمع، مع البحث والاجتهاد من أجل كتابة عمل يلائم الواقع المعيش.
في كل موسم من مواسم الأعمال التلفزيونية الجزائرية (رمضان)، يكثر الحديث عن ضعف السيناريو وهناك حتى من يصفها بالرّتابة وهو مايخلق جدلا كبيرا… هل تتفق مع هذا الرأي؟
أود القول أنه لم تكن هناك أزمة سيناريو أو أزمة كتاب سيناريو بهذا الشكل المتفاقم، وداء الأزمة الفنية الذي أدى لغياب كتاب السيناريو هو ضعف الإنتاج الفني مع قلة الإمكانيات اللازمة لنجاح أي عمل فني وهذا لعزوف بعض كتاب السيناريو عن الكتابة واعتراضهم عن تقديم أي عمل درامي، وغيابهم عن الساحة الفنية ترك لنا فراغا كبير لا يمكن سده.
هناك من الجمهور من يعتبر بأن الجزائر تخلو من كتاب سيناريو حقيقيين… ككاتب سيناريو كيف ترد على هؤلاء؟
معظم هؤلاء نسوا بأن السيناريو هو سبيل الوحيد لإنعاش السينما والمسرح وحتى التلفزيون، في مجال صناعة الأفلام والمسلسلات في الجزائر، جعل المخرج يصبح سيناريست وسببه يتضح في ندرة كتاب السيناريو المحترفين، الذين مورست عليهم ضغوطات كثيرة سلبتهم متعة الكتابة، مما أدى هذا بالمخرجين ليتحملوا إضافة إلى عملهم عبئ كتابة السيناريو وأحيانا مدراء تصوير وأحيانا مصممي الماكياج ومصففات الشعر يشاركون في إعداد السيناريو لأن هناك زعزعة وهشاشة في قطاع صناعة الأعمال الدرامية بسبب طغيان بعض المنتجين المتحكمين بمنابع التمويل.
طيب، وماذا بخصوص الأعمال المقتبسة من الأعمال التركية، التي تأتي بالنص التركي وتجسده هنا؟
كل المجالات الفنية المختلفة ومن بينها الدراما التلفزيونية والسينما تشكل صورة متكاملة تعكس واقع مجتمعنا وأنماطه الحياتية وثقافاته ومناخاته هناك أعمال درامية عربية مقتبسة من مسلسلات تركية طمست هويتنا وثقافتنا.
ظاهرة نسخ المسلسلات التركية ولصقها في مسلسلات عربية اتخذت منحى آخر خطير يهدد كينونة وهوية أعمالنا، فتحولت إلى استنساخ عربي شامل للأعمال التركية بكل تفصيلاتها وحواراتها وعاداتها وتقاليدها وإيصالها للمتلقي، بالإضافة إلى إقحام مشاهد الاستعراض والبذخ والرومانسية المعفنة والخيانات الزوجية المشروعة.
الأعمال الدرامية المقتبسة باتت تلقى رواجاً وإقبالاً واسعاً من شركات الإنتاج التي وجدت فيها تجارة جديدة تدر عليها الأرباح، ومضت إلى شراء حقوق محتواها الدرامي لإعادة صياغته، أضف على ذلك فإن لجوء صناع الدراما إلى اقتباس مسلسلات مجرد استسهال وبناء نجاح وهمي في زمن فقدنا فيه الهوية الفنية، أصبحنا نشاهد أعمال تنافِ القيم والمبادئ حتى غزت عقول المراهقين لدرجة أنهم انحرفوا فكريا وإيديولوجيا و ثقافيا.
وماذا عن الجزائر إذن؟
يوجد في الجزائر كتاب سيناريو يمتلكون أقلام إبداعية وأعمال جذابة، السيناريست الجيد هو الملم بجميع الأدوات والقواعد في كتابة السيناريو لكي يستطيع أن يكتب نصا قويا يجذب به المتلقي، النص الجيد هو الذي يحتوي على قصة جذابة مقنعة مليئة بالأحداث والأفكار القوية وبحوار مؤثر، وطبعا هناك ركائز يجب أن تتوفر لدى كل كاتب سيناريو من بينها كثرة المطالعة اليومية لتعبئة الرصيد المعرفي والثقافي ولكي تساعدك على سهولة وسلاسة الكتابة وسرد الأحداث بطريقة صحيحة وقوية.
على كاتب السيناريو أن يهتم في أعماله على الأشياء التي تبرز فيها قيم التعايش الإنساني التي تقدم تاريخ هذا المجتمع و تطلعاته من خلال رسم استحضار الماضي، ومواكبة الحاضر ورسم أفق المستقبل، لأن السيناريو هو العمود الفقري لإبداع الفني فهو مرآة المجتمع التي تعكس فيها علاقة الإنسان بالمجتمع والدولة وترابطه بنفسه ومحيطه مع احترام الاختلاف الثقافي والمذهبي والديني والطبقي.
بطبيعة الحال الثقافة العامة للمجتمع من عاداته وتقاليده لها دورا أساسيا في بناء الشخوص لأننا عند رسم الشخصيات وتطويرها في السيناريو نعتمد على دراسة شاملة من عدة جوانب الاجتماعية، النفسية، الطبيعية، الجسدية، الثقافية.
وكلما كانت الشخصيات جذابة ومقنعة ومستوحاة من الوسط المعاش وتحاكي الواقع ستجد المشاهد يهتم بأدق التفاصيل لها لدرجة أنه يتقمصها في حياته اليومية وهذا سر نجاح أي عمل درامي روائي. كلما كانت الشخصيات قريبة من المجتمع سيحبها الجمهور ويتعلق بها.
السيناريو الناجح لأي عمل درامي ما، يجب أن يكون واضحا ومنطقيا وجذابا ويتماشى مع الواقع الجزائري المعيش من غير المعقول أن تصور أعمالا درامية في فيلات وقصور ضخمة وسيارات لأخر صيحة ونحن نعيش واقعا مريرا تتخلله أزمات المواد الغذائية والسكن أي المواطن إذا شاهد عملا فنيا تم تصويره في فيلا سيندهش ويعتبر العمل في غير الجزائر، يعني يجب أن تكون لكتاب السيناريو دراسة شاملة لمختلف شرائح المجتمع وما يحبه وما ينفر منه، فالسيناريست الذي لا يتعب ويبحث لن ينجح أبدا.
برأيك كيف نخرج بكتابة السيناريو إلى بر الأمان، ونرجع لهذا الجانب أهميته كونه هو الذي يرتكز عليه العمل ككل؟
نخرج بكتابة السيناريو إلى بر الأمان إذا وجدنا منتجا حقيقيا مخلصا وصاحب ضمير مهني وأخلاقي يوفر لك كل السبل لإنجاح عملك الدرامي.
هل من أعمال تعكف على تحضيرها حاليا؟
توجد أعمال درامية أقوم بتأليفها إن وجدت لها منتجا سترى النور أكيد.
صبرينة ك