لا ترغب اغلب الأحزاب السياسية للتطرق-على الأقل علانية- في الوقت الراهن إلى مسالة الرئاسيات القادمة، والخطة التي سوف تعتمدها في ذلك، وهو الأمر نفسه بالنسبة لحركة مجتمع السلم الذي لا يزال الغموض حول هذه المسالة قائما، أن كانت ستقدم مرشحا لها، أم أنها ستفضل اختيار”مرشح توافقي” مع المعارضة، أم أنها ستحدث مفاجئة و ستدعم مرشح السلطة.
ففي اغلب تصريحات رئيس الحركة أو القياديين نجدهم يتهربون من التحدث عن مسالة الترشيح والرئاسيات على اعتبار أن “الحديث عنه لا يزال مبكرا”، غير انه تبقى دائما ثلاث احتمالات أمام الحركة بالنسبة لهذه المسالة، إما تقديم مرشح خاص بها وهو احتمال وارد وكبير، خاصة انه اذا ما نظرنا إلى داخل الحركة حيث نجد أن هناك طموحات شخصية- وان لم تعلن رسميا- لكل من رئيس الحركة الحالي عبد الرزاق مقري، و السابق عبد المجيد مناصرة و الأسبق ابو جرة سلطاني لتقديم نفسه كمرشح للحزب لرئاسيات 2019، غير أن هذا لا يمكن الجزم به كون القرار في الأخير يتخذ على مستوى مؤسسات الحزب و ليس للأشخاص، أما الاحتمال الثاني وهو مساندة مرشح للسلطة، وهو ما عودتنا عليه الحركة، في 1999 لكن، هنا الحركة و أن ارادت هذا الخيار فهي لن تعلن عليه الا في اللحظات الأخيرة لترك “غموض” حولها، و لمحاولة الضغط على النظام و التفاوض، اما الاحتمال الثالث و هو الاحتمال الأضعف فبمساندة ترشح توافقي مع المعارضة، فالحركة و ان كان ولا يزال خطابها “معارض” ، الا انهها ابتعد شيئا عن الاحزاب المعارضة، فلا نجد لها لقاءات او حضور لنشاطات هذه الاحزاب، الى درجة ان لاقت في الآونة الأخيرة، سيلا من الانتقادات حول خطابها السياسي، بين من رأى انه تراجع عما كان عليه سابقا ، و ارجع البعض ما أسموه ب”التراجع في حدة خطاب الحركة” لأساب عدة، فقد يكون لحسابات لها علاقات بالتغيير الحكومي المرتقب ، وتأثير التيار من داخل الحركة الذي يريد العودة إلى الحكومة، و الراغب في أن يكون للحركة في هذا التغيير المرتقب “نصيب “، وعليه فرض على الحركة “خطابا أكثر نعومة” مع السلطة، أما السبب الأخر الذي يراه البعض يتعلق برغبة الحركة في رسم خط “معارض” جديد لها بعيدا عن المعارضة التقليدية الموجودة حاليا خصوصا و ان قيادييها انتقدوا في العديد من المناسبات عمل المعارضة “غير المدروس” و”غير المجدي”، سيما وان” المعارضة الحالية هزيلة ولم تستطع تقديم بديل” على حد قول الرئيس الأسبق للحركة ابو جرة سلطاني، غير أن هذا الطرح يبدو انه يقاوم هو الآخر من داخل تيار بالحركة، وفي هذا السياق يقول رئيس الكتلة البرلمانية للحركة ناصر حمدادوش في تصريح ل”الجزائر”، أن الحركة لا تزال على خطّها وموقعها في المعارضة، ولم تغيّر منه شيئان موضحا انه و “فوفق لوائحها التي صادق عليها المؤتمر الخامس سنة 2013م، فإنّ موقعها في الحكومة أو المعارضة تتخذه مؤسسات الحركة حسب نتائج الانتخابات وظروف كلّ مرحلة”.
و أكد حمدادوش أن ما تدعو إليه الحركة اليوم ” هو التوافق السياسي، لأنها وفيّةٌ لأرضية مازفران، للمعارضة مجتمعةً التي أكدت بأنّ الحلّ في الجزائر هو: بالتوافق المتفاوض عليه بين السلطة والمعارضة، وهي تتحدث عن التوافق كمنظومةٍ متكاملةٍ تشمل الرئاسيات القادمة وتشكيل حكومةٍ توافقية، وبرؤيةٍ سياسيةٍ واقتصادية ومسارٍ ديمقراطي متوافق عليه بين الجميع، وليس بمشاركة الحركة لوحدها”.
و قال حمدادوش أن “حمس لا تسعى للعودة إلى الحكومة بنفس الظروف أو الشروط التي شاركت بها في السنوات الماضية، وهذه المقاربة السياسية تفرضها لوائح الحركة وقرارات مؤسساتها، وليست لها علاقة بالتوازنات أو الضغوطات من داخل الحركة أو من خارجها. و انتقد حمدادوش من وصفهم ب”المزايدين على الحركة” و قال في هذا السياق “ولا يزايد علينا أحدٌ بذلك، فقد عُرضت علينا المشاركة في الحكومة بع تشريعيات 2017م ورفضناها، بقرارٍ سياديٍّ ومستقل، فهناك فرقٌ بين مَن يتموقع في المعارضة بإرادته واستقلال قراره مثل الحركة، وبين مَن هو مضطرٌّ إليها، لأنه لا يجد بديلاً آخر”.
رزيقة.خ
بين خيارات المشاركة والمساندة والمقاطعة والتكتل:
الوسومmain_post