حذر الخبير الطاقوي، مهماه بوزيان من أزمة محتملة تمس العالم بأسره المتمثلة في الجفاف، وشدد على ضرورة التوجه نحو وضع مخطط وطني محكم، والاستعانة بشركاء أجانب من ذوي الخبرة الواسعة، إضافة إلى ضرورة حشد وزارة الموارد المائية الاستثمارات لتجديد شبكة توزيع المياه لتفادي الهدر، وأكد المتحدث أن الحل لأزمة المياه إنجاز سدود صغيرة وبعدها التوجه لانجاز محطات تحلية مياه البحر ذات مرودية عالية.
وأوضح الخبير الطاقوي، مهمام بوزيان في تصريح لـ”الجزائر” أنه “يجب التركيز ونحن نعيش أزمة تراجع كبير في مستوى المياه ، على النقطة الجوهرية، وهي أن العالم سيعرف بعد جائحة كورونا حسب الدراسات العلمية آفة الجفاف خاصة بالمناطق الحارة التي تشمل شمال إفريقيا والشرق الأوسط وحتى أمريكا الشمالية”.
وأضاف “منذ 25 سنة حذر المختصون في الجزائر من هذا الأمر، خاصة وأن البلاد لاسيما بالمناطق الداخلية والمناطق الساحلية الغربية قد عانت من الأمر ذاته منذ أزيد من 25 سنة، وكان الحل آنذاك التوجه لتحلية مياه البحر كونه الحل الاضطراري والوحيد، غير أنه وبعد إيجاد حل مؤقت لهذا المشكل لم يتم التفكير لما سيكون مستقبلا، واليوم بعد أن شهدت الجزائر المشكل ذاته لكن بصفة أشد، قد نتجه للحلول التي تكون جاهزة، كإنشاء محطات لتحلية مياه البحر التي يتم من خلالها استخدام تقنيات وتكنولوجيات عالية ومكلفة”، ومن هذه التقنيات أشار مهماه إلى تقنية “أغشية التصفية”، وقال إن مشكلتها في أنها مكلفة حيث يجب تغيير الأغشية كل 5 سنوات وأن مدة عمرها قصيرة، أما التقنية الثانية وتتعلق بتقنية “متعددة الفلاش”، والتقنية الثالثة وهي تقنية “السحب” وتكثيفها التي في الأخير تعطينا مياه أمطار صافية، غير أنه أكد أن “هذه التقنيات تبقى مكلفة وتحتاج تكنولوجيات عالية يصعب التحكم في بعضها”.
تحلية مياه البحر تحتاج إلى طاقة كبيرة وأموال
ويقول الخبير الطاقوي، بوزيان إن “تحلية مياه البحر تحتاج إلى طاقة كبيرة، وقد فكرت الجزائر في السابق لإنشاء محطات لتحلية البحر تسير عن طريق الطاقة النووية المدنية، أي الكهرباء المنتجة عن طريق الطاقة النووية المدنية، غير أنه تم استبعاد هذا الحل، لأن قلب المفاعلات النووية يحتاج كمية كبيرة للمياه للتبريد وهو ما يتطلب أن تكون قرب الساحل، لكن الشريط الساحلي الجزائري نشيط زلزاليا، ما أدى إلى استبعاد الحل، وتم التفكير في إنتاج الطاقة الكهربائية من السدود مثل سد بني هارون بولاية ميلة لكن تم التخلي عن هذه الفكرة أيضا لتتجه في الأخير لإنتاج الكهرباء عن طريق الغاز، لكن يبقى هذا الحل أيضا خطيرا كون احتياطي الجزائر من الغاز الطبيعي في تناقص مستمر وقد تضطر البلاد في 2030 إلى اختيار إما الاستهلاك الداخلي أو التصدير، وهو ما دفع بالتفكير في الطاقات المتجددة حاليا”، لكن حتى هذا الحل، يقول الخبير الطاقوي يبقى صعبا إلى حد ما، فالطاقة الشمسية التي توجد بالصحراء ولنلقها للشمال للساحل لإنتاج الطاقة الكهربائية التي تستخدم في تحلية مياه البحر عن طريق تقنية “الكهروضوئي” تبقى تقنية معقدة على مستوى الساحل بسبب مناخ الساحل الرطب الذي يؤثر على جودة الإشعاع الشمسي.
93 بالمائة من ميزانية وزارة الطاقة تصرف في تحلية مياه البحر
وأشار مهماه إلى أن وزارة الطاقة والمناجم بالخصوص مجمع سوناطراك من يتحمل عبئ تحلية مياه البحر وليس وزارة الموارد المائية، وقال في هذا الصدد إلى أن 93 بالمائة من ميزانية وزارة الطاقة والمناجم توجه لمشاريع تحلية المياه، وأضاف بالقول أن “تكلفة لتر مكعب واحد من الماء المتأتي من تحلية مياه البحر يكلف 140 دينار”.
أفضل حل لأزمة المياه إنجاز سدود صغيرة
ويرى الخبير في الطاقة، مهماه بوزيان أن “أفضل حل هو الذهاب لإنشاء السدود الصغيرة، وعدم الاعتماد فقط على السدود الكبيرة”، واعتبر أنه رغم وجود تساقط متذبذب للأمطار إلا أنه في النهاية هناك تساقط لا بأس به للأمطار”، وهناك بالمناطق الجبلية منحدرات وبها وديان يمكن ربطها بسدود صغيرة لتجميع تلك المياه بدلا من أن تذهب لتصب في البحر، وأشار في هذا الصدد إلى أن 83 بالمائة من مياه الأمطار تذهب للبحر ولا يستفاد منها، وهو ما يستدعي –حسبه- تفكير توسيع السدود الصغيرة وعدم التركيز على الاستثمار فقط في السدود الكبيرة التي تعاني اليوم من انخفاض رهيب في مستوى احتياطاتها.
يجب إنشاء محطات لتحلية مياه البحر “ذات مردودية عالية”
كما اعتبر مهماه بوزيان أنه يمكن بعدها التوجه لإنشاء محطات جديدة لتحلية مياه البحر تكون ذات مردودية عالية ومنخفضة التكلفة وتكون فترة خدمتها طويلة، وهذا يتطلب حسبه ضرورة إحداث شراكات مع شركاء ذو خبرة كبيرة في هذا المجال، وأشار إلى المباحثات التي أجرتها وزارة الطاقة مؤخرا مع اليابان فيما يتعلق بتحلية مياه البحر، حيث قال إن “اليابان لديها خبرة في هذا المجال كونها عبارة عن جزر وأرخبيل وتستمد مياه الشرب من تحلية مياه البحر، والتعاون مع هذا البلاد أمر جد إيجابي”.
استغلال المياه الجوفية يجب أن يكون بحذر لأنها غير متجددة
وفي رده على سؤال حول استغلال المياه الجوفية العذبة، قال الخبير الطاقوي إن الجزائر تحتوي على 92 ألف مليار لتر مكعب من المياه العذبة، وهي تغطي 80 بالمائة من أرض الجزائر، ويمكن استغلال هذه المياه لكن يجب أن يكون استغلالا مدروسا جيدا وبعقلانية، حيث أن هذه المياه غير متجددة، كما أن تكلفة استغلالها عالية جدا، وأشار إلى أن تكلفة ضخ لتر مكعب واحد من المياه الجوفية يكلف 10 دينار.
وحذر المتحدث ذاته من الحفر العشوائي للآبار الارتوازية في مختلف المناطق خاصة الصحراوية منها، إذ يؤدي إلى خروج المياه الجوفية بطريقة عشوائية وإلى هدرها في حين أنها غير متجددة.
وشدد على ضرورة وضع “مخطط وطني محكم” وأن تكون هناك نظرة مستقبلية، وتشكيل لجان خبرات ووضح حلول مستدامة، وتخطيط حول الزراعات والذهاب إلى الزراعات والاستثمارات الأقل استهلاكا للمياه، كما أكد على “ضرورة البحث عن حلول توفر التوازن المائي بين مختلف القطاعات كون الماء عصب الحياة وعصب كل القطاعات سواء فلاحة، صناعة، سياحة..إلخ”.
رزيقة. خ